صبيحة موتي

صبيحة موتي

  • عائشة السيفي

سيسقطُ اسمِيْ صبيحَة موتِي

على صفحَة التعزيَاتِ كنصٍ رديءٍ

ويغرقُ تحتَ بقايَا الطعامِ كما يغرقُ اللحنُ فيْ خَللِ القافيَة ْ

سيسألُ شخصٌ: ألمْ تكتبِ الشّعرَ يوماً؟

فيسمعُ: كانتْ ……. وكَانت وكَانت

وتكثرُ منْ سيرَةِ الحبِّ والغزلِ الفجِّ

ها .. نالتِ اليَومَ ما تشتهِي ومعاذك يا ربّ منْ “سيرةٍ واهيَة” ..

سيسقطُ اسمِي فتلمحُهُ امرأةٌ: كنتُ أعرفُها من بعيدٍ

وأقرأ بعض قصائدها،مرةً كتبتْ : أشتَهِي الرَّقصَ عاريةً

فيحوقل من حولها ويقولون أستغفر الله .. دنيَا خواءٌ وآخرةٌ باليةْ ..

وأخرَج من جسدِي .. مغمضِ العينِ

أمشيْ خفيفاً إلى حيثُ يمشي المعزّون

تمسحُ بنتٌ بمنديلِ مكياجِها شفتيهَا وكُحلَتها

تتنهَّدُ في قلقٍ ثمّ تمضي إلى البيتِ/بيتي

وتدخل ضمنَ الوفودِ

تحملقُ في صالتيْ وهيَ تكتظّ أوسمةً ونياشينَ

تسرحُ فيمَا تداعبُ أغلبهنَّ هواتفهنّ

ويلقينَ في ضجَرٍ نظرةً ساهيَة ْ

على بعضهنّ .. وهنَّ يشيِّعنَ فقداً كبيراً تضجُّ به امرأةٌ .. هيَ أمِّي سلامٌ عليكِ .. أقولُ لها ..

وسلامٌ على دمعةٍ نفرتْ منكِ يا أجمَل الباكيَات ويا أول الباكيات ويا آخر الباكيات وأطهرهنَّ ويا نجمَتي العاليَةْ

وأبصرُ مكتَبتيْ فأحسُّ لهَا نفساً وكلاماً .. وصوتاً وهمهَمةً

وأحسُّ بكلِّ كتابٍ يلوِّحُ لي بالوداعِ

ويبكِي

كطفلٍ

فأبكِيْ معَه ..

ليتهُم دفنوك مَعِي

لأسلِّي عظامي

بماركِيز

والمتنبئ

وابنِ المقفَّع

والشِّعر

والسَّرد

والسينمَا

وقصَاصَات أحلامِي الحافيَةْ

كبرتُ ..

ولكنَّ حلمِي تضاءلَ

والآنَ يهجُرني جثةً ووريتْ بالترَابِ

معيْ

أيّها الحُلمُ هَاتِ يديكَ

لنَا الآنَ موتٌ طويلٌ

غدٌ لا انتهَاء لهُ

ولنَا الخيبَة الباقيَة ْ ولنَا الأرقُ السرمديُّ البعيدُ

فلا أفق نَستريحُ إليه بأبصارنَا

غَير هذا الترَابِ

ولا قمرٌ نستظلّ بهِ أو نجومٌ نحدّثها عنْ منامَاتنا العاطفيَّة

لا زرقةٌ صافيَة ْ

سوَى نصِّ شعرٍ حزينٍ

سيعزفُ حينَ تؤبنني جوقَة الشّعراء

ويُنسَى

كقنينةٍ أفرغتْ خلسةً فيْ الرّمالِ

وينسَى

لموتٍ سريعٍ سينشرُ في خبرٍ عابرٍ في الجريدَةِ

دوَّنهُ كاتبٌ بائسٌ:

ترَكَتْ للمحبينَ إرثاً من الشِّعرِ

والحبِّ

والسيرَة الزاهيَة

وحزناً ثقيلاً علَى القلبِ

لن يمَّحي ما بقِي في القصَائد من باقيَةْ

وأبصرهم كلهم ..

شاعراً شاعراً

قارئاً قارئاً

ناقداً ناقداً

شامتاً شامتاً

مبغضاً مبغضاً

واعظاً واعظاً

صحفياً رصيناً

ومبتذلاً

وحبيباً قديماً

أراهم جميعاً يعودونَ نحوَ الحياةِ/

وضجَّة فكرَتها الخاليَةْ

وأمَّا أنا .. فأعودُ بتنهيدةٍ واندهاشٍ إلى القبرِ

أنظرُ للخلفِ:

هلْ كنتُ يوماً هنا؟

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :