سالم أبوظهير
بشرى الحضيري – مديرة تنفيذية لمنظمة فزان الغير حكومية، وطالبة ماجستير تدرس التنمية المستدامة بجامعة ساسكس البريطانية-أنجزت قبل عامين ورقة بحثية مهمة عنوانها ” الحد من دور القبائل والأطراف الفاعلة غير الحكومية في جنوب ليبيا”.
أشارت مقدمة الورقة، لمعاناة الجنوب، بسبب غياب حكومة وطنية ومؤسسات حكومية فاعلة. مما ترتب عليه قيام القبائل والأطراف الفاعلة غير الحكومية بإدارة شؤون الأمن والعدالة، مشيرة أيضا الى أن طبيعة هذه الأطراف الفاعلة وسير عملها غير كافيان لأداء هذه الواجبات الهامة ، وأن القبائل والأطراف لا تتسما بالشفافية والشمول والمساواة ولا تخضعا للمساءلة، وتمنحا الأولوية لمصالح الفئات الصغيرة على حساب استقرار الجنوب بأكمله.
قدمت الورقة توصيفاً للخلفية وللوضع في الجنوب وقت اعدادها ، فبينت أن القبائل في الجنوب الليبي تعمل بوصفها مؤسسات دولة، فتساهم في توفير الأمن والعدالة بسبب غياب الدولة، وأن القبائل اكتسبت نفوذها منذ خطاب معمر القذافي في زوارة سنة 1973م، الذي دعا إلى تدمير المؤسسات الحكومية وتشكيل لجان شعبية تشجع الهوية القبلية ،على حساب الهوية الوطنية.
وبذلك استخدم القذافي القبائل لزيادة بسط نفوذه من خلال تحريضه القبائل ضد بعضها البعض ، و تعزيزه للعلاقات بين القبائل والدولة ، وإضفاء الشرعية على السلطة القبلية غير الرسمية في تقديم معظم الخدمات العمومية. ولهذه الاسباب (بحسب الورقة) استمّرت القبائل في لعب دور هام في الجنوب بسبب هذا التراث وبسبب غياب الدولة. كما بينت الورقة دور الأطراف الفاعلة الغير الحكومية كالمجالس الاجتماعية ومجالس الحكماء في احتواء النفوذ القبلي من خلال الحدّ من سلطة أي قبيلة أو فئة عرقية معينة على حساب أخرى ،وحصولها على دعم الشعب ،بسبب نجاحها في إرساء الأمن وتوفير الخدمات الأساسية.
الورقة في مجملها مهمة جداً ، فقد استعرضت عدد من النقاط التي وإن كانت مرئية ومعروفة للمواطن ، لكن ما زادها اهمية ، توصيفها واستعراضها بشكل علمي مدروس لعدد من مشاكل غياب مؤسسات الحكومة الرسمية ، وما نتج عنه من استلام القبائل والأطراف الفاعلة غير الحكومية مبادرة تسيير الأمور في الجنوب الليبي. توصيات الورقة مهمة أيضا ، وتمثلت في ضرورة أن تقوم الحكومة .
والمجتمع الدولي ووسائل الإعلام ، ومنظمات المجتمع المدني، بتعزيز قدرات مؤسسات الدولة في الجنوب من خلال تيسير التواصل بين المواطنين والسلطات المحلية، للمساعدة على إدارة النزاعات وتماسك المجتمع المحلي، و تعزيز الحوار بين الدولة والمجتمع لزيادة الوعي باحتياجات الجنوب،وتنفيذ برامج لتوظيف الشباب تساعد على منع الشباب من الانضمام إلى الجماعات المسلحة ،وتوفير تدريب في مجال بناء القدرات لعناصر الشرطة المنتدبين حديثا لتعزيز سيادة القانون والأهداف الأمنية المشتركة ، مع ضرورة إعادة تأهيل مراكز الشرطة المحلية وتزويدها بالمعدات والموارد الرئيسية.