سعد السني
…ليست النباتات فقط ما يتم تعديله جينيا هذه الأيام، بل أيضاً حراك وتاريخ بعض الأمم الضعيفة ..فالصراعات والحروب رغم بشاعتها إلا أنها على ما يبدو تدخل ضمن ما هو طبيعي في حياة المجتمعات البشرية ..ورغم التطور الحضاري الذي حققته البشرية لا تزال أكثر الدول تطورا وتقدماً أكثرها استعداداً للحرب ..لكن ثمة صنفان من الصراع ،الأول صراع يجري ضمن ظروف طبيعية .. ونتائجه تحددها الموازين الحقيقية لكل طرف دون تدخل من قوى أخرى لتغليب طرف على آخر ..وهذا الصنف من الصراع غالبا يصل إلى نهاية إما بتغلب طرف وهيمنته وإما بملل الطرفين نتيجة تعادل القوة فيجلس الطرفان بمحض إرادتهما ويُخلق استقرار بناءً على توازن القوى أو الرعب … الصنف الثاني وهو الأسوأ هو الصراع المعدل عن طريق تدخل قوى أجنبية قاهرة تتفوق على الأطراف المتصارعة بمراحل وتتحكم في مجريات الصراع…فتوقفه عند اقتراب حسمه وتنقذ الطرف المهزوم ..بل تجعله يقلب الطاولة على الطرف المنتصر…لا تسمح لأي طرف بتحقيق نصر كامل ..تتركه في حالة نصف نصر ونصف هزيمة وهي أفضل طريقة ..لإدامة أسباب الصراع ،وأي حالة استقرار هي مؤقتة وهشة وقابلة للانهيار …الغرب قد يحتاج إلى الاستقرار من أجل مصالحه ..ولكن ثمة فرق بين الاستقرار والسلام ..من الممكن فرض الاستقرار بالقوة لكن السلام الحقيقي لا يمكن إلا بإرادة حرة ..التحكم في الصراع بهذه الطريقة يجعل جميع الأطراف تحت سلطته الكاملة والجميع مستعد لتقديم كل التنازلات له حتى لا يُغلِّب الطرف الآخر عليه خصوصا وأن الجميع رأى كيف تتم معاملة المهزوم بمنتهى البشاعة ..والخطاب الأخلاقي المسالم في فترات الهدوء ليس حقيقياً وأثبتت التجربة أن ثقافة الانتقام والتشفي متجذرة وراسخة . الغرب وأمريكا على وجه الخصوص يريدون توافقا بين أطراف تعاني من عدوانية مكبوتة تجاه بعضها البعض أو اتفاق مفخخ بالنوايا السيئة. …الآن وهم يدَّعون تأييدهم للانتخابات أو بعضهم على الأقل إذا أعطى الغرب الضوء الأخضر لأي طرف لمهاجمة الطرف الآخر فسوف يعتبر ذلك هدية من السماء ولن يتردد في سحقه…هذه هي الحقيقة …وسبب فشل كل محاولات بناء دولة حقيقية هو حالة الكذب على الذات وعلى الآخر التي نعيشها …لا يمكن إنجاز شيء حقيقي بناء على أساس من الكذب …. والسبب الرئيس الذي جعل الغربي يتغلغل ويسري كالسم في عمق الأزمة هو المطامع والمخاوف الشخصية والقبلية والجهوية التي عرف كيف يستثمرها بخبث ودهاء.