بشكل قاطع نفى عميد بلدية سبها حامد الخيالي المعلومات التي تداولتها منظمات ووسائل إعلام خارجية مؤخرا عن وجود «أسواق للعبيد» في المنطقة الجنوبية، مشيرا إلى أن هناك من يسعى لتوطين المهاجرين غير الشرعيين في ليبيا.
وهدد الخيالي في حوار مع «الوسط» بمقاضاة هذه المنظمات إذا لم تعتذر عن معلوماتها المغلوطة التي تهدف، وفق قوله إلى شرعنة توطين آلاف اللاجئين في المنطقة، لافتا إلى أن مدينة سبها تخلو تماما من أي مركز للمتاجرة بالبشر، وأن هدف المهربين هو نقل المهاجرين إلى ساحل البحر المتوسط تمهيدا لنقلهم إلى أوروبا وليس المتاجرة بهم داخل ليبيا.
ورد الخيالي على معلومات أوردتها منظمة الهجرة الدولية ومعها جريدة «الجارديان» البريطانية حول وجود مراكز احتجاز غير رسمية في سبها، يتعرض داخلها المهاجرون غير الشرعيين لإساءة معاملة واستغلال، بالإشارة إلى أن المجلس البلدي أصدر توجيهات بحسن معاملة هؤلاء المهاجرين، مشيرا إلى أن الجهات الأمنية في المدينة لم تقدم أي تقارير عن وجود مثل هذه المراكز في المدينة.
واتهم الخيالي القاعدة الفرنسية في النيجر والتي تقع على بعد 70 كلم من الحدود الليبية بالتواطؤ مع مهربي البشر، مشيرا إلى أن المجالس البلدية في الجنوب تتعاون لمواجهة الآثار السلبية لظاهرة الهجرة غير الشرعية، لكنها لا تملك الإمكانيات لتنفيذ خطة شاملة للسيطرة على الحدود الشاسعة.
وتطرق الخيالي إلى عدد من القضايا الأخرى المرتبطة بقضية الهجرة، فتحدث عن كيفية اختراق المهربين للحدود الليبية والأسباب التي تحول دون التصدي الكامل لهم، وكذلك كيفية التعامل الناجز مع هذه الظاهرة، فإلى نص الحوار:
الحديث عن تجارة البشر عبر الحدود الليبية ليس جديدًا.. فلماذا أثارت التقارير الأخيرة لمنظمة الهجرة الدولية، فضلا عن منظمات حقوقية أخرى، غضبكم؟
لابد أن يعلم المواطن الليبي وكل العالم أنه لا يوجد في ليبيا تجارة بشر أو أسواق لبيع المهاجرين، وفي سبها بالذات لا توجد مثل هذه الأسواق. نعم هناك ليبيون وأجانب يقومون بجلب أجانب بسيارات من الحدود الليبية إلى سبها وبعد ذلك إلى باقي مناطق ليبيا خصوصا الساحل للهجرة إلى أوروبا. وللأسف تثير المنظمات الدولية هذه الموضوعات الآن من أجل إيجاد ذرائع لتوطين المهاجرين في ليبيا خصوصا الجنوب، وأيضا من أجل إثارة الفتنة بين الليبيين ونحن لن نوافق على توطين أي مهاجر غير شرعي.
هل تشكك في نوايا هذه المنظمات؟ أم في صحة المعلومات التي تتداولها؟
نحن نشكك في كل المعلومات الصادرة من المنظمات الدولية حول المهاجرين، وقد طلبنا رسميا منها أن تثبت صحة تقاريرها حول الهجرة غير الشرعية في ليبيا وإن لم يثبتوا ذلك سوف نلجأ إلى القضاء المحلي والدولي ونرفع قضايا ضدها.
المنظمات الدولية تثير موضوع المهاجرين من أجل إيجاد ذرائع لتوطينهم في ليبيا ولن نقبل بذلك
الآن أصبح واضحا أن هذه المنظمات تسعى لإيجاد ذريعة للتوطين، ولو كانت نواياهم حسنة لساعدوا ليبيا في إعادة المهاجرين إلى بلدانهم الأصلية.
بذكر المعلومات.. لماذا لا يقوم المجلس البلدي في سبها بالرد على ما يراه غير صحيح بشأن الوضع في الجنوب، بدلا من تركه يتداول وكأنه الحقيقة النهائية؟
قمنا بالرد الفوري على تلك التصريحات والتقارير ونحن نطالب باعتذار رسمي من تلك المنظمات لأن كل ما قيل في التصريحات والتقارير غير صحيح، وتزييف للحقائق ومحاولة لتشويه سمعة سبها وليبيا، ولابد من رد اعتبار مدينة سبها وبلديتها. نحن نعتبر هذه المعلومات المغلوطة إهانة كبيرة لسكان سبها وبلديتها.
ما المعلومات المتوافرة لديكم بشأن قضية المهاجرين غير الشرعيين وترون أن التقارير الغربية تخالفها أو تخفيها عن العالم؟
كما يعرف الجميع أن هناك قاعدة عسكرية فرنسية في منطقة مدامه النيجرية وهي تبعد 70 كلم فقط عن أول نقطة حدود ليبية. هذه القاعدة كبيرة وبها كل الإمكانيات وجميع قوافل الهجرة غير الشرعية وعمليات تهريب البشر تمر من أمامها دون أن يحرك القائمون عليها ساكنا، رغم أن بإمكانهم إرجاع تلك القوافل إلى بلدانها الأصلية. هذا يدل على أن القاعدة الفرنسية تشارك في إدخال المهاجرين غير الشرعيين إلى ليبيا، فلماذا لا تذكر المنظمات الدولية للهجرة ذلك في تقاريرها.
في تقديري هناك شراكة بين القاعدة الفرنسية ومهربي المهاجرين ليس من أفريقيا فقط، بل حتى من دول آسيا، وهؤلاء أصبحوا يعبرون إلى ليبيا عبر النيجر وغيرها.
صحف عالمية كثيرة ومراكز دراسات تحدثت عن إساءة معاملة المهاجرين في مراكز احتجاز بعدد من المدن الليبية، معتبرة أن الأمر يرتبط بتدهور الوضع الأمني في ليبيا، فلماذا برأيك جرى التركيز خلال الفترة الأخيرة على مدن الجنوب بشكل خاص؟
هذه أخبار غير صحيحة وتضليل للرأي العام سواء المحلي أو الدولي.. تستطيع أن تتجول الآن في مدينة سبها لتجد أعدادا من المهاجرين في الطرقات يبحثون عن العمل ولا أحد يسيء إليهم.
هم يعملون في المزارع والبيوت والمحلات والورش وقمنا مؤخرا كبلدية بتشكيل لجنة حصر العاملة الأجنبية وأصدرنا بطاقات لهم بعد خضوعهم لفحوصات طبية عن طريق الهلال الأحمر
من جهة ثانية أريد توضيح أن مراكز الإيواء في سبها مغلقة منذ فترة بسبب عدم وجود إمكانيات، إلا في بعض حالات الترحيل التي تأتي من مناطق أخرى، وهؤلاء لا يمكثون سوى أيام معدودة تحت حراسة ويقدم لهم الأكل مجانا. ربما تحدث لهم عملية سطو أو غيرها مما نتعرض له نحن المواطنين في سبها يوميا. وقد وجهت بلدية سبها عدة مرات إنذارات بعدم التعرض للمهاجرين ووجهت بأن تتم معاملتهم معاملة حسنة.
كمسؤول كيف تنظر إلى قضية الهجرة غير الشرعية؟
الهجرة غير الشرعية جريمة كبرى في حق الإنسانية وحقوق الإنسان. كما أنها تعتبر مشكلة دولية، لكن هناك أطرافا دولية تقوم بتسهيل الهجرة وحماية تجار البشر ودعمهم، والسؤال هو: إذا كانت ليبيا دولة غير آمنة ولا يوجد بها استقرار وحتى مواطنيها يفتقرون إلى الأمن والأمان، وبها ظاهرة انتشار السلاح فكيف لآلاف المهاجرين الذين يتم إدخالهم إلى ليبيا أن يغادروها دون أن يتعرضوا لما يتعرض له الليبيون؟
في تقديرك ما المشاكل التي تترتب على هذه الظاهرة بالنسبة للشعب الليبي؟
تترتب عليها أشياء كثيرة وخطيرة للشعب الليبي فأولا يتم استغلال المهاجرين من جانب العصابات المتورطة في تجارة المخدرات والدعارة، وهذا يؤثر على الشباب من أبناء الشعب الليبي، هذا فضلا عن انتشار الأمراض والسرقة. نعلم أن أفريقيا وبعض الدول الأخرى يوجد بها كثير الأمراض التي ينقلها هؤلاء المهاجرون، تماما كما ينقلون المشاكل الاقتصادية والأمنية.
الليبيون يتعرضون لمشاكل يومية بسبب الظروف القائمة فكيف سيمر المهاجر دون أي يتعرض لمضايقات؟
في مواجهة هذه المشاكل ما الجهود التي بذلها المجلس البلدي من أجل التصدي لمافيا تهريب البشر عبر الحدود الجنوبية؟
نحن في مناطق الجنوب وسبها خاصة نعاني مشكلة الهجرة غير الشرعية، ومن الغريب أن تجد المقرات الرئيسية للجهات المسؤولة عن الهجرة غير الشرعية وحرس الحدود في طرابلس. من المفترض أن تكون هذه المقار في الجنوب وأن يكون حرس الحدود متواجدا من الحدود المصرية حتى الحدود التونسية والجزائرية.
في الجنوب لا توجد إمكانيات لمكافحة الهجرة غير الشرعية والحدود شاسعة ووعرة، بما
يصعب من جهود مكافحة الهجرة والعصابات التي تقوم بجلب المهاجرين.
هل تتعاونون مع جهات أخرى ذات صلة بموضوع الهجرة، أم تتعاملون مع الأمر في حدود اختصاص المجلس البلدي؟
في بلديات الجنوب نتواصل مع بعضنا ونتناقش حول موضوعات الهجرة ولكن لا نملك الإمكانيات لتنفيذ أية خطة على الأرض. وقريبا سيعقد عمداء بلديات الجنوب اجتماعا سوف يطرح فيه موضوع الهجرة بكل قوة، ولابد لبلديات الجنوب أن تعمل مع بعضها لإيجاد حلول لهذه المشكلة.
تركز التقارير الدولية على أن أغلب الانتهاكات التي يتعرض لها المهاجرون تتم داخل مراكز احتجاز غير رسمية. فما مدى انتشار هذه المراكز في منطقة الجنوب؟
مراكز الاحتجاز في الجنوب الليبي مقفلة لا توجد بها أية إمكانية من أجل إيواء المهاجرين؛ لا تغدية ولا أطباء ولا إمكانيات لعناصر تلك المركز فكيف يتم احتجاز مهاجرين دون أن تقدم لهم الخدمات الإنسانية في تلك المراكز. هذا كلام عار عن الصحة.
جريدة «جارديان» البريطانية قالت إن تجارة المهاجرين الأفارقة أصبحت أمرا اعتياديا في ليبيا، وأصبحت التجارة في البشر نشاطا طبيعيا يتم في العلن، ما تعليقك؟
«الجارديان» شريكة في نشر المعلومات والأخبار غير الصحيحة حول الهجرة في ليبيا. ونحن نملك أجهزة أمنية في المدينة لم تقدم أية تقارير تفيد بوجود هذه التجارة، وأتمنى من «الجارديان» ومنظمة الهجرة الدولية أن يقوما بتصوير أسواق بيع المهاجرين في ليبيا حتى نتأكد منها.
مدير العمليات في منظمة الهجرة الدولية محمد عبدالقادر ذكر أن هناك أسواقا للعبيد، في ليبيا، وحسب تعبيره فإن هناك مشاكل أخرى يتعرض لها المهاجرون في ليبيا. هل تظن أن المنظمة تبالغ؟
هذه المنظمة تبالغ بل وتزيد في المبالغة من خلال نشر المعلومات غير الصحيحة والسيد عبدالقادر اعتذر عن تصريحاته حول وجود سوق للعبيد في مدينة سبها، وقال إن تصريحاته نقلت بطريق الخطأ.
هل لديك معلومات عن أحوال المهاجرين الذين يفرون من بلدانهم، في مالي والنيجر وتشاد، ويمرون على سبها في طريقهم باتجاه الساحل؟
لا توجد لدينا أية فكرة أو معلومة حول مشاكلهم أو أحوالهم لأن سبها تعتبر مدينة عبور لا أكثر.
تحدثت التقارير الدولية عن مافيا تعمل على نقل هؤلاء المهاجرين عبر الحدود الليبية وصولا إلى مدن مثل تمنهنت وسبها.. ما معلوماتكم في المجلس البلدي عن هذا الموضوع؟
لا توجد لدينا معلومات.
مهاجر سنغالي قال لمنظمة الهجرة الدولية إنه تعرض للاحتجاز بغرفة مزدحمة في مدينة سبها، فهل تعتقد أنه اخترع هذه الرواية؟ ولماذا؟
هدة معلومات لم يبلغ بها المجلس البلدي من جانب الأجهزة الأمنية في سبها، وهناك حالة تعرض لها قبل أيام نائب القنصل النيجيري في سبها وهي عملية سطو، حيث تمت سرق منه نقود بسيطة من قبل خارجين عن القانون وبلدية سبها ضد التعدي على أي مهاجر أو انتهاك لحقوقه.
مهاجر آخر قال إنه اضطر لدفع فدية لمسؤول بسجن موقت في المدينة حتى يتمكن من مغادرة السجن، لكنه تعرض للبيع إلى مسؤولي سجن آخر… هل لديكم علم بمثل هذه السجون في المنطقة؟ وما الذي يدفع مهاجرا لإطلاق مثل هذه المعلومات ما لم تكن حقيقية؟
هذه الأمور تخص الأجهزة الأمنية وهي التي لديها معلومات حول مسألة وجود سجون خاصة للمهاجرين، مع العلم أنه لا توجد تقارير أمنية وجهت إلى البلدية بهذا الشأن، ولا يوجد مركز إيواء لأنها كما أسلفت مغلقة لعدم وجود إمكانيات.
كيف قرأت تصريح رئيس منظمة الهجرة في ليبيا، عثمان بلبيسي، الذي قال مؤخرا إن هناك أسواقا للعبيد في سبها، وإن الشخص يستطيع دفع ما بين 200 و500 دولار للحصول على مهاجر واستغلاله في أعمالك؟
هذه التصريحات كانت مخيبة للآمال ومفاجئة لنا، إذ كيف لمسؤول أن يطلق هذه التصريحات التي لا أساس لها؟! مجددا أقول: سبها لا توجد بها أسواق للمهاجرين وأي شخص يريد عاملا مهاجرا سيجده جالسا في الطرقات.
هل سبق لكم أن التقيتم بأي من مسؤولي منظمات الهجرة أو الجماعات الحقوقية، خاصة التي تتحدث عن تجارة البشر في الجنوب؟
لم يسبق لنا اللقاء بهذه المنظمات ولم تقم أي منها بزيارة البلدية، وأي منظمة لا تسجل داخل البلدية أو وزارة الحكم المحلي لا نعترف بها.
قلت إنكم ستلجؤون إلى القضاء لمقاضاة منظمة الهجرة، إذا لم تعتذر. فماذا حدث؟
منظمة الهجرة اتصلت بنا بعد البيان الذي صدر عن المجلس البلدي لتوضح أن التصريحات المنشورة عن موضوع الهجرة لم تصدر عنها، وأن ما نقلته الصحف ووسائل الإعلام لم يكن صحيحا. ومن جانبي أطالب المنظمات أن تقوم بعملها الصحيح وألا تنقل معلومات غير صحيحة. أيضا على المنظمات أن تعلم جيدا أن توطين المهاجرين مرفوض من كل الليبيين ولن نقبل به مهما كانت الظروف، وعلى الدول أن تعالج هذه الظاهرة من منابعها وتتجه لتنمية بلدان المهاجرين الأصلية.