- المحامي :: أحمد خميس
اختلف الشُراح بخصوص دور القاضي الوطني في تفسير القانون الأجنبي : فرأى بعضهم أن دور القاضي الوطني في تفسير القانون الأجنبي لا يختلف عن دوره في تفسير قانونه : فهو يبحث في الحالتين عن نية المشرع و ما يستهدفه من وراء القواعد التي صدرت عنه متحرياً في ذلك قواعد العدالة وفقاً للمفاهيم السائدة في دولة القاضي . فإذا كان للقاضي أن يستأنس في تفسيره للقوانين الأجنبية بالآراء السائدة في الفقه والقضاء ، إلاّ أنه غير ملزم بالأخذ بها , لأنه إذ يحكم بالعدل فإنه يفعل ذلك باسم الدولة التي يتبعها و تحت مسؤوليتها . كما أن أنصار هذا الاتجاه لا يسلّمون بتقييد القاضي بالحلول القضائية السائدة في الخارج إلاّ في الأحوال التي يعد القضاء فيها مصدراً رسمياً للقانون في الدولة التي يطبق قانونها . و لعلّ هذا الاتجاه قد تأثر بالنظريات الإيطالية التي ترى إدماج أحكام القانون الأجنبي في النظام الوطني و اعتبارها جزءاً منه . بينما يرى آخرون أن حكمة التشريع تقتضي تقيد القاضي بالحلول القضائية المستقرة في الدولة التي يطبق قانونها ، حتى و لو لم يكن القضاء هناك مصدراً رسمياً لقواعد القانون . وبذلك يطبق القاضي القواعد السائدة فعلاً في الخارج ، لا مجرد المبادئ التي تتضمنها النصوص الأجنبية . فنحن لا نستطيع أن نفصل النص القانوني الواجب التطبيق عن مجموع المبادئ و الحلول السائدة في المجتمع الذي يطبق فيه . وقد فهم هذه الحقيقة كل من القضاءين المصري و الفرنسي , فأكد تقيده بالحلول القضائية السائدة في الدولة التي يطبق قانونها . و هذا الرأي يتماشى مع الرأي القائل باحتفاظ القانون الأجنبي بصفته الأجنبية أمام القضاء الوطني .