“في مطبخ التحدي، هل طُهيت  صورة المرأة الليبية على نار الجدل في ‘عيلتنا أقوى’؟”

“في مطبخ التحدي، هل طُهيت  صورة المرأة الليبية على نار الجدل في ‘عيلتنا أقوى’؟”

برنامج عيلتنا أقوى ” عفوية أم استغلال وتشويه لجذب المشاهدات؟

في موسمه الخامس، يعود برنامج الطهو الشهير “عيلتنا  أقوى” ويتصدر محركات البحث في ليبيا والدول المجاورة ،   بتحدياته وحلقاته  المثيرة.

حيث تتنافس مجموعة من المتسابقات في تحديات تثير الجدل وتلفت الأنظار ، بينما تسعى كل منهن للفوز بجائزة ربع مليون دينار ليبي، تجد الأجواء مفعمة بالتوتر والمنافسة، حيث تتصاعد النقاشات الحادة وتظهر التوترات بين المشتركات، ليطرح تساؤلات حادة حول دوره في تقديم صورة المرأة الليبية.

منذ انطلاقته ، أثار البرنامج ردود أفعال متنوعة بين الليبيين، ووجهت له اتهامات من قبل رواد التواصل الاجتماعي بأنه برنامج جدلي يعتمد على تشويه صورة المرأة الليبية.

 تعليقات الجمهور تشير إلى أن أسلوب الشيف رضا العالم في تقييم الأطباق والأداء  يتسم بالصرامة والانتقاد اللاذع، في حين اعتبره عدد من المتابعين بتقليل احترامه للقدرات النسائية ومستغلا اللحظات الانفعالية لجذب المشاهدات وزيادة التفاعل ، بينما يرى آخرون أن البرنامج يتمتع بالعفوية ويقدم فكرة فريدة من نوعها.

تتعدد الآراء، ولكن يبقى السؤال: هل يسهم هذا النوع من البرامج  في رسم صورة إيجابية عن المرأة الليبية، أم أنه يعكس صورة مشوهة تركز على الجدل؟

أوقفوا المهزلة!”

كتبت المدونة نسرين حسن على صفحتها الشخصية على موقع فيسبوك قائلة: “أوقفوا المهزلة! هذه ليست عادات ولا أخلاق العائلات الليبية، بل نماذج تعكس صورة غير مشرفة، حيث تشوه برامج الواقع الأسرة الليبية.”

وأوضحت نسرين أنها شاهدت مقتطفات من برنامج “عيلتنا أقوى”، حيث تأمل أن يكون البرنامج فرصة لتقوية الروابط الأسرية وإظهار روح التنافس الإيجابية. لكن الصدمة كانت في كمية السخرية وقلة الاحترام، فضلاً عن افتقار المشاركات لأبسط مهارات الطبخ. وتساءلت: “كيف يمكن أن يكون هناك برنامج قائم على الأكلات الليبية، بينما يظهر المشتركون دون أساسيات الطبخ؟

وأعربت نسرين عن استيائها من أن البرنامج يبدو كنسخة مشوهة من برامج غربية بعيدة عن ثقافتنا وعاداتنا، متسائلة: “أين روح العائلة الحقيقية؟ وأين الأجواء التي تجعلنا نشعر بالفخر بموروثنا؟” وأشارت إلى أن محاولة تقليد الآخرين تؤدي إلى ضياع الهوية، قائلة: “هل هذا هو التحضر الذي نرغب في الوصول إليه؟ تحضر بدون هوية، بدون احترام، وبدون قيمة؟

وأكدت نسرين أنه لا ينبغي أن يكون التطور على حساب أخلاقنا وتقاليدنا، مشددة على ضرورة أن يحترم صانعو المحتوى روح العائلة التي يتحدثون عنها، وأن يكون البرنامج فعلاً انعكاسًا لقيمنا، وليس مجرد استعراض فارغ.

بينما ترى المتابعة رتاج فتحي ، أن أسلوب الشيف رضا العالم، رغم صرامته، يمكن أن يُعتبر دافعًا للمتسابقات لتحسين أدائهن وتجاوز التحديات.

وتعتقد أن النقد اللاذع يُعزز من روح المنافسة، ويحفز المشاركات على تقديم أفضل ما لديهن. كما وأشارت  أن البرنامج كسر الصورة النمطية لواقع المرأة.

التركيز على المشاهدات المثيرة للجدل “.

قالت المتابعة  هناء عبدالسلام  إن طريقة المونتاج تعكس انحيازًا واضحًا نحو المشاهدات المثيرة للجدل، مما يؤدي إلى تشويه صورة المرأة الليبية ، وأكدت أن التركيز على اللحظات الانفعالية والجدلية يعزز من الصور النمطية السلبية، ويجعل البرنامج يبدو كأنه يهدف إلى الإثارة أكثر من تقديم محتوى هادف.

بينما أشارت إيمان المتابعة للبرنامج منذ موسمه الأول ، أنه لو كان  البرنامج مجرد منافسة للطبخ، لما حقق مشاهدات عالية بهذا القدر. وعبّرت عن اعتقادها بأن البرنامج يعتمد على محتوى هابط، وأن جميع الأحداث والمواقف تترتب مسبقًا لجذب الانتباه.

عبرت سلمى عبدالله التي تابعت جزءًا بسيطا من البرنامج ،  عن استيائها من بعض مقتطفات البرنامج، حيث استفزها أسلوب الشيف ومعاملته مع إحدى المتسابقات. وأشارت إلى أنه كان يسوّق للبرنامج بأسلوب همجي، حيث ذكر المتسابقة أنها جاءت للبرنامج من أجل الفوز بالربع مليون والكسب المالي.

سلمى اعتبرت أن هذا النوع من المعاملة لا يتناسب مع قيم التنافس الشريف، وينعكس سلبًا على صورة المرأة في الإعلام. ولفتت إلى ضرورة تقديم المحتوى بطريقة تعزز من الروح الإيجابية بدلاً من إظهار الجانب السلبي.

نصح عبدالله المعداني الفتيات بعدم الانجرار وراء هذا النوع من البرامج، التي تأخذهن كمادة إعلامية دسمة وتقدمهن بصورة لا تليق بالليبيات ، ليتم توبيخهن واتهامهن بالفشل وعدم النظام.

وطالب المعداني الجهات المختصة بضرورة منع العنف والشتم في جميع البرامج، ودعا إلى ضرورة وجود محتوى إعلامي يحترم المشاركات ويعزز من مكانتهن، بدلاً من استغلالهن لأغراض جذب المشاهدين.

عبد القادر القماطي كتب عبر صفحته الشخصية بموقع الفيسبوك : “لا يمكن لأي شخص، مهما كانت صفته، أن يتطاول على امرأة، حتى لو كان ذلك تحت ذريعة التحفيز. مؤكدا أن هذا السلوك يؤثر سلبًا على أدائها وثقتها بنفسها، مضيفا ، يجب أن نكون حذرين في التعامل مع النساء، وأن نقدم الدعم بدلاً من النقد القاسي.”

سيناريو مكتوب

وفي سياق متصل، زعمت فاطمة الزلاوي التي تابعت بعضا من مقتطفات البرنامج  ، واستنتجت أن البرنامج عبارة عن سيناريو مكتوب، سواء من قبل الشيف أو المشتركات. وأشارت إلى أن عددًا من المتسابقات في المواسم السابقة خلال تعليقاتهن أكدن أنهن تعرضن للضغط لافتعال المشاكل والتركيز على المواضيع الجدلية. هذه الشهادات تعكس القلق من استغلال البرنامج للجدل كوسيلة لجذب المشاهدات، مما يضر بصورة المرأة ويقلل من مصداقية البرنامج.

اتهام قناة ليبيا الأحرار بالتحيز

اتهمت نسربن الشافعي المشاركة  في الموسم الخامس من برنامج “عيلتنا أقوى” قناة ليبيا الأحرار وأسرة البرنامج بحذف مشاهد تعكس قلة الأدب والتهجم الذي تعرضت له هي ووالدتها من قبل مشاركتين. وكتبت نسرين : “ليش حاذفين قلة أدب وتهجم عليا أنا وأمي في حلقة اليوم؟ تعرضت للضرب من إحدى المشاركات، وأمي تعرضت للشتم والإهانة“.

وأشارت إلى أن القناة لم تتخذ أي إجراء لحماية حقوقهم.

وطالبت الشافعي ، القناة بأن تنشر المشكلة التي حدثت، دون تحيز.

وأعربت الشافعي عن انحياز البرنامج لإحدى المشتركات، حيث زعمت أن هذه المشاركة حصلت على سر الوصفة قبل التصوير، مشككة في نزاهة المنافسة.

تحدثت المتسابقة نيروز القمودي، التي شاركت في الموسم الثاني، عن تجربتها في البرنامج قائلة: “أنا إنسانة مدربة للكيك للأطفال، وقد دربت أكثر من 3000 طفلة في زوارة، والجميع يشهد بذلك. عندما أحضرت ‘المولتن كيك’ في البرنامج، تم استبدال طبقي من قبل فريق البرنامج ولم يُسمح لي بالإشراف عليه ، وتم اختياري كأسوأ طبق.”

أما سميحة أبوراوي، التي كانت إحدى المشتركات في الموسم الرابع، فقد أشارت إلى أنه “طُلب منا وصفة تحتاج إلى دقة ووقت وتركيز. أقبل فريق البرنامج على استبدال الملح بالسكر دون دراية مني لغرض استبعادي.” وأكدت سميحة أنها اكتشفت الموضوع مؤخرًا  بعد انسحاب المنتجة وصاحبة فكرة البرنامج، ظهرت إشكاليات عديدة، وكشفت أن فريق البرنامج هو من وضع الملح في الدقيق، بعد مراجعة الكاميرات في المونتاج.

أوضحت المشتركة  مودة شويشين  أن رد فعلها في البرنامج وقرار انسحابها  ورفض هدية الشيف رضا العالم كان نتيجة شعورها بالظلم.

مؤكدة أنها تعرضت للضغط النفسي والتقليل من شأنها خلال الحلقات، حيث كان الشيف يوجه لها انتقادات قاسية.

وذكرت مودة أن المنافسات بينهن كانت واضحة، وأنها شعرت بأن هناك استهدافاً لها. وأوضحت أنها انسحبت قبل إعلان النتائج لأنها لم تعد تتحمل الضغوط، ورغبت في الابتعاد عن الأجواء السلبية إلاّ أن فريق العمل رفض انسحابها وأجبرها على استكمال المنافسة.

في النهاية، أكدت مودة أنها لا تملك سوى الدعاء، معتبرة أن ما حدث لها هو ظلم، وتشويه صورتها أمام المشاهدين وخاصة أنه تم حذف الكثير من المشاهد لصالح البرنامج .

وفي خطوة إنسانية، تكفلت قناة ليبيا الأحرار بمصاريف علاج والدة المشتركة مودة، التي تحصلت على الترتيب الثاني، بالإضافة إلى تحمل تكاليف عمرة لوالدتها المريضة، وهو الهدف الأساسي لدخولها البرنامج.

ومن جهتها ردت إكرام القمودي مقدمة البرنامج على تساؤلات المشاهدين حول تقليص قيمة الجائزة التي أعلن عنها البرنامج وهي ربع مليون دينار ليبي ، حيث تحصلت الرابحة الأولى على 160 ألف دينار ليبي، بينما تحصلت الرابحة الثانية على 80 ألف دينار. أما المتسابقة فاطمة السلماني، التي اختارها الجمهور عبر التصويت على منصة فيسبوك، فقد تحصلت على 10,000 دينار ليبي.

في النهاية، تبقى الإجابة على السؤال المطروح: “هل طُهيت صورة المرأة الليبية على نار الجدل في ‘عيلتنا أقوى’؟” مفتوحة، وما الذي  يُحدثه هذا النوع من البرامج على المجتمع وثقافته.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :