كتب :: محمد مسعود
رغم أني حاولت أن أصل لرقم مالي من خلال التقارير المتاحة يبين لي مقدار الهدر في القطاع الصحي الليبي إلا أني عجزت إذ وجدتها متاهة لا تصلك لرقم وأضح يبين وأقع الحال ، لكني أتخيله مرعباً بشكل كبير ، وأتخيل أن وزير الصحة المسكين يقضي جل وقته في أمضاء الموافقات على العلاج بالخارج ، لكني بالمقابل أجد الناس معذورة ، فالناس تطلب العلاج بالخارج لأنها لا تجده بالداخل ، وتلجأ لوزارة الصحة لأنها لا تجد غيرها حلاً ، فحتى الذي يملك الأموال ، لا يمكّنه وضع السيولة الحاد من الوصول لها ، أقول هذا عن واقعة وتجربة شخصية مررت بها .
لكني أتصور إن أي رقم كان يصرف للعلاج بالخارج لم يكن مبررا مطلقاً وكلها مدعاة للسخرية والفزع والعبث المستمر والهدر المتفشي .
فكل حل نبتغي منه حلاً نحيله لنافذة من “خنبة” وسرقة وتحايل للحداق الذين يعرفون كيف يعبدون مساربهم جيداً ، فمالذي ينقصنا عن تونس والاردن ومصر ، فالمؤسسات لدينا أضخم ، والأجهزة تكاد تكون ذاتها . أتخيل إن علتنا تكمن في منهجية التشخيص ومن بعدها التمريض واليكم الدليل : عندما أصبت بطلق ناري وثم إسعافي لمصراتة العام 2014 خضعت لخمس عمليات جراحية وواحدة بسبها فقط لربط الأنسجة والتخلص من اللحم المتعفن بكل مرة ،على أمل أن تلتئم الجراح قبل الشروع بجبر الكسور ، ولم يتمكنوا من ذلك حتى غادرتهم لتونس فأخضعوني فقط لعملية واحدة وعندما وجدوا بعض العفن فوراً ثم استدعاء دكتور الجرثوميات الذي أكتشف أني مصاب بجرثومة المستشفيات ، السؤال لماذا أعتمد الأطباء بتونس هذا النهج بالتشخيص من أول عملية وغفل عنه أطبائنا من 6 عمليات ؟ .
كذلك التمريض بتونس يقوم بالدور الأهم وعندنا بالكاد تجد من يقيس لك ضغط الدم وعلى مضض .
الناس يا أعزاءنا الأطباء لا تفضل تونس والأردن تباهياً ، فما عاد يسعفها ما لديها من مدخرات لتبيعها، وليس بوسع الكل أن يجدوا مسارب فرج لدى وزارة الصحة ، فرفقاً بحالنا “فو الله ما عاد فينا ما يتلايم ” .
لماذا لم يجرب أي من الوزراء أن يورد طواقم متكاملة لثلاث مستشفيات هي بالأصل قائمة والصرف عليها قائم ؟ ، وليعتبر طواقمها المحليين في إجازة مدفوعة الأجر ، ولنرى ربما حينها سنكف عن الحج لتونس والأردن . أقول هذا أيضا من واقع تجربة فقد كنا بشركة تملك مصنعا للبلاط متهالكاً، كان ينتج في أحسن أحواله 200 متر يوميا ولما استلمه مقاولاً إيطالياً هرم يدعى (قوفي) طلب استبعاد الليبين جانباً مع الاستمرار بدفع مرتباتهم ومكّن عمالة افريقية عادية فوصل المصنع لإنتاجية مذهلة تساوي تقريبا طاقته التصميمة ، واكتضت الساحات بالبلاط حتى صار التفكيىر اين سنخزن الباقي . لكن ثمة من سيقول إن الناس ليست كالبلاط ، وطبعاً سأوافقه القول واصمت .