- قراءة :: سالم أبوظهير
تنويه : (هذه المقالة ليست مقالة نقدية ،كما أنها لا تحمل أي انطباع ضد كاتبتها ،ولاهي دفاعاً عن الدين والأخلاق الحميدة، هي فقط انطباعات شخصية جداً من قارئ عادي ،ولو لم تخدم هذه الانطباعات الرواية أو تنفعها ، فبكل تأكيد لن تضرها أو تقلل من قيمتها، انطباعات بسيطة عابرة،يمكن تلخيصها في أنه رغم أهمية الموضوع الذي خاضت فيه الرواية ، ومايحمله من إنسانية ورقي ،ورغم المحصول التاريخي الوفير لهذا الموضوع الحساس ،إلا أن زرايب بن شتوان قدمت لنا القش وتركت الشعير …) لم أقرأ لنجوى بن شتوان سوى هذه الرواية (زرايب العبيد) ، التي نشرتها دار الساقي اللبنانية وبحسب غلافها فالرواية حازت على جائزة الرواية العربية في الخرطوم عام 2004م،وللكاتبة أكثر من مطبوع باللغة العربية والإيطالية. ” الكتاب يقرأ من عنوانه” هذا ما خطر لي وأنا أكمل قراءة (350) صفحة من الحجم المتوسط ، فعنوان زرايب العبيد عنوان استفزني جداً ، فيما لم تتحرج كاتبته فيه من نسب الزرايب المخصصة للحيوانات والبهائم لمكان عيش بشر من ذوي البشرة السمراء وتطلق عليهم العبيد ، و(الشوشنة) ، وبذلت جهداً مضاعفاً كقارئ لإقناع نفسي أنها مجرد رواية لشخوص غير حقيقية من بنات أفكار كاتبتها. زمن الرواية ،بدايات القرن العشرين، وقت الاحتلال التركي لليبيا ،ومكانها مخيم في مدينة بنغازي أشارت إليه الرواية باسم زرايب يسكنه ذوو البشرة السمراء والتي أسمتهم الرواية العبيد ، لتنقل لنا على لسان ابنة بطلة الرواية يومياتهم ومعاناتهم اليومية على مدى مرحلة زمنية طويلة ،وكيف ازدهرت تجارة الرقيق ،وحددت الرواية بشكل أراه (مبالغ فيه جداً) العلاقة القائمة بين الأسياد والعبيد (بحسب الرواية) . لا يتسع المجال أو ربما لا قدرة كافية عندي للخوض في البناء الفني للرواية ، أو مقدار قرب أحداثها وشخوصها من الواقع والحقائق التاريخية المسجلة والموثقة والمتفق عليها ، والتي تعتقد كاتبتها جازمة أن تناولها بهذا الشكل هو كشف للمستور والمسكوت عنه.. ولكن مايهمني هنا هو توضيح انطباعاتي المتواضعة كمتلقِ،والتأكيد على مسلمة بديهية متعارف عليها مفادها “أنه لايمكن فصل الإبداع عن تراث المجتمع الإنساني وتاريخه وتطوره “. موضوع الرواية في مجمله إنساني خالص، وكان من الممكن في نظري أن يفرض هذا المنجز الروائي نفسه ، ليكون ملحمة إنسانية رائعة ،تؤرخ بموضوعية لحقبة هامة من التاريخ الليبي ،عاش فيها الليبيون من ذوي البشرة السوداء ،مرحلة من الرق مثلهم مثل كثير من المجتمعات الإنسانية في العالم كله ،مرحلة كان الإنسان فيها يباع ويشترى أربكتني جداً لغة الرواية، وشعرت أكثر من مرة وأنا أقرؤها أن ثمة صراع خفي عاشته الكاتبة وأربكها أيضا وهي تسعى لتوصيل رسالتها وفكرتها ، بين استخدامها تارة اللغة العربية الفصحى ،بسردية تقريرية لاصور فنية فيها، ولاخصوصية ولاجمال، وبين استخدامها اللهجة العامية تارة أخرى،دونما ضابط معين أو سياق منظم . الرواية من جانب آخر فيها كم مأهول ،من الحزن الدائم والرعب الشديد والخوف المستمر ،تعرضها الكاتبة بشكل كئيب ، فأغرقت الأمكنة التي سمتها بالزرايب بالقمامة والقاذورات والذباب بألوانه المتعددة والقمل والبرغوث ،إلى جانب مفردات تشير إلى الفقر والعوز والحرمان ،والفراق بين الأحبة واليتم ،والخيانة الزوجية . حرصت الكاتبة بقصد أو بدونه أن تزج بشخصية الفقي وتورطه بممارسته للجنس مع بطلة الرواية وهي تحت تأثير الخمر، فيما تورط ابنه حافظ القرآن بممارسة اللواط مع خادمة ، بل وتتحول بطلة الرواية إلى مومس تعاقر الخمر وتمارس السحاق وتكشف بشكل أحسب أنه مبالغ فيه كيف يمكن أن تعذب امرأة لسبب تافه حتى توشك على الموت ويموت طفلها أمامها ،ويتم التخلص منها ببيعها وكشف جسدها وعورتها في السوق . وبشكل أراه مبالغاً فيه أيضا ،وغير موفق في كثير من الأحيان ، وظفت الكاتبة أغانٍ من التراث الشعبي الليبي القديم، وفي محاولة منها لربطه بسياق الرواية العام وشخوصها. هذه انطباعاتي عن رواية زرايب العبيد ، كما سجلتها هنا ، وأحسب أنه من حقي أيضا أن أسجل استغرابي وأسأل… كيف يمكن لرواية على هذا القدر من السطحية والتهويل الفضفاض أن تتحصل على جائزة من أي نوع ؟! .