خطرها

خطرها

لماذا جئنا إلى هذا العالم المتوحّش ؟

  •  أحمد الأحجل

(1)

يا صديقي ..

هل خطر ببالك يومًا أن وجودنا في هذا العالم ليس صدفة، بل امتحانٌ في التوحّش ذاته؟ ..

أننا وُجدنا لا لننعم بالطمأنينة، بل لنعرف كيف نصنع الطمأنينة في قلب العاصفة؟ ..

(2)

يا صديقي ..

جئنا إلى عالمٍ لا يُشبه الحكايات، بل يُشبه السؤالَ المفتوح ..

عالمٍ يُزيّن قسوته بالضوء، ويُخفي خلف بريقه أنيابًا تنهش الضعف فينا ..

لكن ربما في هذا التوحّش سرّ الحكمة، لأن الإنسان لا يُدرك معنى الإنسان إلا حينما يواجه ضدَّه ..

(3)

يا صديقي ..

لو كان العالم رقيقًا كالحلم، لما عرفنا طعم النهوض بعد السقوط،ولما أدركنا أن الجمال لا يُدرك إلا حين يُولد من الرماد ..

فربما جئنا لا لنُسالم العالم، بل لنُهذّبه بوجعنا، ونُروّض وحشيّته بإنسانيّتنا ..

(4)

يا صديقي ..

كم يبدو العالم متوحّشًا، لا لأنه قاتلٌ بطبعه، بل لأن الإنسان فيه نسي وجهه الأول ..

نسي أن الله أودع فيه النور، فراح يعبد الظلّ ويُقاتل لأجله ..

أليس هذا التوحّش فينا قبل أن يكون حولنا؟ ..

(5)

يا صديقي ..

جئنا إلى هذا العالم لا لننهزم أمام قسوته، بل لنكشف زيفها ..

لنُثبت أن في داخل الوحش طفلًا يبكي، وأن في قلب الخراب زهرة تنتظر من يؤمن بجدواها ..

فليس الانتصار أن تُسكت صرخة الألم، بل أن تحوّلها إلى نغمةٍ تُذكّرك بأنك حيّ ..

(6)

يا صديقي ..

في هذا العالم المتوحّش، كلُّ جرحٍ طريق، وكلُّ دمعةٍ درس،

وكلُّ خيبةٍ نافذةٌ تطلّ على معنى جديدٍ للحياة ..

فالذي لم يُختبر بنار القسوة، لن يعرف طعم النقاء ..

(7)

يا صديقي ..

ربما جئنا إلى هذا العالم لنتعلّم كيف نُحب رغم الكراهية،

وكيف نُضيء رغم العتمة، وكيف نؤمن رغم كلِّ خيبةٍ تهزُّنا ..

لأن في كل لحظةٍ نختار فيها الإنسانَ رغم الوحش، نُعلن أن الرسالة لم تَضِع ..

(8)

يا صديقي ..

العالم المتوحّش ليس قدرًا علينا، بل مرآةٌ لنا ..

وإن تغيّر وجه الإنسان، تغيّر وجه العالم ..

فحين نُطهّر الداخل، يُصبح الخارج أقلّ افتراسًا ..

(9)

يا صديقي ..

جئنا إلى هذا العالم لا لنُغيّره فقط، بل لنعرف من نحن وسط زئيره ..

لنكتشف أن الوحش الحقيقي ليس في الغابة، بل فينا إن نحن نسينا إنساننا ..

(10)

يا صديقي ..

ربما لم نُخلق لننجو، بل لننضج ..

ولن ندرك سرَّ وجودنا إلا حين نرى في أنياب التوحّش دعوةً إلى الوعي،

وفي ظلمة العالم طريقًا إلى نورٍ لا يُطفأ ..

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :