المستشارة القانونية : فاطمة درباش
تحكم العلاقة بين القانون والسياسة وفق جدلية مائية لا تستقر على شكل معين، فإذا كانت السياسة بتعريفها البسيط هي فن الممكن لتحقيق مصلحة ما، فالقانون بمعناه الأول هو مقياس كل شيء وطريقه. بالتالي يمكن رسم العلاقة بين القانون والسياسة انطلاقا من هذين التعريفين، بأن القانون هو مقياس ممارسة فن الممكن لتحقيق المصلحة وطريقها.
القانون هو مجموعة الأسس والقواعد التي يتوجب على الجميع شعبا وحكومة الالتزام بها نصا وروحا. كما أن القانون يحدد السياسات ويرسم للحكومة طريق التطبيق على أساس مبدأ الثواب والعقاب، أما السياسة فالسياسة الأيدلوجية هي التي تقوم بإنشاء قواعد جديدة للأنظمة التي تقوم على أساس العقيدة.
إذاً السياسة هي مجموعة من الأنشطة التي تؤثر في قرارات السلطة والحكومة وتؤثر في أسلوب الإدارة العامة للبلاد، والسياسة عبارة عن مجموعة من الآراء والاعتقادات التي تساعد في اتخاذ طريقة مناسبة للحكم، وهي عبارة عن العلاقة بين الحاكم والشعب في الدول التي من خلالها يمكن اتخاذ القرارات الخاصة بالمجتمعات؛أما القانون فهو من يصنع السياسات في المجتمع، وتستمد السياسة تكوينها وأسسها من خلال القانون، والقوانين فمن خلالها يعرف كل فرد حقوقه وواجباته وتستمد هذه الحقوق من هويته كإنسان وكمواطن.
فالأخلاق هي نتاج القانون، والجبر القانوني أكبر قوة تعمل على تعديل السلوك الذي يتحول إلى تقاليد وأخلاق حينما ينسى الناس القانون.
وأغلب المفكرين ونحن نؤيدهم يروا بضرورة تخليص القانون من سطوة السياسة وهيمنة السياسيين، وقلب المعادلة السائدة بأن تكون السياسة تتبع القانون، وليس العكس؛ أي إعادة توقيف الدولة على رجليها، كي تقوى أن تمشي بثقة وبخطى ثابتة.
فالفرق بين القانون والسياسة يكمن في أنه تُعبِّر السياسة عن “نوايا” الحكومة في مجال من المجالات، ويكون “القانون” هو المعين في القيام بما ترغب الحكومة في فعله.
فالقانون هو الذي يصنع السياسة في المجتمع التي تستمد تكوينها وأسسها من خلال تطبيق القانون الذي يتضمن الحقوق والواجبات والقواعد النظرية المكتوبة كي تمارس الحكومة ومؤسساتها دورها للوصول إلى أهدافها انسجاما وتوافقا مع نمط الحياة وتطلعات المجتمع.