عبد الحكيم الطويل
ثم في لحظة واحدة ضمن حركة طائشة من شاب في الـ 18 من عمره غير محسوبة العواقب. أخذت الصور التي في يدها وبدأت أزعم أنني أتصفحها بينما كنت أحييها!!
لا أتذكر ولا أي ملمح من هذه الصور لأنني لم أكن أشاهدها وإنما أتحدث معها ، لكنني مازلت حتى هذه اللحظة نادما أشعر بالخجل الشديد من نفسي لارتكابي هذا الطيش!!
ملاحظة مهمة قبل أن أسترسل وهي أن الشابات الليبيات آنذاك لم يرتدين النقاب ولا حتى غطاء الرأس، وإن كان لباسهن جديدا جميلا عالموضة إلا أنه كان بعيدا تماماً عن التعري والضيق الذي يكشف تفاصيل الجسد.
كنا آنذاك في أوائل ثمانينات القرن الماضي، غير أنه ما كان عليَّ أن أقوم بهذه الحركة الخاطئة أبداً!
كانت إحدى بنات أحد جيران بيت جدي، في عمري، وكنت ألتقيها وهي ضيفة في بيت جدي أو بيوت إحدى خالاتي.
الحقيقة كانت ليست قبيحة، لكنها بصدق لم تكن من النوع الذي يجذبني شيء فيها، ولا حدث أي جاذب بيني وبينها.
.كان ما بيننا مجرد تبادل لتلك التحايا المجاملاتية المختصرة، بكل تهذيب مني على الأقل، كما كنت أعلم أنها معجبة سراً بأحد أخوالي، مع أنه هو أيضاً لم يكن يفكر بها.
وبينما كنت مارا في صباح أحد أيامي الجامعية داخل أروقة كلية التربية أريد مكتبتها، لمحتها تقف في حديقة الكلية مع بعض زميلاتها، فاقتربت منهن لا لشيء إلا لأطلق عليها تحية الصباح، خشية أن تقول لخالاتي إنني مُنطوٍ ومتوحد لدرجة أنني لم أحيّها حينما رأيتها! هكذا قالت لي ظنوني وأنا في 18 من عمري، في أول تجربتي مع الحياة الجامعية.
.وحينما اقتربت قليلاً منها لم أشأ أن أقتحم عليها دائرة صديقاتها، معتقداً أن هذه المسافة كافية لرؤيتها لي، وحينما لم ترني شعرت ليس فقط بإحراج، بل خوف من أن تفسر صديقاتها وقوفي بالقرب منهن تفسيراً سيئاً ! لذا جاءت لي هذه الفكرة الطائشة وأنا في بيئة مربكة قليلاً، لا تجربة كبيرة عندي فيها،
مددت يدي بطيش وأخذت منها مجموعة الصور التي بيدها وبدأت أقلبها وأنا أقول لها صباح الخير!
.كانت نيتي أن تفهم زميلاتها أن وقوفي كان قرب شخصية قريبة مني وليس لدي أي نية سيئة تجاههن!
لكنني بعد أن حييتها وسألتني عن أمي والأسرة نطقت توضيحا لزميلاتها أدركت بعده الخطأ الكبير الذي اقترفته!
تبين أولاً أن الصور ليست لها وإنما لزميلة من زميلاتها، وأنها صور عائلية للأسف لمناسبة عائلية! ولم يكن إحراجي لأن شخصيات الصورة غير محجبات فكما أسلفت لم يكن الحجاب متعارفا عليه بيننا آنذاك وكلهن كن يقفن بدونه، وإنما كان لسبب أسوأ بكثيرا!! فها أنني وضعت نفسي في موقع ذلك الوقح قليل الأدب الذي لا يراعي حرمات الأخريات أي قيمة.
ثم ازدادت رغبتي في أن تنشق الأرض وتبلعني حينما قالت لهن: معليشي هادا قريبي (وأنا لست قريبا لها!) وراجل طيب والله ما يقصد!
كنت فعلاً طيبا، وبالفعل لم أقصد، لكنني فهمت أنها كانت تريد أن تقول لهن لا تتضايقن منه فهذا الطفولي عبيط لا يشكل الجنس الآخر أي اهتمام له!!
استفقت متأخراً بعدها على جرمي! فأسرعت متأخراً أكثر في رد الصور لها، ثم حييتها مرتبكاً مغادراً الجمع بعد أن أصبته بصدمة صمت.
لا أتذكر بعدها إلا أن قالت لي مازحة وأنا أغادرهن: ” تعالا زورنا مرة مرة ما تغطسش هلبا في النووية “.
الحقيقة أنني لم ألتقِها بعد هذا الموقف أبداً ، و أظن أنها جدة الآن.
لكنني أتصور أنها مازالت تسخر من ذلك الأخرق الذي اقتحم وقفتها الحميمية مع صديقاتها بكل عبط، منذ أكثر من 40 سنة مضت !!
صورتي المرفقة من ذلك العهد المحرج!!