ذلك الشاعر

ذلك الشاعر

  •  لطفي زكري

ذلك الشاعر الذي أعرفه

استعجلوا كثيرا في دفنه حيّا

كان مثل لوحة مرميّة في شارع مضاء بالحنين

تركوا إسمه بلا جسد بين الأسماء

 تركوا قطعا من الحلم العالق بين ازرار القصائد

هو ترك بيتهُ بين ظٍلِ بحر و قطعة ضوء

ترك قلبه لتاجر الروبافيكيا

ترك مالهُ في سلّة مهملات في محطة ما

ترك  حطامهُ ليصنع بها الأطفال طائرة ورقية

 دفنوه مع وحدته و ليله الطويل

و خبزا من الذكريات

و وطن ما… كان يحلم أن يكون آخر  ما يكتب

و مع براعم من نصوصٍ غضة

و بحرا كان سيقفُ أمامهُ طويلا

ليعدّ الظٍلّ و النوارس و السفن الراحلة

كان سيكتبُ عن فتاة ترمي بنفسها من أعالي الأُمنيات

لتجدَ نفسها مرمية في قصيدة شِعر

كان سيكتُبُ عن البِحار المالحة عندما يجنُّ الليل و تنتحر القصيدة

كان سيكتُبُ عن الأحلام الغارقة في الهواء اليابس

و عن الدُخان الذي يصّاعد من قِدرٍ يغلي على نار روحه و هو يكتب عن تلكم الأشياء

ربما صار معنى ….

من كثرة احتكاكهِ بالمجاز ….

دفنوه مع قصائد لم يقلها

 في برهة ضيّقة مكتضة بالصمت،

كان سيرتدي وجهه القديم

و سيخرجُ في نزهة مع فكرة النبض الأول

و الدهشة الأولى لانبثاق فجر

كان سيبني المكان الذي سوف ينام فيه كالأطفال

كان سيكتفي بقُبلة من إمرأة حقيقية

من  شرارة الحب الأول

حفروا له حفرة من ندمٍ

و غطّوه بخيبة عابرة

يُقال انهُ مات بسكتة شِعر

أو ربما في حادث عشق ارداهُ قتيلا

و قيل أنه فقد حواسّهُ عندما أفرغ نفسه في قصيدة حب

ذلك الشاعر الذي أعرفه

لا احد  سوف يبكي عليه

غير القصائد التي لم يكتبها

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :