قصة إيمان: بصيرة قلب ونور وقرآن

قصة إيمان: بصيرة قلب ونور وقرآن

  • إسماعيل بن هامل

الأستاذة إيمان إبراهيم محمد الفرجاني 199‪5 ) زليتن (
درست مثل بقية الأطفال فقد دخلت المدرسة وتدرجت حتى وصلت الصف الرابع ولكنها تعرضت في نهاية الصف الثالث لحادث ألم بها سبب لها فقدانا تاما للبصر. ولهذا السبب فقدت دراستها في المدارس العامة لتتوجه لمدرسة الكفيف بطرابلس وتدرس بها بضعة شهور وتترك الدراسة نظرا لظروفها.
لتتجه للزاوية الأسمرية وحفظت عددًا من أجزاء القرآن الكريم.
وبعد خمس سنوات انقطاع عن الدراسة ذهبت لمدرسة الأمل للكفيف بمصراتة وأكملت الصف الرابع وبعد هذا الانقطاع و الانتقال من مدرسة إلى أخرى رجعت إلى مدرستها الأم (شهداء اليرموك ماجر) لتكمل دراستها من الصف الخامس ثم السادس وهكذا حتى وصلت الشهادة الإعدادية وبعد إصرار وكفاح وتوفيق تتوج جهودها بحصولها على الشهادة الإعدادية بتقدير ممتاز و تواصل دراستها الثانوية حتى وصلت شهادتها، ويزيد التحدي بداخلها وتنتصر في جولة أخرى وليست أخيرة وتنتزع الشهادة الثانوية بتقدير ممتاز.
وللعلم فإنها طيلة سنوات دراستها لم تحصل إلا على الترتيب الأول.
وهي لا يمكن أن تنسى من وقف بجانبها وساعدها من أهلها أو الأستاذ فتحي العماري أستاذ في مدرسة الأمل للكفيف في اندماجها في المدرسة العامة وكذلك مكتب الفئات الخاصة بمراقبة التربية والتعليم زليتن للوقوف معها و دعمها بالمناهج الدراسية والمذكرات الخاصة بلغة برايل.


وللعلم هذا النجاح لم يأت بسهولة ويسر فقد كانت تكتب المنهج المقرر كاملا في كل مرة بلغة برايل ليتسنى لها دراسته والامتحان فيه نظرا لعدم وجود منهج مطبوع بلغة برايل وهي لغة خاصة بالمكفوفين وتعتمد على اللمس بالأصابع للحروف البارزة.
تحدٍ جديد.
لم يتوقف طموحها على الشهادة الثانوية واتجهت كغيرها من خريجات الثانوية للجامعة ومقاعد الكلية وتلتحق بالجامعة الأسمرية وتحديدا قسم اللغة العربية و الدراسات الإسلامية لتحصل على الشهادة الجامعية (ليسانس) بتقدير عام ممتاز ونسبة نجاح تجاوزت (93٪).
أما لغة برايل فقد تعلمتها في جمعية النور للكفيف بطرابلس وجمعية الأمل للكفيف مصراتة.
ونظرا لما تحمله من خير بداخلها أقامت دورة لتعليم الكتابة والقراءة بلغة برايل وتحت إشراف الرابطة الليبية لحفاظ القرآن الكريم سنة 201‪7م بالمدرج التعليمي زليتن.
تعلن جمعية إنسان الخيرية عن إقامة مسابقة في القرآن الكريم لأصحاب الهمم بزليتن وتشارك إيمان في المسابقة وتحصد الترتيب الأول.
وبعد مشاركة لها على مستوى الجامعة الأسمرية و كلياتها المختلفة لحافظي القرآن الكريم و تتحصل على الترتيب الثاني.
هذه السنة تم تنسيبها من قبل الأستاذ محمد الأصيفر مدير مكتب الخدمات التعليمية ماجر لتقوم بتدريس اللغة العربية في نفس المدرسة التي تعلمت فيها و ردا على ما قام به الأستاذ فرج الجحش مدير المدرسة من مد يد العون لها وهي طالبة.
وبعد هذه المسيرة الناجحة ولأنه لا حدود للنجاح والطموح المشروع فقد بدأت دراسة الماجستير في النحو و الصرف في قسم الدراسات العليا في الجامعة الأسمرية.
و قد تم تكريمها من قبل مصلحة التفتيش والتوجيه التربوي في شهر نوفمبر الماضي.
و تكريمها من قبل نقابة المعلمين زليتن في شهر ديسمبر الماضي وحصولها على عمرة مجانية لبيت الله الحرام.
فاقدة للبصر ، و عوضها الله ببصيرة ثاقبة ، شقت طريقها في التحصيل العلمي ، وتدرجت في جميع مراحله بتفوق بكل إصرار وعزيمة ، و ها أنا أنشر حكايتها لتكون نبراسا ونموذجا يقتدى بـه.
لـم تقف الإعاقة عائقا أمامها ، بل وتغلبت على كل العراقيل بثـبات وإصرار ، حتى بلغت مرادها.
في احتفالية تكريم المعلمين المتقاعدين والتي كرمت الأستاذة إيمان على هامشها فقد خصصت عدد تسع عُمرٍ مدفوعة لبيت الله الحرام للمتقاعدين (5رجال و 2 نساء مع 2مرافقين ) أي تسعة كاملة وجرت القرعة بينهم و لكن عند خروج السيدة إيمان على ركح المسرح لاستلام الدرع والشهادة نادى الحاضرون بعمرة لها و بعد أخذ و رد صاح أحد المتحصلين على قرعة العمرة بأنه سوف يتنازل لها عن عمرته عندها وافق أصحاب الاحتفالية بعمرة مدفوعة التكاليف لها وبرفقة أحد محارمها، لتتعالى أصوات الجميع بالتكبـير.
هنيئا لزليتن بها وهنيئا لها ولأهلها بهذا النجاح.
وفقكك الله الأستاذة إيمان الفرجاني.
واختم ب:
عَلى قَـدرِ أَهـلِ العَـزمِ تَـأتـي العَـزائِـمُ.
وَتَـأتـي عَـلـى قَـدرِ الـكِـرامِ المَــكارِمُ.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :