- فسانيا / سلمى عمر
ليبيّون مجبرون على التواجد خارج حدود الوطن أو مخيرون في ذلك لا فرق ، ليبيون قادتهم ظروف العمل والدراسة والحروب للهجرة يتملكهم الحنين للطقوس الخاصة برمضان في ليبيا ، منتشرون في مختلف أصقاع الأرض ، بعضهم يصر على حمل عادات وتقاليد وطنه حيثما حل والبعض الآخر لا يشعر بالغربة أصلاً ، وبين هؤلاء وأولئك الذين يحاولون صنع أجواء مشابهة لأجواء بلدهم ، كان هذا الاستطلاع عبر الحديث معهم وجس نبض حنينهم ، ومشاركتهم بعض التفاصيل اليومية في حياتهم .
فِي الْغُرْبَة : بِكُلّ حُرّيَةٍ نُمَارِسُ الطّقُوسَ الدّينِيّة :
كانت البداية مع الدكتور سالم ميلود أبوظهير الذي حدثنا قائلا: بصراحة شهر رمضان خارج الوطن باستثناء الشوق للمكان ولأفراد العائلة لا يختلف كثيراً عن هنا ، فالمساجد في البلاد التي أعيش فيها كثيرة و قريبة جداً من سكني ،ولنا حرية ممارسة طقوس العبادة خصوصا في رمضان والأعياد والمناسبات الدينية .
وأضاف : المطبخ الرمضاني ليبي بشكل كامل ،ولاتغيب إلا بعض الوجبات القليلة التي كانت في قريتي مثل (خبزة التنور) ،غير ذلك لاشيء مختلف .
و أشار لأن العادات والتقاليد حولت المجتمع الصغير هنا من قرية يسكنها أهلك إلى قرية أكبر لأناس من كل ليبيا والدول العربية والإسلامية . وماعدا عادة زيارات الأقارب فلاشيء مختلف ،أما التقاليد فلا اختلاف . و إجمالاً فيما يتعلق باللباس للزي الوطني يحرص معظم الليبيين على ارتدائه في رمضان والأعياد .
وأكد : بشيء من الحنين أفتقد المكان بكل تفاصيله .التراب في قريتي مختلف جدا عن التراب هنا، أفتقد صوت الأذان في المساجد القريبة مني ، أفتقد أشجار الزيتون خاصة شجيرات الزيتون واللوز والتين في حديقة بيتي الخلفية في ليبيا، وأنا أراها كبرت وأورفت في مقاطع الفيديو العائلية وأتمنى أن أنام في ظلالها “.
يستذكر : كان آخر رمضان صمته في ليبيا عام 2006 ، ولكني على كل حال محظوظ كون جيراني ليبيون ومسلمون ،وفي مدرسة أطفالي يشكل المسلمون نسبة 99% من الطلبة والمعلمين، والمساجد قريبة و زوجتي ليبية، فالمطبخ ليبي صرف من البازين إلى رشتة الكسكاس وعالة الشاهي والزميطة والبسيسة .
لَمْ أعِشْ رَمَضَاناً وَلَاعِيداً فِي غُرْبَتِي هَذِه!
تقول الدكتورة انتصار المقريف المقيمة في دولة ماليزيا منذ خمس سنوات: حينما يقترب أول رمضان بالغربة أول مايسأل عنه المغترب كيف هي أجواء رمضان هنا… ويتوقف الرد حسب دولة الاغتراب.. كانت غربتي بماليزيا.. دولة متعددة القوميات والديانات.. لا توجد بها أجواء رمضانية خاصة عدا صلاة القيام وتوفر المصليات بكل مجمع سكني.. في السنوات الأولى خضعنا لأسلوب حياتهم حيث تغلق المطاعم والأسواق وكل الخدمات الترفيهية مع العاشرة ليلا.. ثم ازداد حجم الجالية العربية في السنوات الأخيرة ،ومع امتلاكهم لبعض المطاعم والمحلات التجارية أصبح هناك نوع من الأجواء العربية في العاصمة كوالالمبور. وتضيف المقريف : ظلت طقوسنا رهن بيوتنا وعائلتنا الصغيرة وبطريقة مختصرة وبسيطة مع الحفاظ على أكلنا الليبي .افتقدنا اللمة والأهل والسهر أيضا بحكم أن أغلبنا طلابٌ مرتبطون بيوم دراسي مرهق.. كنت دائما أقول لم أعش رمضانا أو عيدا في الغربة.. بعد خمس سنوات من الاغتراب….رد الله غربتنا. .ووفق مقاصدنا. لا أشتري حاجيات رمضان التي تعود الليبيون المقيمون داخل ليبيا شراءها، كما أن شهر رمضان هو شهر لمساعدة المحتاجين في أي بلد و ليس فقط في بلاد المسلمين ، حيث يجب على كل إنسان أن يعرف بأن الإنسانية و العطاء لا ينتظران شهر رمضان من كل عام !
رَمَضَانُ فِي لَنْدَن أنْسٌ وَ إحْسَانٌ
الدكتورة آمال المنصوري / مستشارة نفسية ومقيمة في لندن منذ 21 سنة – تقول : أقضي شهر رمضان بشكل طبيعي جدا . لا أشتري احتياجات رمضان التي تعود الليبيون المقيمون داخل ليبيا شراءها ، لأنني أعتبر شهر رمضان شهرا لمساعدة المحتاجين في أي بلد و ليس فقط في بلاد المسلمين ، بل يجب تقديم المساعدة للفقير و المحتاج أينما كان . بالنسبة للأكل فهو عبارة عن وجبات عادية جدا : تشمل طبق الشوربة الليبية وهو من أهم الأطباق ، وبجانبه طبق واحد ، مع طبق السطة الحاوية على المكسرات التي تزود الجسم بالفيتامينات التي يحتاجها أثناء النهار . وتضيف : بالنسبة لدوام العمل الرسمي يظل دواماً عادياً من الساعة 8 صباحا و حتى الخامسة مساءً مع مواعيد لمدة ساعتين بالعيادة الخاصة وعلى تمام الساعة السابعة و النصف يكون التواجد بالبيت للبدء في إنهاء فرائض الصلاة و من ثم تجهيز الأكل لمدة ساعة فقط .
باعتبار أنني تعودت على الحياة العملية في لندن فإن المطبخ آخر أولوياتي . وتشير المنصوري : لا أفتقد أي شيء في لندن لأن كل شيء متاح هنا من جَمْعة الأصدقاء المسلمين و غير المسلمين . فقد تعودنا أن نقوم بدعوة بَعضِنَا البعض وكل واحد يأتي بطبق معه حتى لا يكون العبء على صاحب الدعوة . وأجواء رمضان متوفرة و نلتقي مع الأصدقاء مرة كل أسبوع في نهاية عطلة الأسبوع فقط . وتضيف : قضيت خارج الوطن 21 سنة و تعودت على قضاء شهر رمضان في لندن ، و لا أشعر بالفرق أبدا لأن مبدأ الصيام لدينا هو ليس صياما على الأكل و الشرب بل يجب أن يصوم الإنسان كل حياته عن نشر الكذب و الفتنة و يجب على كل إنسان أن يعرف بأن الإنسانية والعطاء لا ينتظران شهر رمضان كل عام ، ليتقرب الإنسان إلى ربه بل الإنسانية لا تعرف دينا أو جنسية فهي أخلاق و سلوكيات . الصّيَامُ خَارِجَ الوَطَنِ سِجْنٌ لَاغَيْر ! بينما يصرح الشاب أحمد باي المقيم في تونس منذ ثلاث سنوات أن رمضان بعيدا عن الوطن يشبه الحبس ، مع أننا نحاول قدر المستطاع الحفاظ على الطقوس الرمضانية الليبية لكنها لن تكون هنا مثل رمضان ليبيا بكل طقوسه وعاداته المميزة ووجباته الغذائية مثل : الكسكسي والفتات ، وتقاليده الاجتماعية المتمثلة في لمة الأصدقاء والأحباب ، والزيارات وممارسة الطقوس الدينية الجماعية ، رمضان في ليبيا مختلف تماما ولا يمكن تعويضه . وتحكي الصحفية سلمى مسعود المقيمة في دولة مالي: منذ ثلاث سنوات و طقوس الوجبات هنا تختلف كثيرا عن طقوسنا في ليبيا ، لأن المأكولات تكون حسب إنتاج البلاد، فهناك أشياء لا تتوفر هنا لتحضير الوجبات الليبية التي أحبها ، لكنني أتمسك جدا بالعادات والتقاليد الليبية ودائما ما أحاول تعريف الناس بثقافتنا الرمضانية وعاداتنا في هذا الشهر الفضيل . وتضيف بشيء من الوجع : ما أكثر الأشياء التي تفتقدها في رمضانك بعيدا عن الوطن،أولها الأهل ، الأقارب والأصدقاء وسهراتنا و”زرداتنا” وولائمنا وأيضا الشوربة الليبية، وأكلات : “المحشي والبراك ” وأيضا رفقة صلاة التراويح والأجواء الروحية البديعة التي لن تجدها وأنت بعيدٌ عن وطنك .
الجَالِيَةُ العَرَبِيّة فِي بَرِيطَانْيَا أسْرَةٌ رَمَضَانِيّةٌ وَاحِدَةٌ
الدكتور محمد غرس الله مقيم في بريطانيا منذ تسع سنوات يؤكد : أحتفظ بالطقوس العربية الليبية في شهر رمضان بنفس طريقتنا في ليبيا، نحتفي بشهر رمضان الكريم بالاستعداد له ، فهو شهر الخير والبركة الذي يتغير فيه إيقاع الحياة شخصيا وأسريا ، خاصة في الغربة مع افتقاد الحياة الاجتماعية واشتياقنا لها كمغتربين ، حيث نستعد لهذا الشهر بتجهيز وشراء بعض الاحتياجات من الأسواق، مثل الأشياء الخاصة بوجبات الإفطار والعشاء والسحور، حيث نشتري ما يساعد في تجهيز الوجبات الليبية، كما نقتني إمساكية شهر رمضان ونعلقها في البيت لمعرفة مواقيت الصلاة ومواعيد الإفطار والسحور والإمساك، ويتغير طقس الحياة في البيت مع شهر رمضان، بغض النظر عن الحياة العامة هنا.
يبقى التأقلم مع مواقيت العمل والدراسة الصارمة والتي لا تتغير مع حلول شهر رمضان المبارك. نحرص دائماً على أن يكون اليوم في شهر رمضان يوما حيويا بتحفزنا للعبادة، وأيضا نظهر تغيرا في تنظيم الوقت، ونحرص على أداء صلاة التراويح في المسجد وبقية الصلوات حسب ظروف العمل والدراسة، هذا ونلتقي كجالية في المسجد القريب من البيت حيث تصبح الحالة الاجتماعية مصدر دفء وترابط فردي وأسري بالمسجد وبالمصلين. ويضيف : ورغم ذلك، يبقى لصيام شهر رمضان مع الأهل في ليبيا حنين ومذاق خاص، فالمجتمع وطريقة حياته هناك في شهر رمضان تكون في نفس الحالة الإيمانية ، حيث الأهل والأقارب، وترادف لقاءات وزيارات الأهل التي يحتاجها المغترب ، بينما هنا نمارس حياتنا العادية من دراسة وعمل بدون تأثير من شهر رمضان ، فاليوم طويل جدا هنا ، رغم تعودنا ، والآن أصبحنا لا نحس بالتعب أو الإرهاق فالشهر الكريم يمنحنا طاقة وتجليًا ربانيًا ونحن نصوم ونعمل أو ندرس في الجامعات دون أي تأثير بل بإحساس بالفخر .
ويشير : ما يميز هذه البلاد كثرة المساجد فيها وتكاثف الجالية العربية والإسلامية كأسرة واحدة يشكل المسجد مركزها ومكان لقائها في الصلوات الخمس وصلاة الجمعة وصلاة التراويح وصلاة العيدين .
أحِنّ لِكُلّ تَفْصِيلٍ مِنْ طُقُوسِ الرّمَضَانِ اللّيبِيّ !
أما الدكتور عمران مفتاح ، المقيم في دولة مصر منذ ثماني سنوات ، يختصر رأيه بقوله : لا أشعر بالفرق كثيرا ، لأننا نحافظ على كل شيء الزيارات الأسرية ولمة الأصدقاء والطقوس العامة . وتحكي زميلتنا بصحيفة فسانيا / كوثر أبونوارة التي أجبرت تحت التهديد إلى النزوح إلى دولة تونس عن طقوسها الرمضانية قائلة : أقضي شهر رمضان برفقة أخي في الجمهورية التونسية ، أقضي أيامي بحرقة وألم وتعب لأنني بعيدة عن أهلي ، في غياب الجو الأسري الذي اعتدت عليه في حياتي الماضية في الحقيقة ليس لرمضان أي مذاق خارج وطني
وأضافت : أحاول الاحتفاظ بالطقوس الرمضانية التي اعتدت عليها في بلادي ومع أسرتي، فأقوم بتحضير مائدة رمضانية حسب الطقوس التي نمارسها هناك ، لأنني أعيش حياتي كليبية في بيتي إلا أن نكهة رمضان في الغربة مختلفة تماما مهما حاولت!
وأشارت : أفتقد الجو الأسري والأجواء الجميلة والأكل الليبي الأصيل والسهر مع الأقارب ، أفتقد أجواء زحمة شوارع ليبيا من أجل العيد والكثير من الأمور التي لا تحصى ولا تعد . فالغياب عن الوطن في هذا الشهر الكريم سيكون من أصعب الأوقات الأليمة التي يتجرعها المغترب ، عامان وأنا خارج الوطن أتطلع لأجواء رمضان من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والأماني تغلبني بأن أتواجد العام المقبل في ليبيا لأقضي الشهر الكريم في وطني وبين أفراد أسرتي.
لِي وَلأسْرَتِي مَاتَيَسّرَ مِنْ الرّمَضَانِيَات !
المنتجة التلفزونية كونية المحمودي تسرد تفاصيل رمضان في غربتها قائلة: بالتأكيد وبلا شك نحيي رمضان كعائلة جميعاً، كما نحييه في بلادنا ليبيا، فنحن مسلمون أولا وليبيون ثانيا، وقد ربّانا أهلنا على هذه العادات والتقاليد التي ارتبطت بشهر رمضان الكريم و أصبحت جزءًا لا يتجزأ من ذاكرتنا، وأنا أتعمد أن أشرك أولادي في الاستعداد لرمضان بالترتيبات التي تتم في نهاية شهر شعبان، من تجهيز البيت والجنان، وشراء اللوازم من المحلات العربية وترتيبها قبل تغيير الشهر الكريم، وإضافة لمسة ما أو تغيير على غرفة المعيشة، أنا أتعمد هذا لكي أحسسهم باختلاف شهر رمضان عن باقي الأشهر، حيث لا شيء في الشارع الأوروبي ممكن أن يذكرهم برمضان. و تتابع المحمودي: أحاول أيضا أن تكون سُفرتي متنوعة بأطباق رمضانية ليبية قُحّة ، حتى أشعرهم أيضا بهذا الاختلاف، فأنا أعد الأطباق الليبية كالبوريك، والكفتة، والشربة العربية، والمبَطّن، والمحاشي، والمحلبية، ولقمة القاضي، والبسبوسة، والمحنشية، والبكلاوة، ورشتة الكسكاس التي أعدها بنفسي حيث لا محلات هنا تبيعها .
وأضافت : أحاول أن أعودهم أيضا على قراءة القرآن وسماعه خصوصا وقت المغرب، ونحرص على مشاهدة بعض المسلسلات العربية العائلية بعد الإفطار مباشرة، بالاشتراك في الباقة العربية، التي لا يتابعها أولادي في سائر الأيام، وذلك للترويح عن أنفسنا فنحن نصوم ساعات طويلة جدا، وإفطارنا يأتي بعد التاسعة والربع في هذه الأيام، أما حين يكون رمضان في الصيف فإنه يترواح بين العاشرة والحادية عشر، وهي ساعات مرهقة وطويلة يقضيها الصائم، علاوة على أن العمل والدراسة تسير في مواعيدها الرسمية وليس فيها أي تهاون فالطالب الجامعي هنا يرجع إلى البيت في السابعة وأحيانا في الثامنة.
وبحنين تشير المحمودي : أفتقد كل شيء .. كل شيء تقريبا .. أفتقد بهجة شوارعنا وهي تلبس حلتها في رمضان وفي أيام العيد .. أفتقد بركة الفقراء الذين أراهم في الأسواق يوميا وهم يحرصون على شراء كل مايلزم لمائدة رمضان الكريم، برغم الغلاء الشديد، وبرغم محدودية دخلهم، فرحا بالشهر الكريم .. أفتقد صوت الأذان في المساجد.. ومنظر شيوخنا، وأطفالنا، ونسائنا، وهم خارجون منها بعد صلاة التراويح حين يهرعون مباشرة بعد الصلاة ويتزاحمون على محلات الحلويات .. أفتقد راوئح الأكل الجميلة المنبعثة من نوافذ بيوتنا العامرة قبل المغرب .. أفتقد طلة أبي البهية – رحمه الله – وجَرْدِه الناصع البياض، عندما يعود من صلاة العيد حاملا لنا معه الحلوى والنقود حين كنا أطفالا، أفتقد سهرياتنا العائلية في رمضان، وطلعاتنا الليلية، و”عزومات” الأهل التي نلبيها في العادة بعد الإفطار أو في السحور.. وأكثر ماأفتقده هو لمتنا في بيت العائلة الكبير أول أيام رمضان، والإفطار مع الوالدة وإخوتي وأطفالنا، حيث أن والد زوجي ووالدته متوفيان رحمهما الله .. الإحساس برمضان في الغربة شيء مصطنع مهما حاولنا تجميله.. ولا يعطي أبدا نفس البهجة الحقيقية.. لكننا طبعا نحييه كما يجب لأنه شهر كريم مليء بالعبادة، والبركة، والرحمة، والغفران، والمحبة.
أشْتَاقُ لِفَرَحِ أمّي بِزِيَارَاتنَا الرّمَضَانِيّة !
تقول نجوي التوهامي لغة عربية”أدب حديث” أستاذ مساعد في الجامعة الإسلامية العالمية/ ماليزيا : بعيداً عن الوطن، يعني كل شيء بعيد ؛ ماعدا تلك الغصة القريبة التي تخنق الحلق عند كل مغرب. فبالرغم من أن أسرتي المكونة من زوجي وأولادي معي إلا أن جلسة “جنان الحوش” الأرضية، ورائحة التراب المبلول، وسفرة الشاي والقهوة، نفتقدها في كل رمضان. وجبات رمضان عادةً لا تتغير، ف “الشوربة المنعنعة ” ملكة المائدة . بالنسبة للسكان هنا في ماليزيا أكلهم بعيد جدا عن اشتهائنا، فهم يخلطون السكر والملح في طبخهم، ومؤخراً كثرت المطاعم العربية لاسيما المطاعم الليبية إذا راودتنا أحياناً فكرة الإفطار خارج البيت.
و تكمل التوهامي حديثها : أما صلاة التراويح فالمساجد كثيرة جدا ، وفي كل مسجد موائد متنوعة من الطعام متاحة للمصلّين، إلا أن عصيدة السحور أمر ضروري، فالأولاد يطلبونها دوما، والبعض منهم يريدها بالرب وزيت الزيتون، ومنهم من يريدها بالزبدة والعسل. وأكثر الأشياء التي أفتقدها: فرحة أمي حينما نأتيها للإفطار عندها. هنا كل شيء متوفر عدا لمّة الأهل، وزيارات الأقارب.
إن هذا العام سابع رمضان لي وأنا بعيدة عن الوطن. أسأل الله العلي القدير أن يمنّ على بلادنا بالشفاء من هذا الداء العضال الذي ألمّ بها. وكل عام وجريدة فسانيا وعمالقتها بخير .
لَاطُقُوسَ رَمَضَانِيّة لِأسْرَة امْرَأةٍ تَسْتَنْزِفُهَا الْغُرْبَة !
جميلة المهيوب/ موظفة في مركز الهجرة واللاجئين في مدينة فكتوريا مقاطعة بريتش كولومبيا ، تتحدث هي الأخرى لفسانيا مؤكدة: ” لا أستطيع الاحتفاظ بالعادات والتقاليد هنا ، فظروف الحياة تفرض عليك نمطا آخر من التأقلم ؛ كيف لأم مسؤولة عن ثلاثة أولاد ، تستفيق من السادسة صباحا وتعمل ثمانيَ ساعات يوميا خارج البيت. وهي تقوم بأعمال البيت كاملة من طبخ وتنطيف وشراء كل ما يخص البيت من الإبرة إلى أكبر الأشياء كيف لها أن تعيش طقوسا معينة ؟! وأضافت : في معظم الأوقات أطلب وأسرتي أكلا من المطعم ، وأكثر ما أفتقده صوت الأذان و لمة العائلة، وروائح الطبخ المنتشرة قبل المغرب. أفتقد السهريات الرمضانية. هذا هو رمضاني التاسع بعيدة عن وطني أمس فقط فطرت مع صديقات ليبيات في الجامع وكان رمضان بنكهة مميزة أمس فقط كان جميلا .