أ :: شكري السنكي
المُثقف والدّبلوماسي المخضرم حسين الشّريف فِي ذمة الله انتقل إِلى رحمة الله المُثقف والدّبلوماسي السّابق حسين السّيِّد الشّريف يوم الثلاثاء الموافق 5 يناير 2021م عَن عمر ناهز الثمانيّة والثمانين عاماً، بمدينة بّتْغازي، بعْد معاناة مع المرض. رحل صاحب قصّة الكفاح الحياتيّة، ومسيرة الحيَاة الحافلة بالتجارب والدُّروس والعِبَر، ومَنْ تدرب على يديه العديد مِن الدّبلوماسيين الِلّيبيّين. رحل ابن الوطن البّار، والشّخصيّة البنغازية الأصيلّة، وابن الأسرة الّتي ساهم أبناؤها فِي الحركة الوطنيّة وبناء الدولة، وتقلَّدوا مناصب مهمّة فِي العهد الملكي الزاهر وبعده. رحل المُثقف واسع الاطلاع، الإداري البارع، الدّبلوماسي المخضرم، تاركاً أثراً لا يمحى مِن ذاكرة الوطن والنَّاس بما حباه الله مِن ملكات وقدرات وصفات وخصال نبيلة حميدة.وُلد فِي بّنْغازي العَام 1932م، ووسط أهوال الحرب العالميّة الثانيّة نزح مع العائلة الكبيرة إِلى ضاحية «اللثامة» الواقعة شمال مركز المدينة، إذ تبعد عَن مركز مدينة بّنْغازي بحوالي ثلاثة كيلو متر، مثل بقيّة أسر بّنْغازي، وعانى مثلها مِن الأوبئة والجوع، وسعى مع إخوته إِلى إعانة أسرته كبيرة العدد «أربعة أخوة وسبعة أخوات»، فعمل مع مقاول بناء بعد انتهاء الحرب طول النهار، وفي المساء انخرط للتعلّم في «مدرسة العمّال الليليّة» الّتي فتحتها «جمعيّة عُمر المختار». وبعد أن أتمّ فصولها بنجاح، واصل تعليمه فيها عندما افتتحت المرحلة الثانويّة. ولما افتتحت الجامعة الِلّيبيّة الّتي تأسست فِي بّنْغازي 15ديسمبر 1955م، كان مِن بين طلابها، ونال منها شهادة ليسانس فِي اللغة الإنجليزيّة. ثم تقدّم للعمل بوزارة الخِارِجِيّة الّتي أوفدته أولاً كقنصل بالسفارة فِي روما ثم قنصلاً عاماً فِي ميلانـــو. وفي السبعينات ترقّى إِلى درجة سفير فِي اليمن، وبعدها كُلّف بافتتاح سفارات لّيبيّة فِي عدّة دول، وقام بتجهيز ملاكالتها وأقسامها وتجهيزاتها تمهيداً ليتسّلّم العمل فيها مَنْ عُيّنوا سفراء فيها. وكان أخر منصب تولاّه فِي السلك الدبلوماسي سفيراً فِي كاراكاس بفنزويلاّ. وبقي مؤدياً مهامه إِلى أن أصيب بالمرض العضال السرطان سريع الانتشار الّذِي أصاب ضلوعه. وقدّر الله سبحانه تعالى أن يشفى منه بإجراء عمليّة نادرة أجراها فِي ألمانيا أزالت الأورام الخبيثة. وبذلك استطاع أن يركن إِلى التقاعد لسنوات طويلة إِلى أن وافاه الأجل المحتوم في اليوميّن الماضيين في مدينته الحبيبة بّنْغازي. وبعْد تقاعده، ومنذ عقد الثمانينات، كان مِن رواد «صالون آل الكيخيّا» الّذِي كان يعقده ابن جيله وصديقه المرحوم بإذن الله تعالى المُهندس مُصْطفى رشيد الكيخيّا فِي بيته بحي الكيش فِي منطقة البركة، الصالون الّذِي كان يضم العديد من السياسيين والدّبلوماسيين والأكَاديميّين والكتَّاب والمثقَّفين وقدماء الرياضيين، منهم: الرَّاحل فتحـي سُليْمان جعـودة المهُندس المعماري المتميز ووزير الأشغال العامّـة فِي عهد المملكة الِلّيبيّة، الرَّاحل خالد صَالح بِن حميد أحد رجال العهد الملكي ورفيق المَلِك إدْريس السّنُوسي فِي خروجه النهائي مِن ليبيا قبيل انقلاب سبتمبر 1969م، الرَّاحل عبدالرَّحمن عُمر اشتيوي المعروف باسم «رحيمــة شتيوي» أحد أبرز نجوم كرة القدم الِلّيبيّة فِي نصف الثاني مِن الخمسينات وحقبة الستينات، الرَّاحل المكي بوزيد الشطيطي أديب وشاعر وضابط سابق بالجيش الِلّيبيّ وسجين سياسي سابق، الرَّاحل عبدالمطلوب عزوز ضابط سابق بالجيش الِلّيبيّ وسجين سياسي سابق، الرّاحل عبدالرحمن رشيد الكيخيّا رجل الأعمال والمهموم بالشأن العام، الرَّاحل محمّد المنقوش الوزير ورئيس جهاز النهر الصناعي، الأستاذ علي محمّد عميش المُثقف والسفير والويز السّابق، الأستاذ سعيد الشّاعري المثقف ومؤسس مركز البحوث فِي الجامعة الِلّيبيّة وعضو مجلس إدارة نادي الأهلي السّابق، الدّكتور منصُـور البابور أستاذ جامعي، الدّكتور محمّد المفتي طبيب وكاتب وباحث فِي مجال التاريخ الِلّيبيّ الحديث، الأستاذ سالم بوعود المحامي، الأستاذ محمّد القلاّل المحامي والمهتم بالشأن التاريخي، الدّكتور زاهي بشير المغيربي الباحث السّياسي والمترجم والأستاذ الجامعي، المُهندس محمود رشيد الكيخيّا.. وغيرهم. الرَّاحل حسين الشّريف، هُو شقيق أخيه الأكبر المرحوم مُصْطفى السّيِّد الشّريف، وأخيه المؤرخ والسفير والدّبلوماسي السّابق فِي أوروبا وأفريقيا مفتاح السّيِّد الشّريف، وأخيه وزير الاقتصاد ومدير بنك ليبَيا الخارِجِي الأسبق وفروعه فِي باريس وأثينا أبوبكر السّيِّد الشّريف، والّذِي كان ابنه الأكبر علي حسين الشّريف وزيراً للإسكان بعْد ثورة السّابع عشر مِن فبراير، وفِي عهد حكومة علي زيدان. وقد عُّرف عَن الفقيد حُسين إخلاصه الوطنيّ فيما قام به مِن مهام. وفي السلك الدّبلوماسي يُذكر له مساعدته للرعايا الِلّيبيّين مِن طلبة دارسين ومرضى فِي الخارِجِ. كمَا كان حلو المعشر ذا مرح ودعابة بين أصدقائه الكثيرين. أسبغ الله عليه الرحمة والرضوان، وعوّض الله أخويه وأخواته وأبنائه وجميع معارفه وأصدقائه خير الجزاء.. وعوّض الوطن فيه خيراً. إنا لله وإنا إليه راجعون.