في مَدَى الرُّؤيا

في مَدَى الرُّؤيا

  •  محمد عمر عبد القادر

رَنَّتْ على أُذني مَقولتُها..

فهمتُ. إذا أَردتَ هوايَ فأبحثْ..

في مفازاتِ التشبُّبِ عن فؤادٍ..

لائذٍ بالتيهِ ديدنُهُ المُثولُ

هناك إِنْ وافيتني عشقاً..

سيمتثلُ القبولُ

نويتُ أسرجتُ الجَوَى..

وقهرتُ بالعزمِ النوَى..

بتذكري، جمح اشتياقي..

في سهوب تفكري..

بترقبٍ متوثبِ الإشفاقِ..

ناوَبَهُ الصَّليلُ

من ارتعادٍ هَبَّ في صدري..

يجاوبُ خُلَّبَ الذكرى..

فتمطرُ لهفتي،..

وأنا الشروقُ ببردِها..

حتامَ، حتامَ الوصولُ

فأرزمتْ نوباتُ نبر حروفِها..

في الجوفِ، هَفَّ القلبُ..

أضرَمَ نارَهُ مِن جَمرَةِ التذكارِ..

شَكَّلَ حُلَّةً نوريةَ التكوينِ..

جوهرُها الحلولُ

أَعذبةَ المُشوارِ، قلبي ظامئٌ..

وأَنا الرَّوِيُّ بِطَلِّ حُبِّكِ..

كم شواني الوجدُ..

فاستعذبتُ لَسْعَ حَنينِهِ..

لا لستُ بالشافي..

ولا لسعيرِ حَرقتِهِ أُفولُ

عشيةَ اتشحتْ أَناملُ رغبتي أملاً..

فناداني غرامُكِ..

صودحتْ عصفورةُ الذكرى..

بعذبِ الشدوِ فاشتعلَ الهديلُ

ترنحتْ في خافقي أُهزوجةٌ..

جذلى بلحنِ صِبايَ..

هدهدتِ النزوعَ وأنضجتْ حُمَّايَ..

فاءَتْ بهجتي، رقصَ الشعورُ..

وخاطراتُ الرَّوعِ والوجعُ الكسولُ

بما بدا للذاتِ مِن وهجٍ..

تكاثفَ لمعُهُ في النفسِ..

وأخضرَّ المُحولُ

تنفستْ رئتايَ أنفاسَ الشذى..

فاستبشرتْ لغةُ الخلودِ بما نَما..

في الذاتِ مِن حرفٍ إضافيٍّ..

لقاموسِ المحبةِ إذ حوَى..

سِرَّ النداوةِ فازدهتْ ضادٌ..

أَبانَ لِسانُها إذ صاحَ:

مَرحَى أَيُّها الحرفُ الخَضيلُ

تيمَمَ الآفاقَ نفحٌ، طوق الكونَ الفسيحَ..

ولَفَّ خاصرَةَ الزمانِ بلطفِهِ..

عَمَرَ البديهةَ، فاحتفى الشعرُ الجميلُ

تسمَّرَتْ شفتايَ عن نطقٍ..

بسطتُ عَباءةَ المَعنى..

على كلِّ البيادر في الدُّجى..

فاستيقظتْ،..

رقصتْ على إيقاعِ بهجتِها الطلولُ

فجاءَ موكبُ فضةِ الأَقمارِ يعمُرُ سوحَها..

غسلَ البطاحَ بوجهِهِ المِمراحِ..

فانفسحتْ لِزَفتِهِ السهولُ

ظللتُ أَرحلُ في صَحارَى التيهِ..

تصحبني طيوفٌ لا تقولُ ولا أَقولُ

وليسَ ليسَ لها بذاكرتي مثيلُ

أَلِفتُها والحلمُ يحدوها..

فتحدو صامتَ الإنشادِ..

يحدوها مِن الفرَسِ الصهيلُ

أَطَلَّ طيفٌ قربَ حاجبةِ السُّهَى..

فتماوَجَت سقيايَ..

ذقت دعاشَها، فهيَ الفراتُ السلسبيلُ

ففكَّ قيدَ تَسَمُّرِ الشفتينِ..

طلَّتْ نجمةٌ ولهَى تحرَّق وجهُها..

مِن غَضَّةِ الطرْفِ الذي..

كانت تؤانسُهُ بساحاتِ الثريَّا..

وانبرتْ غيرَى تقولُ:

ارجع طريقُكَ شائكٌ ومتاهةٌ..

هذي مسيرةُ بعضِ عامٍ أَو تطولُ

فرَدَّ حرفٌ مِن تراتيلِ احتشادي..

أَنْ: سنمضي صَوبَ مُحتفلِ الفتى..

حتَّى نفيء بظل حكمته ..

ولو كانتْ مَسيرتُهُ إلى المجهولِ..

أَوْ أَبدٍ تَعاقَبُ في مسيرَتِهِ الفصولُ

جمعتُ كُلَّ مشاعري في بسمةٍ لولائهِ..

طيَّبتُ خاطرَهُ بلمحةِ شاعرٍ..

خاطبتُها: يا أنت لا تتطلعي لنهايَ..

لا تتعلقي بهوايَ..

لا تترفقي بي في سبيلِ الحبِّ..

إذ..شرحي يطولُ

فبينما طرفي يجولُ

أَضأتُ آنستُ الهنا إذ خصَّني..

حَدسٌ، يقينٌ صادقٌ، مُزنٌ هَطولُ

بهِ الأصالةُ أسبلتْ..

ثوبَ النداوةِ في مَدَى الرُّؤيا..

فَكُنهُ رَهافتي أَصلٌ تجذَّرَ..

في عميقِ الذاتِ بالنُّعمَى فمنطلقي أُصولُ

هُناكَ أَكوانٌ وأَلوانٌ مِن الإسعادِ..

بالبَلَّورِ مترفةٌ..

عوالمُ خالداتٌ والرَّواسخُ لا تزولُ

هناكَ أَرضٌ بالسنابلِ لوَّحَتْ..

وهناكَ روضٌ للمسرَّةِ،..

فوحُ نضرتِهِ بَليلُ

هناكَ هفهفةٌ ووشوشةٌ..

وبستانُ الترقُّبِ أَثمَرَ التَّحنانَ..

يا غيرَى دعيني..

إنَّني مستوحشٌ عَطِشٌ هُنا..

وهناكَ إِنسانٌ ونيلُ

وليسَ لي مِن بعدِ إقدامي..

إلى علياءِ مترفتي عدولٌ أَو نزولُ

تضاءلت خجلَى، توارتْ بين دهشتِها..

انمحتْ، أَودَى بلمعتِها الذُّهولُ

تركتُها خلفي وراءَ سحابةٍ تستافُ حسرتَها..

وسِرتُ إلى الحبيبةِ حافلاً وافيتُها..

فتورَّدَ الخَدُّ الخَجولُ

تثاءَبَ الإرعادُ، نامَ توتُّري..

عشقاً تصافحنا بليل بدرُ هدأتِهِ مَهولُ

سَلِمْتُ من أَرَقٍ، نَعمتُ وبُحتُ بالنجوى..

رَبِحتُ الودَّ في عَلياءِ حضرتِها..

تجولتِ المُنى مزهوةً..

أَهدَتْ مَضامينَ القصيدةِ طعمَ نكهتِها..

وهامتْ في ظلالِ البوحِ والمَعنى..

فلفتها الشَّمولُ

وبِتُّ أَسبحُ في عبيرِ محبتي..

أَوفيتُ عَهداً طالما قطعتهُ لي مندوحتي..

نادَمتُها ابتسمتْ..

وصحَّتْ بيننا الفرحَ الصَّبيَّ..

يُديرُ كأسَ سُلافها أُنساً..

فلا واللهِ لستُ بقانعٍ من خمرِ بسمتِها..

وليسَ لها عن السُّقيا عُدولُ.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :