المزارعون: 98 % من الخضراوات الموجودة في السوق محلية
فزان : منى توكا.
مع دخول شهر رمضان المبارك يزداد استهلاك الخضار والفواكه وباقي المحاصيل الغذائية بشكل كبير ومع ارتفاع الأسعار يعتمد الجنوبيون على الإنتاجات المحلية إذ تشتهر المنطقة الجنوبية بأنها سلة غذاء ليبيا وذلك يعود لكثرة الإنتاج الزراعي من الخضراوات والحبوب والفواكه والتمور والزيتون.
ويعتمد أهل الجنوب بشكل كبير على زراعة المحاصيل الغذائية لأنها تعد مصدر دخل رئيسي للعديد من الأفراد كوسيلة للعيش وكسب المال بشكل مباشر.
وبحسب الإحصائيات فإن القطاع الخاص يساهم بنسبة 100 %من الإنتاج المحلي من الخضراوات، و بشكل عام تعتبر الزراعة من أهم القطاعات في البلاد وهي ثاني أكبر قطاع.
“فسانيا” في هذا الصدد التقت بنقابة الفلاحين وعدد من المزارعين وتجار الخضار في الجنوب لمعرفة المحاصيل الغذائية التي ينتجها الجنوب والصعوبات التي تواجه المزارع.
إنتاج محلي
يقول تاجر الخضار بالسوق المحلي بسبها عبدالرحيم عبدالمالك: إن أغلب الخضراوات التي أبيعها هي إنتاجات محلية ليبية، بعض الفواكه المستوردة من سبها ومن الخضار البصل الأحمر أيضا من مصر”، مشيراً إلى أن الأسعار في متناول الجميع.
وأوضح أن الخضار يأتي بها طازجة من المزرعة ، منوهاً إلى أن البطاطا يجلبها من مزارع تساوة وأم الأرانب و أوباري والبصل الأبيض والجزر والخس من براك الباذنجان والطماطم والفلفل الحلو والحار والكوسة والخيار من سبها بالإضافة إلى أم هناك طماطم من مزارع البيضاء وجالو بسبب عدم الاكتفاء، أما بالنسبة للفواكه يقول إن كلها استيراد من مزارع طرابلس.
ويقول تاجر التمور :إن كل التمور بالمحل هي تمور محلية ليبية من مناطق الجفرة و جالو و أوجلة والأسعار تتراوح من 5 دينار إلى 10 دينار، أما أسعار التمر المعجون من 8 دينار إلى 25، مشيراً إلى أن الأسعار دائما في المتناول لأن الجنوب يتميز بإنتاجاته الزراعية من التمور.
وقال الشاب إبراهيم علي -سائق من منطقة الرقيبة- إنه يعمل على خط( الرقيبة- سبها) الذي يأخذ منه 3 ساعات في الطريق ينقل الخضار من مزارع الرقيبة والتي تشتهر بالبطاطا إلى أسواق سبها على حسب الطلب، مشيراً أنه في الغالب يعمل من 3 إلى 4 مرات أسبوعياً.
وقال التاجر بالسوق المحلي بسبها مسعود عبدالعزيز إن كل ما يبيعه أصناف محلية من الجنوب ماعدا التفاح والموز، مشيراً إلى أنهم يشترون من أصحاب المزارع ويبيعونه بالجملة للمحلات و البائعين بالسوق المحلي ، موضحاً أن حركة السوق كبيرة وذلك بسبب الأسعار التي تعتبر جيدة بالنسبة للمواطن.
وأكد التاجر إبراهيم الحسن إن 98 ٪ من الخضراوات التي تباع في السوق محلية وكلها من مزارع الجنوب.
ويقول إبراهيم كوري صاحب مزرعة بمنطقة غدوة :” إن مساحة مزرعته 50 هكتارا بنظام الري المحوري أي ما يعرف (بدائرة زراعية ) وأن المحاصيل التي يزرعها بنظام الري المحوري هي الشعير ويتراوح الإنتاج ما بين 150 إلى 200 طن في الموسم حسب كمية التسميد واستقرار شبكة الكهرباء.
وأشار إلى الصعوبات التي تواجه المزارع في الجنوب الليبي حيث قال بالدرجة الأولى هي عدم استقرار شبكة الكهرباء أي زيادة عدد ساعات طرح الأحمال وكذلك تذبذب في التيار الكهربائي مما يؤدي إلى تلف مضخات المياه.
الصعوبة الثانية التي تواجه المزارع غلاء أسعار الأسمدة الزراعية والغريب أن سماد اليوريا إنتاج محلي ينتج في مصنع البريقة وقيمته في المصنع لا تتجاوز 100 دينار للقنطار لكن في الموسم الماضي أشتري القنطار بـ 700 دينار قبل أن ينخفض الموسم الحالي إلى النصف.
ويرى أن الصعوبة الثالثة تتعلق بعملية التسويق في الجنوب إذ إن المزارع يبذل ما بوسعه رغم ارتفاع أسعار الأسمدة لكي يصل إلى معدلات لابأس بها في الإنتاج إلا أنه يفاجأ في نهاية الموسم بقيام الحكومة بعملية توريد الحبوب من الخارج مما يؤدي إلى انهيار أسعار الحبوب وبالتالي يرجع آثاره على المزارع، و يرى أنه من الأولى على الحكومة تشجيع المزارع وذلك بوضع آلية معينة بدل أن تستورد الحبوب من الخارج وأن تشتري من المزارعين عن طريق الجمعيات الزراعية.
ويقول الفلاح احميد عبدالسلام طاهر فلاح من منطقة سمنو إن أرضه الزراعية التي تبلغ مساحتها 60 هكتارا محاصيلها من القمح والشعير الطماطم والبصل و أشجار البرتقال والزيتون والنخيل.
ويوضح أن كل محاصيلها يبيعها للتجار الذين يأتون له للمزرعة مع أن أغلب دول العالم العربي تقوم بعقود مع الفلاحين و شراء إنتاجهم ولكن في ليبيا لا يحصل ذلك.
ويقول إنه يجد صعوبة في توفر الاحتياجات الضرورية وغلاء الأسعار مثلا اليوريا يقوم بشرائها من السوق السوداء بأسعار عالية و هي متوفرة في مصنع رأس لانوف.
إنتاج متنوع
و يشير الفلاح احميد إلى أنه أنشأ المزرعة في 1990 بها خمسة آلاف شجرة برتقال و ألف شجرة زيتون و ألف شجرة نخيل.
أما المواطنة عائشة مسعود من العائلات التي تزرع لتكتفي ذاتياً تقول إنها وعائلتها تعودوا على زراعة بعض المحاصيل الغذائية في منزلهم مثل البطاطا والبصل والنعناع و السلك و الزيتون والنخيل، موضحةً أن الزراعة جعلتهم مكتفين ذاتياً بعض الشيء.
المواطنة كلثوم المحمودي وهي أيضا من العائلات التي تهوى الزراعة، تصف تجربتهم في الزراعة بالرائعة والممتعة، موضحةً أنه كان لديهم في السابق مساحة واسعة بجانب البيت صالحة للزراعة وأنهم من العائلات التي تشجع على الزراعة.
تقول إنهم قاموا بزراعة الخضار بمتخلف أنواعها كالطماطم والفلفل والخس والباذنجان والباميا والخيار والبصل والبقدونس والكسبر والنعناع بالإضافة إلى بعض الورود كالقرنفل والعطرة و الأشجار منها شجرة الرمان والعنب والنخيل و بعض النباتات كالإكليل.
وأوضحت أن الزراعة وفرت عليهم الكثير ، فبدلا من شراء الخضراوات من السوق والذهاب في كل مرة كانت خضارنا بجانبنا وكلما احتجنا إلى شيء حصدناه من مزرعتنا الصغيرة ، كما أنها وفرت علينا التخلص من الخضراوات المسمدة بالأسمدة الكيماوية والمبيدات الحشرية موضحةً أنهم كانوا يهتمون بها بأسمدة طبيعية.
ويقول نائب رئيس اتحاد الفلاحين والمربين ببلدية سبها عبدالسلام السنوسي الشريف اعلوة، إن إقليم فزان من أكبر أقاليم ليبيا الثلاثة من حيث المساحة وبالرغم من هذه المساحة الشاسعة إلا أن مساحة الأراضي الزراعية المستغلة لا تتعدى 3٪” من مساحة الإقليم.
ويتابع” أن سكان الإقليم ولعدم وجود مناشط اقتصادية أخرى تتجه إلى النشاط الزراعي إذ أن الإقليم من أهم الأقاليم الزراعية في ليبيا ويساهم بقدر كبير في سد احتياجات ليبيا من الغذاء “
وأضاف” نتجه للتوسع الكبير في هذا النشاط من حيث المساحة المزروعة وإعداد الأشجار المغروسة ولكن يواجه المزارعون العديد من المشاكل الفنية والتقنية منها مشاكل الملوحة والهدر الكبير في الموارد الطبيعية والآفات الزراعية المختلفة “.
وطالب بتوطين ديوان وزارة الزراعة والثروة الحيوانية بإقليم فزان لحلحلة هذه الصعوبات التي تواجه الفلاحين وكبار المنتجين.
وقال:” يجب توطين ديوان وزارة الزراعة والثروة الحيوانية بإقليم فزان لكي يشرف ويخطط ويتابع القطاعات ببلديات إقليم فزان وتفعيل ودعم فرع المركز الوطني للوقاية والحجر الزراعي بتفعيل المكاتب التابعة للفرع في كل من سبها وأوباري و مرزق والشاطئ “.
ويضيف” يجب إعادة الهيئة العامة للحبوب وإشرافها على مشاريع الحبوب الإنتاجية وكذلك حقول الري المحوري للقطاع الخاص التي يبلغ عددها أكثر من ألف حقل بالإضافة إلى دعم برنامج مكافحة الآفات الزراعية وخاصة الحشرة القشرية الخضراء و الحشائش في محاصيل الحبوب”.
ويتابع” ومن الحلول دعم برنامج توفير المستلزمات الزراعية ووصولها إلى المزارعين بأسعارها الحقيقية و دعم مركز البحوث الزراعية بالمنطقة الجنوبية بالإمكانيات اللازمة “
ومن جانبه قال رئيس هيئة تنمية منطقة فزان الزراعية عمر أبوسعدة متحدثاً عن مبادرة تفعيل التعاون بين القطاعين الخاص والعام للزراعة التي أطلقتها الهيئة أنه أجريت العديد من الدراسات على الأراضي الصالحة لزراعة الحبوب بليبيا وكانت خلاصتها أن الأراضي المصنفة من الصنف الأول والتي تصلح لزراعة القمح والشعير تزيد عن ( 440 ألف ) هكتار منها ( 300 ألف ) هكتار تزرع بَعلياً على الأمطار التي يزيد معدلها عن ( 200 ملم ) / سنة بالشريط الساحلي وتمثل مساحة القمح والتي يزيد معدل الأمطار فيها عن ( 300 ملم )/سنة أقل من 40% من إجمالي المساحة المطرية والباقي يمكن أن يزرع بمحصول الشعير.
وبين أنه على أرض فزان يوجد ( 100 ألف ) هكتار من الأراضي المصنفة من الدرجة الأولى الصالحة لزراعة ( القمح والشعير ) مستصلح منها ما يزيد عن ( 80 ألف ) هكتار ( 70% ) قطاع خاص و ( 30% ) قطاع عام تمثله هيئة تنمية منطقة فزان الزراعية بمشاريعها الزراعية الإنتاجية الاستراتيجية السبعة ، تروى رياً مستداماً على الدورتين الزراعيتين صيف وشتاء قادرة على إنتاج ( 700 ألف ) طن من القمح الطري بالموسم الشتوي و( 200 ألف ) طن من الذرة الصفراء والرفيعة بالموسم الصيفي، منوهاً إلى أن ذلك في حال التعاون والتنسيق بين القطاعين الزراعيين العام والخاص وإجراء الصيانات اللازمة للمشاريع القائمة.
تربة خصبة
وأكد أن فزان قادرة على تعزيز ودعم الأمن الغذائي الوطني بما يزيد عن ( 50% ) من الحبوب حسب الدراسات التي أثبتت أن إنتاج الهكتار الواحد ( 7.5 ) طن للهكتار وذلك للميزة التفضيلية في استدامة المياه والتربة والطقس والخبرة التراكمية.
ويقول أبو سعدة إن دعم المشاريع الزراعية الاستراتيجية التابعة للقطاع العام والواقعة تحت إدارة ديوان الهيئة بهذه المرحلة تعتبر قضية أمن قومي لأن مفهوم التجارة الخارجية وحده لم يعد كافياً لتحقيق الأمن الغذائي، ولا بد من إدراك المفهوم الحديث للتنمية المكانية المستدامة، لأن من المتوقع حدوث أزمة غذاء عالمية نتيجة للصراعات التي تدور في أهم مناطق الغذاء في العالم.
ونوه إلى أن الحرب الأوكرانية الروسية تهدد الأمن الغذائي العالمي وأيضاً ظاهرة الاحتباس الحراري والتغيرات البيئية والمناخية التي يشهدها العالم ـ لذلك لا بد من تعزيز مفهوم مبدأ الاعتماد على النفس وتحسين وتقوية الأمن الغذائي في المرحلة المقبلة.
ويوضح أن ديوان هيئة تنمية منطقة فزان الزراعية بحكم التخصص قد استعد مبكراً في إعداد جميع البرامج والخطط الكفيلة بتوطين ( 100 ألف ) هكتار من حبوب القمح الطري والصلب بإقليم فزان من خلال التعاون الإيجابي المثمر بين القطاعين الزراعيين العام والخاص بهدف تعزيز قدرات الأمن الغذائي الوطني وكل ذلك رهن بتوفير الدعم اللازم من الجهات الراعية بالدولة للبرنامج .