تنّوَه
مايشبه ترسب التجارب والمعرفة
سعاد سالم
soadsalem.aut@gmail.com
فَرق كورتيزول
تحت حسّ مسّ
حتى الآن أجد صعوبة في تذكر محتوى الكتب التي اقرأها وتعجبني ،أو أنني احتفظ ببعض الملامح عن خطة الكتاب، وفي الغالب كل مالدي من الكتاب هو الانطباع الذي تركه عندي، وكنت قلقة في بداية حياتي في الاختلاط مع المثقفين الليبيين ، كنت صغيرة جدا وقتها وكان أغلبهم لا يبنون حواجزا عمريبيننا أو تجربة أو موهبة، لذا دفعت بقلقي من عدم التذكر ونسيان كل ما اقرأه أمام أحدهم ، فقال لي: لديك ذاكرة تخزينية، تستفيدين منها لاحقا، لا شيء يندثر.
لذا أتصور أنه ليس بإمكاني استعراض المعرفة كما صادفني دائما تدفق الآخرين ،إنما ولحسن الحظ أن المعارف التي اكتسبها إنما تمضي في طريق آخر يشبه التخمر ، والتفاعل مع بعضها لتشكل مفهوما خاصا بي ،امتص من مشاعري وانفعالاتي واسئلتي وتأملاتي فضلا عما تنطوي عليه المعلومات التي كما لو أنها نقشت على صخر، بسبب قراءاتي المتنوعة واهتماماتي المحددة وشغفي ببعض فروع المعرفة في الصغر.
وكان من الضروري قول ذلك ، لأنه ينمو شغف المعرفة بموضوعة ما لدي، بسبب مرور مواقف صغيرة، أحيانا لا أملك الكلمات الواضحة لترجمتها، لذا سأقولها هنا كما هى، وآمل أن ذلك يمنح من يشبهني التأكد من أنه ليس غريبا ولا وحيدا، كنت أسكن في الداخلي بمدينة غريان كما كتبت سابقا لدراستي في كلية المحاسبة، وكنا أربع طالبات أنا من اطرابلس واحدة من يفرن،واثنتان من الزاوية، وظللنا معا حتى تخرجنا، فيما اتبادل الحديث مع احداهن وهى تتوضأ للصلاة ،لفت نظري كيف تبجل قدميها والماء تتدفق، فتعاملهما كما لو كانتا طفلتين، في تلك اللحظة ولا أدري لماذا، اكتشفت أن لدي قدمين، وكأنني لم أعش بهما من قبل، ففي كل التراث المعرفي الذي لا أدري متى التقطته ،إنما القدم تدخل بشكل مكثف في موضوعات غير ذات شأن، ومحملة بالمهام السلبية، ماد رجلّيه، حاطّه تحت رجلّيه، رِجل هني ورِجل غادي، وكلها تشير إلى مرتبة الرِجل في الثقافة، لكن منذ تلك اللقطة الجميلة من مبروكة، والتي لاتدري حتى اليوم كيف ايقظت بلا قصد، شغفي بالتعرف على جسدي من دون أحكام مسبقة، فثمة أحكام مسبقة دائما، دون أن نشعر بذلك، وهو ما يعرف بالدغمجة.
حسنا حينما نهتم بشيء ، سيظل يظهر أمامنا ، وكأننا للتو فتحنا أعيننا وصرنا نراه حيثما ذهبنا، لأن وعيي تبدل، هزتني بعمق حلقة لأوبرا وينفري عن ميكانيزم الجسم، حينما استضافت شخصا حبس نفسه في صندوق زجاج عملاق مملوء بالماء، فقط ليشرح إرادة الحياة ،وماذا يفعل الدماغ ليحفظ حياتنا، ماهى الأوامر التي تصدر عنه، لكل عضو وأهميته في جسد الواحد فينا، ليستمر في العيش. وكانت هذه الحلقة تفجيرا عميقا لشغف نمى بأشكال مختلفة، وراكم الفضول، إذ أنني في الصغر التهمت بتلذذ كل الكتب التي تعاملت مع الجسد من حيث الغذاء والدواء، وكل ماله علاقة بالأمراض والطبابة، والصحة النفسية، وأحببت التمريض تحديدا ،وكنت ولازلت استخدم معارفي تلك، ما أهلني لأكون صيدلية بشرية، وممرضة، وطبيبة للعائلة إن لزم الأمر. آه ، مش للدرجة هاذي! ولكني أقرب لأن أكون عرافة أو ساحرة باللغة القديمة، وليست بمفهومها القاصر الآن.
المغزى من كل هذه الحكايات الخاصة، أنه ومؤخرا دمجت بين فكرتين مهمتين، هما العضوي والنفسي في جسد البنادمية، يعني أنني عالجت مشاكلي مع التركيز ، والإرهاق، وصعوبة النوم، والخمول، وتكسر المزاج، بنظام طعام ( كيتو الشهير) ما أهلني لمكافحة أغلب المتاعب النفسية التي خلقها جسدي المتعب، والعكس صحيح تماما، ثمة دوامة يصعب الخروج منها ،إلا بصحوة ومعرفة مسبقة بكل مايجري هناك في جسدي، من تحت حس مس، وبإرادته الحرة تماما.
الجدّيات
دعوني أعرفكم على واحد من أهم المؤثرين في حياتنا، إنه المبجل الكورتيزول،أسميه الشيخ لأنه وكما يعرف البعض أنه مفتي الجسد، لو تركنا له أجسادنا ، لو مكناه منها ، فإن الواحد فينا سيفقد سلطته على صحته، وذلك لأن وبنفس اللغة ، كثيره مؤذٍ وقليله مفيد، فالكورتيزول هو سلطة عليا في الجسد، لأنه هو من يفصل بين لحظة حياة وموت ، نعم، لأن له علاقة بتهيئة الجسد للقتال أو الهرب، ولأنه يؤدي دوراً هاما في استجابة الجسم للإجهاد والتهيئة لمواجهة المواقف القتالية أو الهروب. يزيد إفراز الكورتيزول خلال فترات الضغط أو التوتر، مما يساعد على زيادة معدل ضربات القلب وضغط الدم وتوفير الطاقة للعضلات للتحرك بسرعة أكبر. كما يساهم في تثبيط نظام المناعة المؤقت لتخصيص الموارد للأنشطة الحيوية الأساسية أثناء فترات الإجهاد.وكنتُ قبل وثائقية DW عن الصحة العقلية اعتقدت أن المسئول الوحيد عن ذلك هو الأدرينالين، لكن لماذا أثار الكورتيزول فضولي، وسيطر على المشهد عندي؟ وذلك كما أرجو أنكن وأنكم لاحظتم ماذا يستدعي هذا المبجل في الجسم من أمراض فيما لو استمرت أسباب إفرازه، هل تلقون نظرة مرة أخرى على خدمة الكورتيزول؟ ثم من فضلكن/كم اكتبو على ورقة مالذي يثير قلقكم وتوتركم، واربطوا الأمرين، لنرى ونفهم لماذا تتركز في المجتمع أمراضا مزمنة تقتل الناس بصمت، زي الضغط ، السكر، السكتات الدماغية، أمراض القلب، مشاكل الهضم ، الاكتئاب وللمفاجأة وجريا وراء فضولي ، اكتشفت أن الأمر يتعدى ذلك بمراحل،ذلك أن ارتفاع مستوى هرمون الكورتيزول يمكن أن يؤثر على سلوك الأفراد وتفكيرهم في المجتمع بعدة طرق.، لأنه بدوره يزيد من القلق والتوتر النفسي، مما قد يؤثر على قدرة الشخص على التفكير بوضوح واتخاذ القرارات بشكل منطقي. كما أنه يزيد الانفعالات السلبية والاستجابة بشكل مبالغ فيه للمواقف الضاغطة. هل تفاجأتم مثلي؟ ثم تذكرت تلقى عدد كبير من الليبيين ولسنوات طويلة علاجات بحقن الكورتيزون، وبكليك صغير شرح غوغل الحالات الطبية التي يحقن فيها الكورتيزون كعلاج مثل : التهاب المفاصل ،والأوتار والأربطة، والعضلات، والتهاب الجيوب الأنفية. وفي علاج التهاب الجلد والأكزيما، أما التأثيرات فوق ما أدرج، ضعف الجهاز المناعي،و العظام، وارتفاع مخاطر الإصابة بالعدوى.( مازال الخير لقدام) زيادة الشهية، وتغيرات في الوزن.
حرر كورتيزولك
في الوثائقي على DW عن الصحة العقلية، وردت هذه الخلاصة الهامة: أن مايثير الاهتمام والدهشة هو أن الأحداث الكبيرة والمتطرفة ليست بالضرورة هى العامل وراء مرض الناس،أي أن الأمر لايقتصر على حادث خطير أو التعرض للعنف أو فقدان شخص عزيز،بل تبين أن الضغوط البسيطة بوسعها جعل الناس مرضى إذا حصلت على نحو متكرر على امتداد فترة طويلة.
يعني بشوية أخبار عن الفساد والسيولة، والمرابحة،وسكري ياوردة النفط والبنزينة ،وبشوية رز، ومكرونة، وسكر، ومحسنات في الخبزة، يمكن لأي كان أن يستخدم كورتيزول أجسادنا ضدنا، إنه الريموت الذي تملكه أي فتوى أو سلطة أو مستبد أو جاهل ليجعل مجتمع كامل يدور في كصبرة، ومنحط السلوك.
______ الفرق بين سلوك الناس في المجتمعات المختلفة هو نظام الكورتيزول، من يسيطر على استمرار ارتفاع الكورتيزول يسيطر على أسباب البؤس. إي نعم.