بقلم :: إبراهيم عثمونة
هذا ما يحصل معي في كل مرة تقودني طريقي بمحاذاة بيت كان هو مزارنا . تبدل اليوم ، وصار له مظهر خارجي آخر . كنتُ حين أجد نفسي قريباً من هذا الحي بسبها أميل بسيارتي مع الزقاق المؤدي لهذا البيت ، لا لشيء ، إلا لأقف دقائق أطالع بعضاً من ذكرياتي وهي تتحرك وتجلس وتضحك وتخرج وتدخل مع باب البيت الرئيسي . كنتُ أحياناً أنزل من سيارتي وأتحسس جدران هذا المنزل ، والشجرة التي كانت صغيرة ، والعش الذي كان قريباً لكنه صعد وابتعد مع ارتفاع الأغصان . كانوا وأحياناً يجدوني أقف عند الباب ولا شيء في بالي سوى العيش بضع دقائق صحبة ابراهيم الطالب في صف أولى ثانوي ، وأحياناً يشاهدونني أدور حول نفسي ، وأحياناً أمشي خطوات وأنظر للخلف.
حتى بعد أن أركب سيارتي كنتُ أحياناً أعود وأنزل لدقيقة أخرى.
تعوّد الجيران على رؤيتي هنا . صار أطفالهم ينادون بعضهم البعض ويقفون على مسافة مني ، صاروا يتحلقون حولي ، وحين أركب سيارتي وأغادر كانوا يسألونني متى سأعود ؟
مؤخراً تبدل البيت ودخلت عليه تعديلات ، أطيح بسوره وأقيم سور آخر جديد ، أستبدل الباب والبوابة ، وضعوا جرساً آخر للباب ، أزيلت الشجرة التي كانت صغيرة ، ذهب ظل الشجرة مع الشجرة ، لا أعرف أين غادر العش ، ولا أين ذهب خيال ابراهيم الطالب في أولى الثانوي . صرتُ آتيه وأقف أمام بابه الجديد وحين لا أجد ما أبحث عنه أذهب . صار أطفال الجيران يركضون خلف سيارتي ويسألونني لماذا لا أنزل ومتى سأعود ؟ وكنتُ أنظر لهم من وراء زجاج سيارتي ولا أجيب بشيء.
بعض الأماكن حتى وإن لا تملكها عقارياً لكن بعضاً منك تجده فيها.
مثل هذا الأماكن أظن من حقك أن تعترض على أي تعديل قد يطرأ على بنيانها.