الكاتب الليبي :محمد علي أبورزيزة
رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي ، إلا أن المشهد الثقافي العربي كان ولا يزال مُشوَّهًا بسبب
أيديولوجيات الحكم المكبلة للمدارك والعقول ، فللأسف ورغم كون ليبيا من أوائل الدول العربية التي شهدت نهضة ثقافية و صحفية و إعلامية و كانت باكورتها صحيفة ” المنقب الأفريقي ” عام 1827م الصادرة باللغة الفرنسية من قبل القناصل الأوربيين الجاثمين فوق أرض ليبيا الحبيبة ، ثم توالت هذه النهضة الفكرية بصدور صحيفة ” طرابلس الغرب ” الصادرة باللغتين العربية والتركية والتي كانت بأمر من الوالي التركي الحاكم بأمر الباب العالي في إسطنبول العاشقة لرياض أرضنا وسمار خيراتها ، و توالت الإصدارات للصحف والمجلات وتطورت بحيث كانت تعبر عن الأفكار النمطية
التي كانت نتيجة توالي السلطات وفقًا لإعادة تدوير الإرادة ، إلى أن أصبح النمط يُمثل النفط و الثروات التي حباها الله لأرضنا الغالية ، و تحولت الجرائد والصحف والمجلات والمنابر الإعلامية إلى مستودعٍ لبقايا موارد بشرية مهدورة و مأجورة ، تجمع كل ناشط لا يعرف وجهته إلى أين! وكل كاتب كتب حرفين ! أو سياسي صدَّقه اثنين ! و لا تعبر إلا عن مُخَيِّلةِ صانعها ، و أضحى الكاتب و الشاعر و الأديب و الصحفي وما يسمى بالناشط يعملون بطرق وآليات حديثة منها “الدفع المسبق” و”الولاء والبراء” و أمسى هذان المُعْتَقَدَان هما ديدن أغلب الصحفيين والإعلاميين والمُؤَرِّخين والكتاب والشعراء والأدباء في الوطن العربي ، حتى بات وصفهم في ذاكرتي لا يعدو كونهم ” غواني ماقبل الحروب .. و سبايا ما بعد الخراب ” و خير دليل على ذلك هو ازدواجية المعايير لديهم و انسلاخهم المتتالي و المتوالي من جلودهم التي تحمل بصمات أرباب النعم و العطايا و أختام الذِلَّةِ و الخنوع ، في حين اكتسب المشهد الثقافي في ليبيا وفي الوطن العربي تطورًا ملحوظًا ، وصار في أوج رقيه بدخول عصر الإنترنت و بفضل منصات التواصل الاجتماعي بعيدًا عن مماليك الثقافة والإعلام و قياصرة النِّخاسة و بطولاتهم الوهمية.