- سليمة محمد بن حمادي
في حينا الشعبي المتواضع كعادة أقراننا ذلك الزمان اعتدنا تفريغ طاقتنا الطفولية في اللعب في الشارع ..الوقت طيب والدنيا أمان وعلاقة الجيران ببعضهم علاقة البيت الواحد.. وكانتا ( قرناس واسقاوة) صديقاتي المقربات فمنزليهما أقرب المنازل إلى منزلنا نلعب معآ ( الصلامي ( النقيزه) و حلّت و البابات و صبايا و مدرسة…..و إلخ) ونشارك الصبية وفتية الحي ببعض الألعاب الشعبية المشتركة مثل ( الزرافة) والمساهمة كمساعدين أو مشاهدين من ضمن صفوف الجمهور المشجعين ببعض ألعاب الذكور مثل ( الطقو و البطش و التصاور……إلخ) وغيرها من الألعاب التي بعثت في نفوسنا آنذاك الفرح والسعادة وتركت أثرها طيبآ في نفوسنا..وكانت وسيلة النقل العامة الوحيدة ذلك الوقت هي الحافلة وبعضهم كان يطلق عليها ( البلمن أو الأتوبيس) وكانت محطة الركاب تقع ضمن ربوة أو مرتفع بسيط يشرف على مسافة ليست باليسيرة على حينا الجميل المتواضع….و نستقبل الوافدين على حينا بصمت من ركاب تلك الحافلة بأعيننا الصغيرة ونحن نمارس لعبنا اليومي وغالبآ يوم الخميس بشوق أترقب وصول تلك الحافلة وحينما يلوحان لي بأيديهن ( جميلة و كاميلة) بنات أختي/ مقبلات فرحات تاركات أمهن وبقية إخوانهن خلفهن التفتّ إلى صديقاتي المقربات قائلة (خلاص أنا امقازله) لأتفرغ للعب معهن وحدهن غير عابئة لمشاعر صويحباتي المقربات قرناس تلك الجميلة بعينيها العسليتان وشعرها الكستنائي الرائع بتسريحته المتميزة و ذات القد الرفيع.. كانت تستقبل الأمر بعزة نفس وكبرياء وتنسحب بهدوء وكأنها عاقدة العزم على عقابي على تجرئي في اتخاذ هذا القرار التعسفي الجائر نحوها واسقاوه بعينيها السوداوان الواسعتان الجميلتان وشعرها الجميل الأسود وعودها الممتلئ قليلآ، تستقبل الأمر بغضب شديد عندما تعلن البكاء تعبيرآ عن تمردها على قراري الدكتاتوري وهي تغادر المكان باكية شاكية ظلم سليمة لها متجها إلى جدتها بالمنزل( عمتي اوريده تلك الشخصية الطيبة الهادئة الباسمة دائمآ رحمها الله ) وأنا لا يهمني من الأمر شيئآ سوى أني أمارس فرحتي وسعادتي بوصول أختي وأسرتها إلينا وأولى مراسم ذلك الفرح هو التخلي عن صديقاتي الغاليات ..سوف ألعب كثيرآ أنا و بناتها وأتناول الطعام رفقتهن على سفرة واحدة وسوف نستمتع بصوت بكاء طفلها الصغير وسوف تزور الفوضى بعض الشيء منزلنا النظيف المنظم الهادئ .فأنا أصغر أفراد أسرتنا .. .عندما نجلس في أيام الصيف الحارة لتناول (الدلاع و البطيخ) مطوقين الجلسة بأمي التي توزع علينا بحب شديد وفي ليالي الشتاء يكون (للقصطل) الكستناء ، نصيبآ من الذكرى التي تجمعنا على المحبة والذكرى الباقية الجميلة لا بعد لي في أمر التخلي عن صحبة صديقاتي سوى التفرغ للعب مع ضيفاتي بنات أختي وأخواتي في الرضاعة. يتبع.