دون سبب

دون سبب

  • نيفين الهوني

كان الكل نيام وأنا ألتهم سجائري المميتة إلتهام جائع للحياة والموت يترصد أنفاسي المعرضة لإلتقاط عدوى قاتلة مثل من سبقوني وبكيت عليهم بحرقة إمرأة شابة ترملت حديثا من زوجها الذي تحبه ولم تمهلها الأيام حتى تكتفي من حياتهما معا..من سبقوني من جيراني وأحبابي وحتى ألد أعدائي  .  الموت قاس الموت حارق للوجدان الموت قاتل محترف يميتك حيا  قبل أن ينتهي منك جثة هامدة .

لم أستطع النوم لا أنا ولا جارتي المزعجة التي دأبت مذ تفاجئنا جميعا بإحتجازنا القسري هنا على السهر ليلا وازعاجي بحركتها المستمرة والنوم نهارا والكل في حالة تأهب للمستجدات الوبائية المنتشرة في كل العالم ومتلاحقة التطور بسرعة وانتشار أخبارها على مدار اللحظة وليس الساعة

فتحت الشباك وأخرجت رأسي لأسمح لأنفي بإلتقاط أنفاس ليست معبقة بسحب الدخان الاسود المنبعث من سجائري والتي أشعل كل واحدة منها من سابقتها وأعطي فرصة لتسرب السحب السوداء و مغادرة غرفتي حتى لا ينفجر جهاز الانذار بالصراخ فيفزع نزلاء سجن الخمس نجوم في فندق العاصمة المرهقة التي كانت قبل هذه الأخبار لا تهدأ ولاتنام فإذا بها في وداعة طفل وليد ينام في ايامه الأولى نصف يومه استعدادا لليالي السهر بعد شهره الاول …وأنا أتأمل السماء الصافية وأرهف سمعي للتلذذ بهدهدات الليل الساكن دق باب غرفتي دقات رتيبة متتالية من ياترى ؟وماذا عساه يريد ؟ وهل هو مصاب ؟ ومجموعة من تساؤلات قفزت إلى عقلي فجأة لكنني تجاهلتها وفتحت باب الغرفة كانت جارتي في الغرفة المجاورة تلبس كمامة سوداء وبجامة سوداء وحذاء رياضي أسود أفزعني منظرها وكدت أن أغلق الباب من جديد لكن عينيها العميقتين أغرقتاني في لجتهما وأستحوذتا علي حتى أنني أستغرقت وقتا لإستيعاب ما كانت تطلبه مني لكنني بعد دقائق من ضجيج خفقات قلبي المزعجة والتي اصابتني بالصمم أستطعت الفرار من تأثيرها على وسماع صوتها بوضوح (أعتذر منك لكنني عاجزة عن النوم هل أجد لديك دواء للصداع بندول مثلا ؟ حاولت الاتصال بخدمات الغرف لأطلبه منهم لكنهم لا يجيبون على هاتفهم) ..(مابال هذه المزعجة تطلبه مني الا تعلم بأن هذا الدواء تحديدا منذ اعلن عن هذه الجائحة قد ارتفع سعره وصار يباع في محلات المواد الغذائية حتى انه كاد أن يفقد تماما من الصيدليات ) هكذا كنت أحادث نفسي لكنني لم أجرؤ على المجاهرة بتفكيري بل على العكس تماما طالبتها بالانتظار قليلا حتى أبحث لها عما تبقى من علبته وسط أشيائي

وقفت على الباب متكئة في انتظاري وبأصابع مرتعشة من فكرة طرأت على بالي بحثت لها عنه ثم وجدته واتخذت قراري بمصارحتها بفكرتي (هل أنت في حاجة لفنجان قهوة؟ لدي النسكافيه الذي  يضعه الشاب الذي ينظف غرفتي فأمنحه بعض دراهمي ويكافأني بزيادة حصتي المحددة  وقهوة أمي أيضا ترافقني كلما سافرت بعيدا عن بلدي هل تشاركيينني تذوقها ؟ ) رفعت حاجبيها وهمت بالكلام للحظات شعرت بأنها سترفض عرضي لكنها على العكس تماما وافقت مبتسمة ورغم الكمامة التي تلتهم نصف وجهها ظهرت ابتسامتها جلية في عينيها المرحبة بدأت في تحضير القهوة ونقاش حاد أشتد وطيسه بيني وبين عقلي عن تورطي في دعوة ليلية ممنوعة في الفندق امنيا ووقائيا أيضا بينما جلست هي على الأريكة الوحيدة في الغرفة وهي تراقبني وتتأمل في نظرات خاطفة تفاصيل غرفتي وأركانها وبينما أنا غارق في أفكاري قاطعتها بقولها( الجبان لقد تركني وحيدة وهرب لقد خاف من زوجته وطليقته وكورونا هههههههههههه غبية أنا ألست كذلك ؟محاطة أنا بالنساء الغير ودودات أبدا حتى كورونا هذا الفيروس المستجد منحوه أسما انثويا لتكتمل الدائرة التي تحيط بي ) عما تتحدث هذه الفتاة وكيف لي أن أجيب عليها ؟ يتبع

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :