رقيق عزم طبعي شين … انحوس كان عيني رايفت

رقيق عزم طبعي شين … انحوس كان عيني رايفت

  • محمود السالمي

قراء فسانيا الأعزاء ، هل تستقيم الحياة بلا حنين ، وهل يعيش الإنسان الا به .

لا يعد الحنين في المشاعر الانسانية عاطفة مستقلة كالحب ،والحزن ، والفرح   غيرها ، كونه يجمع بين كل هذه العواطف في في ذات الوقت .  وهو يخالفها في كونه على ارتباط تام بالزمن .. الزمن الماضي تحديد ، فلا يحن الإنسان الا لما مضى ، ولا يعود بذاكرته الا عكسيا في حال الحنين .

وفي الأدب الشعبي ، الحنين هو الرياف .. الرياف مشتق من الرأفة، التي هي مزيج من المحبة والرحمة والعطف ، ولا تكون الا في قلب مؤمن ، وقد جاء في صوب خليل :

ميكولة العين رياف

غياب وين يا نوم جيبهم

وتناول الرياف عدد كبير ، من رواد الأغنية الشعبية التي احبها جيل الشباب من محبي الاغاني ذات اللون التراثي ، فقال بونقطة:

غلبني الشوق وزاد بيا ريافي

وقال الصافي : مشتاق لك والشوق سهر عيني .

وقال سيف النصر : نلقاني مرايف عليك نريدك

وقال محمد حسن : قد الشوق اللي في الدنيا مشتاقين

وقال أشرف محفوظ : شوقي عبر شوقك وجاب اشواق

وقال معيلف : الشوق قاسي والرياف يذل .

ومنها أيضا ما اشتهر في مسلسل شط الحرية ، وشاع بسبب جمالية الربط بين معنى الرياف ، وبين حال الشخص وقت الحنين :

يالاوهام نجيكن رايق .. ونعاود منكن مضايق .

الأوهام هنا هي الدار وما حولها ، ومكان العيش الماضي الذي يأتيه الإنسان بداعي الحنين ، ولكنه يعود مشوبا بحزن لما آلت إليه هذه الدار .

والرياف أيضا يكون لكل حي ، ولكل جماد شارك الإنسان حياته ، فالحنين الى مكان الميلاد غريزة انسانية ، يحملها كل شخص ، ولكن الحنين الى انسان غادر هذه الدنيا والرياف عليه أصعب انواع الرياف :

تعال قول لي رايف

ياجافي الدنيا مرايفة

و : على ضحكتي رايفت

تعال يامجافي ردها

و : رقيق عزم طبعي شين

انحوس كان عيني رايفت .

وكلما اوغل الإنسان في الرياف ، كلما جاءت عباراته وشعره عنها اكثر جمالا ، وعذوبة ورقة ، ولكن :

ايزيدك مرض ياعين

اريافك على ناس ناسية

و : اللي قاهرني في الاولاف

نرايف نلقى قل رياف

والرياف حاله حال كل المشاعر الجميلة ، يزداد بالقسمة على أكثر عدد من الأحباب،  وهو معضلة العشاق ، حين لا يعترف بالمسافات ولا يحتكم الا الى اللهفة للحاضر ، في ثوب الخوف من المستقبل فيقول :

جاك ارياف امسك واتقا

ضمه راه الياس يحقه

غير أن أجمل معاني الرياف والحنين ما كان مرتبطا بالمكان ، الذي هو الوطن الذي نعيش فيه ويضم رفاتنا بعد الموت .. انه بداية ونهاية لكل جميل . ولعل اشهر ماذاع عن ذات الموضوع و

 تؤرخ لحقبة تاريخية مهمة :

تركناه وطن العز نمشوا منه

 بلا مال لاهو  فر ض لاهو سنه

  ل امحمد بن قنانه الزيداني.او قصيدة

تركناك يا وطنا بالسلامة

 اوما ندامة

 اوياسعد ياوطن من فيك كمل ايامه . وقصيدة :

ترى خبر ياوادي زين .. علي الزينين  لرحومه بن مصطفي…هكذا كان  الشعر.. لسان حال العامة ، وسجل حي لحوادث جسام ربما ما هو مدون  يسجل لفترة قرنين من الزمان في تاريخ بلادنا الحديث .

وقد سجلت عن الرياف ، والحنين للمكان ، لعمي : صالح محمد السالمي ، ابيات  وقد شده الحنين ، الى مرابع الصبا ، والعمل في الجنوب خلال قيامه بالتدريس في منطقة اوباري ، خلال سبعينات القرن الماضي ،  والتقى بصديق له يقال له عيسى ، وقد شاخ ، وذهب طيب الزمان والمكان فقال ، يسأله عن المكان :

كيف حال الوادي ياعيسى

من الأبيض لعند الديسه  ..

الوادي ، المقصود به منطقة اوباري التي كانت تسمى ، الوادي ، وادي الحياة او الاجال ، وضمنها منطقتي الأبيض،  والديسه وبينها وبين اوباري ثلاثة كيلو متر تقريبا ، والتي درس فيها لسنوات ..

كيف حال اوباري

وكيف حال شيوخ الاذكاري

سألتك يامولاي الباري ..

تبارك هالوادي وتاليسه ..

التاليس،  هو نوع من التمور ، واجودها على الإطلاق في منطقة الجنوب عامة .

كيف حال الكاف

اللي حارن فيه الأوصاف

وصلاحه في كل طواف

ايفزوا كان فيه تحرويسه

الكاف ، هو الجبل المحاذي للطريق على اليسار ،  فكانه رفيق للمسافر ودليل له حتى يصل ، والصلاح ، جمع للصالح او الولي من عباد الله ، وعباره : صلاحه في كل طواف ، تشير الى انتشار اعداد الصالحين في هذه المنطقة بشكل كبير ، فلا تكاد تخلو منطقة فيها من ولي صالح ، يشار إليه بالبنان في كل نائبة ،لذلك اكمل بقوله : ايفزوا كان فيه تحرويسه ..

ثم يكمل :

كيف حال الوادي ورماله

وصلاحه يمينه وشماله

ليهم عالرحمن دلالة

وفي الندهة ما يديروا نيسه

فكأن لهؤلاء الصلاح من عباد الله وأولياء ه الصالحين دلالة على الله في كل وقت وحين .

كيف حال الوادي والقرايا

يامنية قلبي وزهايا

الله اكبر ليا ريت الرايا

عالروضة تجيك تهلويسه

ويهيم الصلاح معايا

ويجلى عالقلب توسويسه ..

ملأ الله قلوبكم بالمحبة ، والحنين ، وعشتم بهما مدى الحياة ، لأن زاد المحبين رياف .

ودمتم سالمين …

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :