محمود السوكني
تأجلت القمة المصغرة ليوم ، وتبعتها القمة الكبرى فتأجلت لأيام ، ولا أعرف ماذا إنتهت إليه المصغرة بحكم كتابة هذا المقال قبل إنعقادها المحتمل لدواعي فنية لا أملك لها دفعاً ، ولا استطيع أن اخمن بما سيتمخض عنه إجتماع قمة القاهرة الذي سيناقش البحث عن رد يشفي غليل سيد البيت الأبيض !
المثير في الأمر ، أن القمتان تنعقدان إستجابة لظرف طاريء كان ورائه الرئيس الأمريكي ، فهما لا ينعقدان إنزعاجاً من هول المجزرة التي يرتكبها بكل صفاقة السفاح الصهيوني ، ولا تأسفاً على ما لحق بالبشر والحجر في غزة المنكوبة التي شنّت عليها حرب إبادة متواصلة لخمسة عشر شهراً لم تحرك ساكناً في ملّة العرب رغم الحجم المروّع لضحاياها الذي تجاوز عددهم الخمسون ألف شهيد غير المائة وعشرون ألف مصاب وعشرات الألاف من المفقودين ، كل هذا لم يستصرخ همّة قادتنا الأفذاذ ، ولا أثار مشاعرهم ، حتى نبههم السيد ترامب الذي (أوجعه) حال سكان غزة فطالب سادتنا بأن يلتفتوا إلى حال جيرانهم الذين هم في الأصل أشقائهم ، وأن يبحثوا لهم عن مكان يأويهم حتى يتفرغ بكل أريحية وبمنتهى الشهامة للإشراف على القطاع المُدمر ليحيله بعقلية خبير العقارات المعروف إلى قطعة من الجنة تفوق سحر الريڤيرا شريطة أن لا يفكر سكانها المهجرون من مجرد التفكير في العودة إليها !!
ماذا سيفعل قادتنا حيال هذا الطلب الغريب ؟ من البديهي أن أي نظام عربي يوافق على توطين الفلسطينيين المهجرين في بلاده فإنه سيواجه برفض شعبي جارف قد يتسبب في الإطاحة به ، ليس كُرهاً في إخوتنا الفلسطينيين ولكن ضد تكريس مبدأ التهجير الذي يسعى الكيان المحتل إلى اعتماده واقعاً عملياً حتى يكسب مزيداً من الأراضي ويتوسع كيانه المسخ إرضاءً للحليف الأمريكي المستأ من صغر حجم دويلة الصهاينة مقارنة بدول المنطقة !
إذن ، والحال هذه ، على القادة الأشاوس أن يجدوا حلاً يرضي وأشنطن ومن تم تل أبيب ولا يتعارض مع تطلعات الشعب الفلسطيني في التمسك بحقه في العيش بكرامة على أرضه المستباحة من قبل المستعمر الصهيوني . في تصوري أن كل الحلول المتوقع الخروج بها من هاتين القمتين ، لن ترضي عصابة تل أبيب التي تريد إستغلال سنوات ولاية الرئيس المتصهين إلى أقصى حد ، ولها الحق في ذلك ، لأنها لن تجد رئيساً يتربع على ما أسموه القطب الواحد ، يخدمها على هذا النحو العمياني الذي لا يرى أحداً جدير بالحياة غيرها .