- الشاعرة : لطفي زكري
جرّب أن تنسُخَ منك نُسخا تتدرّب
على الصحوة بعد الموت كلّ نهار
أن تقذِف في الجوِّ الفكرة
لتسحبك لطريق الطير
أن تتغرّب في كون أرحب
أن تتسلل إلى منطقة أخرى
في لحظة وارفة بالملل
كدبيب الوقت في قلب العمر
أن تدخل من ثقب فراغٍ
كقطعة شكٍ في رأسك
لتُنجبَ قصة حبٍ مالحة
لتملأ راسك بالنسيان
فتهدُّ خُطاك
جرّب … أن تعصُر من سُكّرِ ملحٍ سَكَرا
سترى أرضا أكثر قهرا
و إن تهرب … فستجد الأرض هناك
جرِّب … أن تحلم
و تهزّ وطنا كزجاجة خمرٍ
لتسقط من يدك
الى تُربة غُربة
جرِّب …
أن تتطهّر بغيمة شِعرٍ
أن تتعرّى من كل قناع
و تَنزَع مِنك حقيقتكَ
و من وهمك تهرب
فقد تجدُ الظِِّلَّ هناك ….
يتبعك
جرّب .. أن تتعذّب برِقة حَزنٍ
فقد تجدُ حُبّا أعذب
جَرِّب ….. أن تتجرّد من خوفٍ يحبسكَ
و حقيبة فزعٍ تسبقكَ
و بردُُ مثل خطيئة عُمر….
و غربة حزن ترعاكَ
فلا تهرب
فعيون الليل لك نُجُمُُ ٱفِلةُُ
و وجهُُ كالغيمِ من سحبٍ تتبعك
كوجهكَ في الليل يراك
جرِّب …
أن تتمدّد فىٍ الذاكرة الى الذاكرة
ستجدُ هناك ظل يلحقكَ
كنملٍ يأكل من سُكّر ذكراك
جرّب في قطعة ليل
أن تزرع ريشا لتطير و تهرب
فلا تجد في سماك هواء
و يظل الليل يجرُّ خُطاك
فجرّب أن لا تهرب ….
مثل مديحٍ لملكٍ ماتَ
مثل حديث ظلامٍ بليل فات
مُوجمةُُ كالصمتِ
مقفلةُُ كالوطنِ كلُّ رُباكَ
جرِّب أن تمُدّ يداك
لجليسٍ كالذاكرة
لحبيس يحملُ كلَّ دفاترَكَ
يَقرأُ عنك رموز الدهرِ
و إن تنسى أنت…فهو أبدا لن ينساكَ
فلا تهرب …
و تُلقي خطواتكَ في المجهول
و غُبار مثقوب بالوطن
يجُرُّ خُطاكَ ….
فلا تهرب …
و الأرض بُعدُُ مداها مداكَ ..
و انت منذ وطن تتعرّى
و لا تشعُر..
فضباب الغيم يدُسُ سَناكَ
مذ كان الوطن كل هواكَ
و كل ٱتٍ ٱتٍ ….. أظُنُ أتاكَ …
فلا تهرب….
جَرّب ان تمُدّ شرودكَ في الوهم..
و الوهم يشدُّ يداكَ …
كمن يرحي الريح
و تنسى سِرّ مُناكَ …
و كما انت …
تلوك و تهضمُ ….
فىٍ الوهمِ عُلاكَ …….
جرّب ان لا تهرب …..
فقد تجد الظِلّ هناك














