نيفين الهوني
أَتَى رَمَضانُ يُزْهِرُ في ربانا .. وَيَمْلَؤُها بهاء سَوسنِيَّا
تَنادَتْ في الدُّجى الأرواحُ شَوْقًا… وَفَاحَ الطُّهْرُ فِي الأَنْفَاسِ حَيَّا
وَفي المِحْرابِ دَمْعٌ لا يَبِيدُ… يُنَاجِي اللهَ مُبتهلا نَقِيَّا
سَلامٌ فِي المَسَاءِ يَفُوحُ عِطْرًا… وَيَنْشُرُ في الدُّنَا خَيْرًا وَرِيَّا
فَصَوْمُ النَّفْسِ يَرْفَعُهَا نَقَاءً… وَجُودُ الكَفِّ مدرارا زَكِيَّا
فَيا شَهْرَ الهُدَى، مَهْلًا فَإِنَّا.. قَضَيْنَاكَ ابتهاجا سرمديا
سَلامًا كُلَّما تأتي كريما…وَنُورَكَ فِي المَدَى يُهْدِى سخيا
2
أُحُدٌ تَحدَّثْ، أنتَ النَّبْضُ والذِكَرُ
وأنتَ في مَوكبِ التَّاريخِ مُزْدَهِرُ
هنا النبيُّ، هنا الأبطالُ قد صَمدوا
كالسَّيفِ يلمعُ، ما جبنوا ولا كرُوا
هنا الصَّحابةُُ، أَسْيَافٌ مُدببةٌ
تُرِي الأعادي ضِياءَ الحَقِّ إذ ظَفِرُوا
لكنَّهُ الغَدْرُ، والأطماعُ عاصفةٌٌ
بَدتْ فكانَ بها التَّاريخُ يعتَبرُ
جاءوا، ولكنَّ نَصرَ اللهِ يتبعُهُ
صَبرٌ، ومن صلوا قد اَنْتَصِرواُ
يا أُحُدُ، اصمُدْ، فإنَّ النُّورَ في أَلقٍ
والحَقُّ يبقَى، وإن جارَتْ بهِ الغِيرُ!
3
تجلَّى الفتحُ، وانشقَّتْ ستائرُهُ
كالصبحِ يَنسُجُ من أنوارهِ عَلَمَا
تدافَعَ النُّورُ، وانسابَتْ مواكِبُهُ
تهزُّ مكةََ حتى أشرقتْ حُلُمَا
مضى النبيُّ، ووجهُ الأرضِ مُنْشَرِحٌ
كأنها ضحكةٌ في ثَغْرِ من فَهِمَا
والنصرُ يخفقُ في الأعطافِ مُبْتَهِجًا
والرّوحُ تَسْبَحُ في أفلاكِهِ نَغَمَا
وأقبلَ الجمعُ، لا سيفٌ ولا صَخَبٌ
لكنَّهُ العفوُ يجري هادرا دِيَمَا
“اذهبوا فأنتم الطُلقاءٌ”، قالها فصلا
من ثغره الوضاء مثل الفجرِ إذ هُمِيَا
يا مكةَُ، ذا الطهر عادَ اليومَ، فابتهجي
كأنما الزمنُ الماضي هوى حُطَمَا!