خِطَابُ الكَرَاهِيّة … وَتِيهُ العُقُولِ !

خِطَابُ الكَرَاهِيّة … وَتِيهُ العُقُولِ !

  • الكاتب / إبراهيم فرج

أعتقد أن ليبيا لم تشهد تناحرا وتلامزا وعداوة وتشفيا بين أبناء شعبها فيما سبق كما تشهده الآن وكذلك لم يسفك بها دماء كما سفكت خلال السنوات الثمانِ الماضية وإلى الآن ولم يشهد تاريخ ليبيا مثل ما ذكرت فما الذي حدث وما الذي أذكى الفتنة لتستشري بين أبناء الشعب الواحد؟ فنحن شعب يكاد يكون من صلب رجل واحد إن جاز الوصف ويجمعنا دين واحد ومذهب سني واضح ، إذن ما هو السبب ياترى ؟ ولنعرج قليلا إلى ما حدث قبل أكثر من شهر بمدينة غات وتعرضها لكارثة السيول ولنرى كيف كانت فزعة المدن الليبية لإغاثة إخوتهم بمدينة غات في صورة تجلت فيها الإنسانية في أروع صورها ، وعلى النقيض من ذلك ما يحدث من حرب على تخوم مدينة طرابلس حيث أفرزت أسوأ ما يمكن أن يطلق عليه انعدام الإنسانية في حرب الإخوة … ولن أخوض في تفاصيل ومبررات هذه الحرب بقدر ما أنني أراها كحرب البسوس قتال الإخوة لبعضهم البعض واستخدام أسوأ للسلاح وإفراط وإيغال في التشفي من بعضنا البعض..، هنا خطر ببالي السؤال ماهو السبب الذي يجعلنا نوغل في قتل بعضنا البعض ؟ كما يخطر ببالي سؤال على النقيض هل مَنْ فزع لنجدة إخوته في غات هم من نفس الشعب الذي يتقاتل على الطرف الآخر من البلاد؟ … ، ولا أجد الجواب إلا في أن ما يبث في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي من خطاب موجه مشحون بالكراهية والحقد وبث السموم في عقول المتلقين هو السبب الرئيسي فيما نعانيه اليوم فإن الخطاب الذي يبث أصبح سلاحا ممنهجا تستخدمه جُل القنوات الإعلامية في توجيه الرأي العام المتعاطف مع أي من طرفي النزاع ، وبالتالي انعكست آثاره على الأرض سواء في جبهات القتال أو في الشارع الذي أصبح يتغذى على ألفاظ عدوانية أصبحت تتداول لدى أفراد الشعب ..، وما يثبث ذلك كما أشرت هو ما إن برزت كارثة إنسانية في جنوب البلاد حتى وجدنا من يعتبرون طرفَيْ نزاع في هذا الوطن يجتمعون على أمر واحد في جنوبه في تقديم المساعدة في دلالة واضحة أن هذا الشعب لم يفقد إنسانيته وعطفه ومحبته .، هنا تبرز خطورة الإعلام في تناول خطاب الكراهية وتغذية العقول به لتتوه في نشوة الاعتقاد بالانتصار والتشفي بين الإخوة بل تجاوز الأمر إلى الإشادة بالدعم الخارجي لكلا طرفي النزاع متناسين أن ما يقدم إليهم من دعم هو في واقع الأمر أداة الاقتتال بين الإخوة وتدمير لوطننا … فهل من استراحة للعقول لتعرف مدى خطورة ما يحدث لهذا الوطن؟ وأبناؤه يقاتل بعضهم البعض مما خلق بيئة مناسبة ليتوغل الإرهاب بيننا وتهمل حدود الوطن وتنتهك ، هل من استراحة للعقول لتدرك أن ما تدمره في وطننا يزيد من شهية التدخل الخارجي ليزيد من دعم المتقاتلين؟ فكل ما يدمر هو في نظرهم عقد إعادة إعمار يستحق المنافسة … فلنترك خطاب الكراهية وتيه العقول … ولنتنافس على البناء بدلا من التدمير. حفظ الله وطني وهدى الله العقول …

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :