رحيـل أوَّل وزير للشباب والرياضة فِي تاريخ ليبَيا

رحيـل أوَّل وزير للشباب والرياضة فِي تاريخ ليبَيا

  • شكري السنكي

حمَد صويدق فِي ذمـة الله

نتقل إِلى رحمة الله اليوم الخميس الموافق 22 أكتوبر 2020م، فِي مدينة بّنْغازي إثر معاناة مع المرض، أحمَد عبدالسّيٍّد صويدق أوَّل وزير للشباب والرياضة فِي تاريخ ليبَيا، والوحيد الّذِي تولّى هذا المنصب فِي سنوات الحكم الملكي الزاهرة، عَن عمر يناهز 102 عام.

وكان فقيد الوطن الكبير أحد أفراد جيش التَّحرير «جيش السّنُوسي» الّذِي تأسس فِي التاسع مِن أغسطس 1940م فِي ديار المهجر بِمصْر، الجيش الّذِي ساهم مساهمة مشهودة فِي تحرير ليبَيا من المستعمر الإيطالي مشاركاً إِلى جانب الجيوش البريطانيّة وتحت الإمارة السُنّوسيّة ورايته المستقلة الّتي كان يتوسطها هلال ونجمة، حيث خاض معارك ضاريّة دارت أحداثها فوق رمال الصحراء الغربيّة ثمّ الأراضي اللّيبيّة في العديد مِن المواقع, خلال أعوام 1940م إِلى 1943م. ويُذكر أن أحمَد صويدق تمَّ أسره فِي «الجغبوب» مِن قبل قوَّات المستعمر الإيطالي وكان معه صَالح جبريل الّذِي صار عقيداً بالجيش فيما بعْد. هرب هُو ورفيقه مِن المعتقل، ووصلا إِلى مِصْر بعْد رحلة طويلة سيراً على الأقدام، وبعد ذلك التحق بالجيش السّنُوسي وقتما تمَّ الإعلان عَن تأسيسه فِي مِصْر.
كان أحمَد صويدق يجيد اللغتين الإيطاليّة والإنجليزيّة، ويمتلك مهارات إداريّة لفتت انتباه المسؤولين إليه منذ وقت مبكر جدَّاً، وهذا مَا جعل الإدارة الإنجليزيّة ترسله فِي «دورة تعليميّة فِي الأعمال الإداريّة» إِلى فلسطين بين عامي 1946م و 1947م.
شغل منصب المدير العام للتجارة بمدينة درنة فِي العَام 1947م، وتمَّ تكليفه بعْد الاستقلال بشغل موقع مدير التجارة بولاية برقة، وكان ذلك فِي العَام 1953م. وعُين فِي العَام 1959م وكيلاً لوزارة الاقتصاد وكان ذلك فِي عهد حكومة عبدالمجيد الهادي كعبّار الّتي استمرت مِن 26 مايو 1957م إِلى 16 أكتوبر 1960م. ثمّ عُين وزيراً للاقتصاد «وزير الاقتصاد والتجارة» فِي العَام 1964م، وكان ذلك فِي عهد رئاسة حسين مازق للحكومة، حيث جاء إِلى هذا الموقع فِي التعديل الوزاري الأوَّل الّذِي أجراه مازق على حكومته فِي 2 أكتوبر 1965م. وعُين فِي العَام 1967م وزيراً للشباب والرياضة، فِي التعديل الثاني الّذِي أجراه مازق على حكومته فِي 3 أبريل 1967م. وقد حافظ على منصب ترؤسه وزارة الشباب والرياضة بعْد أن شغله فِي أواخر عهد حكومة حسين مازق، فِي حكومات: عبدالقادر البدري ثمّ عبدالحميد البكوش ومن بعدهما ونيس القذّافي، وحتَّى وقوع انقلاب الأوَّل مِن سبتمبر 1969م الّذِي استولى على السّلطة وأنهى الحكم الملكي.


ويُذكر أن أحمَد صويدق كان مِن أوائل لاعبي كرة القدم فِي ليبَيا بشكل رسمي، حيث مارس اللعبة رسمياً فِي العَام 1935م مع فريق نادي مدينة طبرق، المدينة الّتي شهدت مسقط رأسه فِي العَام 1918م.
هُناك قصّة جديرة بأن تروى، وقعت أحداثها فِي فترة تأسيس الجيش السّنُوسي، أن مباراة جرت بين فريق الجيش الِلّيبيّ وفريق من الجيش البريطاني حضرها المَلِك إدريس السّنُوسي، كانت المباراة ساخنة كمباريات الديربي كمَا يُعرف اليوم، وتألق فيها أحمد صويدق تألقاً لافتاً وسجل هدف الفـوز. وروى خليفة بن صريتي المؤرخ الرياضي واللاعب السابق، فِي مقالة – وبقليل من التصرف – نشرها فِي صفحته الشّخصيّة بالفيسبوك، فقال: «عندما شكّل حسين مازق حكومته والّتي استمرت مِن 18 مارس 1965م إِلى 1 يوليو 1967م، تمَّ تكليف أحمَد صويدق وزيراً للشباب والرياضة بعْد أن أمضى أكثر من سنتين فِي رئاسة وزارة الاقتصاد، لكنه اعترض فِي البداية ثمّ عَدَلَ عَن رأْيِهِ بعدما أخبره رئيس الوزراء أن اختياره للمنصب تمَّ مِن قبل المَلِك شخصيّاً، فقال له: “أن المَلِك يعرف اهتماماتك الرياضيّة وإنك أحد الرياضيين القدامى، كذلك بأنك مِن الإداريين المُحنكين المُخلصين”.. فقبل المنصب».


وعَن هذه الواقعة، نشرت بوابة (الوسط) فِي تقرير نشرته بتاريخ 15 يونيو 2020م وكتبه مراسلها: زين العابدين بركان، تحت عنوان: (الصقور يكرم أوَّل وزير للرياضة فِي تاريخ ليبَيا)، مَا جاء على لسان أحمَد صويدق بالخصوص، حيث قال: «عندما صدر المرسوم الملكي الكريم لإنشاء وزارة الشباب والرياضة وتكليفي بِمهمّةِ وزير لها فِي هذه الأثناء كانت لدي رغبة شديدة فِي أن أواصل جهودي فِي مجال الاقتصاد الّذِي اكتسبت خلال وجودي في قطاعه خبرة إداريّة جيدة، لذلك فقد أبديت وجهة نظري هذه أمام السّيِّد حسين مازق، رئيس الوزراء، الّذِي فاجأني بالردِّ الّذِي أسعدني !. وقد شعرت بحجم التقدير الّذِي نلته عندما تمَّ تكليفي بمهام وزارة الشباب والرياضة، حيث قال ليّ: “اختيارك جاء مباشرة مِن المَلِك لهذا المنصب المهم والجديد، فقد سبق أن شاهدك المَلِك في إحدى المباريات عندما كان أميراً فِي مِصْر، والّتي جمعت بين فريق الجيش الِلّيبيّ وفريق إنجليزي».
كان أحمَد صويدق رجلاً يمتلك مهارات إداريّة عاليّة وخبرة كبيرة جدَّاً فِي هذا المجال، وله خلفية اقتصاديّة محترمة، وقدَّم لبلاده فِي هذين المجالين، خدمات جليلة ومَا يُسجل له فِي كتب التاريـخ. وعلاوة على ذلك، وقدَّم لبلاده خدمات عظيمة فِي قطاع الرياضة، وقد شهدت ليبَيا في عهده نهضة رياضيّة خاصّة على مستوى البنية التحتية والإشراف على بناء الملاعب الرياضية واستكمال إنشاء المدينتين الرياضيتين بطرابلس وبّنْغازي.
أسأل الله العزيز القدير أن يتغمده برحمته الواسعة ويسكنه فسيح جنّاته مع النَّبِيِّينَ والصِّدِّيقِين والشُّهدَاءِ والصَّالِحِين وحسُن أُولٰئِك رفِيقاً، وإنّا لله وإنّا إليه راجعـــــــــــــــــــــــــــون.

يوم الخميس الموافق 22 أكتوبر 2020م

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :