شباب ليبيون على قوارب الموت!

شباب ليبيون على قوارب الموت!

تقرير :: ربيعة حباس

الهجرة عبر البحر والتوجه نحو المجهول فكرة راودت ولا تزال تراود عدد كبير من أبناء هذا البلد الغني بخيراته ، ووفق ما ذكرته وزارة الداخلية بداية العام 2016 بلغ عدد الشباب الليبي الذي خرج من صبراتة للهجرة غير الشرعية فاق 170 شاباً مهاجراً إلى شواطئ الحلم المنشود “لامبيدوزا” و أعداد المهاجرين في تزايد ، وأغلبهم فتية يفرون  دون علم الأهل .

بدءاً بقصة مجموعة من الفتيان يقطنون منطقة الوادي شمال صبراتة ، حين اكتشف الأهالي أن ” و. فرج / 16 سنة.و. ع .الصغير /15سنة.و. ع. القديري/17 سنة” يستعدون للهجرة على قوارب مطاطية يوفرها عدد من تجار البشر، باتفاق مع مجموعة مماثلة على شبكة التواصل الاجتماعي تسعى لجذب الشباب وتحقيق هدفهم بإيصالهم إلى ايطاليا مقابل5 آلاف دينار حسب شهادات أصدقاء من هاجروا من الشباب.

خفر السواحل بلا إمكانيات لإنقاذ الأرواح 

يقول أحد عناصر خفر السواحل في المنطقة الغربية :” ليس لدينا إحصائية ثابتة يمكن الاعتماد عليها تؤكد العدد الإجمالي للمهاجرين، فأغلبهم  يخرجون من صبراتة في أوقات عشوائية ، بينما نحن كفرق نخرج من ميناء زوارة وبعد زمن ساعتين في المياه الإقليمية الليبية تقابلنا بارجات إيطالية تتمركز في مياهنا الإقليمية ، وكل ما نستطيع فعله هو إنقاذ من نلحق بهم في قوارب نستعيرها من المواطنين ، إذ ليس لدينا الإمكانيات .

ذات الدورية تمكننا من إرجاع قارب مطاطي إلى ميناء زوارة وعلى متنه مجموعة من المهاجرين غير الشرعيين بينهم شابين ليبيين  “25، 22 سنة” كان أحدهم من طرابلس والآخر من بنغازي ،  الشاب الطرابلسي قال :” إن ظروف المعيشة الصعبة أجبرته على اتخاذ قرار الهجرة ودفع للمهرب 300 دينار ،إضافة إلى تشجيع أصدقائه”من طرابلس وبنغازي” الذين هاجروا بنفس الطريقة ووصلوا ميلانو في إيطاليا منذ أسبوعين و (أمورهم طيبة) و هم على تواصل هاتفي معه .

أما ابن بنغازي فقد روى بأنه لم يدفع شيئا ! و لعل هذا الكلام غير صحيح فالمهرب لا يهمه من يكون المهاجر ولا تهمه سلامته فهو بالنسبة إليه مشروع يكسب منه المال .

وعن المدن الأكثر هجرة للشباب حسب سجلات خفر السواحل قال محاورنا:”لا نستطيع حصر عدد المهاجرين تماماً،  فمنذ أسابيع  عثر أحد أفراد خفر السواحل في رحلته على قارب به أكثر من 80 مهاجرا بينهم 36 شابا ليبيا ، كلهم من المنطقة الشرقية “بنغازي ، المرج، اجدابيا” ولم نتمكن  من العودة بهم لضعف الإمكانيات .

حمولة قوارب الموت

إن القوارب التي يستعملها المهربون تحمل 100  شخص ، ولكن المهربون يحملون عليها 130 ، وذلك بعد وضعها في الشمس 3 أشهر .

 أغلب القوارب ذات محرك متهالك ، وبعد مرور ساعتين على دخول هذه القوارب للمياه تبدأ حركتها في الارتخاء ، في هذه اللحظات يسارع الأفارقة لرمي أحد الركاب  العرب المهاجرين من على القارب في البحر. وقد أكد  ما حدث مهاجران من تونس ، أنقذناهما في اللحظات الأخيرة إثر قيامنا بجولة تفتيش في البحر عند تعقبنا لقارب غير شرعي علمنا بخروجه .

جثث المهاجرين  تلتهمها أمواج المجهول

لا نستطيع تأكيد هوية جثث المهاجرين أو نفيها ، وذلك لسببين : بعد غرق الشخص في البحر ومكوثه لأكثر من 5 ساعات تتشوه وتختفي ملامحه الجسدية .

 و ثانياً : إن المهاجر عادةً لا يحمل أي أوراق لإثبات الهوية ، فمن شروط المهرب عدم وجود أي إثبات هوية لمن يريد ركوب القارب ، إذ يقوم  المهرب  بنفسه بالتفتيش  ، وعندما يجد  أي إثبات هوية عند مهاجر ما يأخذه منه ويمزقه و يحرقه .

أما هؤلاء المهربون  فهم شبكة مرتبطة ببعض فالموجود في زوارة على تواصل واتفاق مع أمثاله في وصبراتة والقره بوللي وغيرها .

 القنصلية الإيطالية تتحرك بإجراء من جانب ولي الأمر المهاجر

من جانب آخر قالت مصادر من وزارة الخارجية الإيطالية :  إنه ما لم تتم مراسلتها رسميا من السفارة أو القنصلية الليبية في ايطاليا فإنها لا تستطيع التصرف في هذا الملف .

و أردفت وزارة الخارجية موضحة إن إدارة الشؤون الأوروبية  ليس من اختصاصها  الهجرة ، وهو من اختصاص إدارة شؤون القنصلية، وهذه أكدت أنها تتحرك في هذا الأمر بحالة طرق بابها من قبل ولي أمر الشاب وطلب معرفة مصير ابنه ، عندها تخاطب القنصلية  الدولة المعنية وتعمم اسم وصورة الشاب وبمجرد الوصول إليه يتم إرجاعه في أقرب رحلة جوية على حساب السفارة ، ماعدا ذلك يبقى الأمر كما هو عليه .

وجع ما بعد الوصول لشاطئ الحلم لامبيدوزا !

 ذكر خفر السواحل في تاجوراء حسبما يرد في  قوائم  الهجرة ، أن أغلب مهاجري الشباب الليبي من مواليد التسعينات  .

أما الأسئلة التي يطرحها هؤلاء المهاجرون على المهرب تتعلق :  بمسألة حصولهم على الإقامة  عند وصولهم إلى جزيرة لامبيدوزا أو سيشيليا ، أو الهجرة إلى السويد أو ألمانيا وغيرها .

ما لا يعلمه المهاجرون إنهم بمجرد الوصول بين يدي خفر السواحل الإيطالية إذا حالفهم الحظ و نجو من الغرق فسوف يتم إعطاؤهم حزام في اليد وهو عبارة عن شريط لاصق وعليه كود ، و سيعتبر هذا الكود اسم المهاجر أو رقمه الأوروبي، وبعدها يعمم اسمه في جميع أوروبا لمعرفة قصته و لن يستطيع الحصول على إقامة إلا من الدولة الايطالية ، حيث

يتم إرساله إلى مركز المهاجرين لتسجيل بصمة اليدين و بصمته الإلكترونية  وتصويره فوتوغرافياً من جميع الزوايا .

و يتم إلزام المهاجر بالبقاء مع مهاجرين في مراكز خاصة فيها عدة جنسيات ويمنح يومياً 5 € كمصروف ،ويتعامل معه الموظفون بحذر “بالقفازات والكمامات” خوفاً من الأمراض المعدية ، وإذا قرر الشاب الذي طلب اللجوء العودة للوطن ، يتم  توكيل محامي قانوني لكي يتم إسقاط اللجوء الذي تم طلبه.

شهادات ذوي الشأن

تروي” أم محمد الصيد” قصة انتظارها لابنها ذو الاثنين و العشرين عاماً ، وهو المحتجز منذ أكثر من شهرين لدى السلطات الإيطالية بتهمة تهريب البشر، وذلك بعد أن ألقي القبض عليه مع ثلاثة شباب ليبيين آخرين غادروا يوم 15أغسطس الماضي على متن إحدى قوارب الهجرة إلى أوروبا . و كان  محمد قد قرر الهجرة لأنه لم يعد لديه أمل في الحصول على حياة كريمة داخل ليبيا  بعد  فشله في الحصول على تأشيرة للسفر إلى إحدى دول أوروبا  ، ولكن القارب غرق بهم  ذات اليوم ومات 362 مهاجرا ، ومن تم إنقاذهم ، فقبضت السلطات الإيطالية على الأحياء وبينهم 4 ليبيين تم  اتهامهم بأنهم من المهربين.

 

أما  الشاب محمد الغراري  لايزال يقص حكاية صديق له من مواليد 83 كان يعمل في تركيا ،وبعد سنة من انقطاع الاتصالات مع صديقه، علم بأنه في ألمانيا  ، وقد أخبره بأنه أحرق كل المستندات الرسمية التي تثبت هويته وخرج في قارب هو و زوجته”سورية” وطفلته عمرها 7 أشهر لرحلة مجهولة المصير. 

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :