فسانيا” في عِيدها

فسانيا” في عِيدها

  • محمود السوكني

تواجه الصحافة الورقية منافسة شرسة غير متكافئة من وسائل الاعلام المتنوعة التي انتجتها تقنية العصر الحديثة ، إذ لم تعد الصحف السيارة تستهوي القاريء ، ولم تعد تشد إنتباهه ، وقد احدثت الوسائل العصرية ثورة عارمة في دنيا الصحافة أطاحت بأشهر المطبوعات وأعرقها تاريخاً وأكثرها رصانة واوسعها ذيوعاً أجبرت بعضها على التخلص من الورق والإتجاه صوب عالم الإلكترونات الأسرع وصولاً والأقل كلفة .

ما الذي تبقى لصحافة الورق ؟ وكيف لها أن تحافظ على وجودها وسط هذا التفوق التقني المذهل ؟!

إذا إعتمدت على الخبر ، فيجب أن يكون إنفراداً أو مايعرف بلفظ (حصريّاً) أي لم يسبقها إليه أحد ، مع ضمان صدق محتواه ودقة  مصدره وأمانته ، وبذا تكون الصحيفة مصدراً للخبر الذي ستتناقله عنها بقية الوسائط الإعلامية ؛ وهو أمر ليس ميسوراً للجميع ، فهو يتطلب قدرات فائقة وإمكانيات واسعة لا تتوفر عند أغلب المطبوعات خاصة تلك التي تعتمد في تمويلها على الغير وليس على توزيعها وإعلاناتها .

هذه واحدة ، الأخرى ، أن تكون للمطبوعة القدرة على تحليل الخبر وقراءة مابين سطوره وشرح خلفياته والتنبوء بعواقبه .

غير ذلك ، فإن على الصحيفة الورقية التي ترغب في الإستمرار أن تستقطب الكُتّاب ذوي الرؤياء الثاقبة الذين تجذب أرائهم المعمقة وأفكارهم النيّرة وخيالهم الخصب القاريء وتلفت إنتباهه وتحوز رضاه .

وعليها ، أن تنوع مصادرها ، وتسلط الضوء على ما يشغل بال قارئها ، وتشرع صفحاتها لإحتضان الأقلام الواعدة وتحسن توجيهها ، وتنوع موادها بحيث تغطي كافة مناحي الحياة قدر إستطاعتها  دون إبتذال أو تقعر في اللغة وبإسلوب شيق وسلس ، وكلام لا يهادن ولا يتنطع ولا يشتري خصومة أحد .

عليها ، أن تواكب لغة العصر وتفانينه شكلاً ومضموناً ، فالإخراج الفني للمطبوعة كما اللحن في المغنى ، قد يهبط بأعذب الكلمات وأرقاها وقد يرفع تافه القول وأحطه !

هناك الكثير مما يقال عن الصحافة الورقية والمحنة التي تعيشها ، لكن المساحة لا تسمح بأكثر من هذا .

لقد سبق أن وعدت القاريء الكريم بأن لا أكتب في غير مأساة غزة وشجونها منذ إندلاع طوفانها المعجزة في السابع من أكتوبر ، غير أن صدور العدد (500) من صحيفة “فسانيا” اوحى إليّ بهذا المقال ، فأنا بإعتباري قد حظيت بالكتابة في ركن من صفحاتها رأيت أن احيي الزملاء فيها وعلى رأسهم السيدة الفاضلة والزميلة العزيزة “سليمة بن نزهة” التي تقود بحنكة وإقتدار كتيبة “فسانيا” و تنتج صحيفة قُدّت من صخر ، وتحاول جاهدة أن تقدم مطبوعة تواكب العصر وتلبي نهم القاريء وتشبع توقه للمعرفة .

أعتذر .. فشهادتي مجروحة وإلّا لكنت اسهبت في الحديث عن “فسانيا” الصحيفة التي أتشرف بوجودي بين باقة منتقاة من كتابها الأجلاء .

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :