تقرير : محمود السالمي

 في ظل تجاهل مستمر وغياب حلول جذرية، يعاني أهالي مدينة ودان من خطر بيئي متفاقم يتمثل في انفجار بئر المياه الكبريتية المعروف بـ’حوض السباخ’. هذا البئر، الذي يعود إنشاؤه إلى الثمانينات، أصبح الآن مصدر تهديد للمناطق السكنية والمزارع المحيطة به، حيث تتدفق المياه الساخنة بدون توقف، محدثةً بحيرة مصغرة تهدد حياة السكان وممتلكاتهم.

 في هذا التقرير، نستعرض أبعاد الأزمة، جهود الجهات المحلية، وتحديات مواجهة هذا الوضع البيئي الحرج.

 تم حفر البئر في بداية الثمانينات من القرن الماضي ، في محاولة لتوفير مياه الري لمزارع النخيل المحيطة بالمدينة.

وأنشئ عليه حوض لتجميع المياه لغرض الري، استمر المواطنون في استخدامه لذلك ، وحيث أن المياه تخرج من أعماق الأرض وعلى عمق أكثر من 800 متر ، وهي ساخنة جدا ، وبمرور السنوات ، وبفعل التقادم والتهالك وعدم وجود خطط للصيانة المستمرة ، وغياب الشركات المتخصصة  في صيانة مثل هذه الآبار ،  استمرار تدفق المياه التي لا تحتاج حتى لمضخات ، حدث  انفجار لحوض المياه الكبريتية و كسر وانفجار في المواسير العليا للبئر والذي يمثل خطراً كبيراً على الأحياء القريبة التي تكونت بفعل الزحف العمراني الحديث ، وتوسع المواطنين في استغلال الأراضي الزراعية القريبة من الفوار، وتوجه الدولة في استغلال الأراضي الفضاء في بناء مقار ومباني تابعة لها منها مخازن أدوية الجفرة. 

ومجمع كليات إدارة الأعمال والقانون وتقنية المعلومات  ، ومع مرور الزمن صارت هذه المؤسسات  لاتبعد سوى أمتار عن موقع البئر والحوض التجميعي الملحق به.

أخذت فترة التسرب من هذا الفوار مدة طويلة في الانسياب،  حتى ارتوت الأراضي المحيطة به ، وطفحت على السطح ، وتمددت وزحفت على الأراضي ، وصارت تشكل بحيرة مصغرة ، وشعر الأهالي بخطورة الأمر باقتراب المياه وبكميات كبيرة من البيوت والمنازل،  والمزارع التي تضم مخازن وثلاجات لتبريد التمور ، تكبد فيها أصحابها آلاف الدينارات لإنشائها .

وأطلق أهالي مدينة ودان ، نداء تنبيه إلى خطورة الوضع القائم،  دون جدوى ، ودون أن تبادر أي جهة لمعالجة الأمر بسبب الاحتياج إلى شركات متخصصة ولها قدرة على معالجة حقيقية للمشكلة.

صحيفة فسانيا ، التقت  عضو المجلس البلدي الجفرة د .  عبداللطيف جلالة ، وبسؤاله عن هذه المشكلة ، قال : في البداية علينا أن نطلق تحذيرا من تكون بحيرة ضخمة ساخنة بالقرب من أحد الأحياء السكنية ومزارع النخيل بمدينة ودان.

وقال : إن سبب تكون البحيرة ناتج عن انفجار أحد آبار المياه الفوارة الساخنة نتيجة التآكل في أنبوب الضخ داخل البئر الذي ينتج في الدقيقة الواحدة “350” مترا مكعبا من المياه الشديدة الحرارة التي تصل إلى  75 درجة مئوية ،مشيرا إلى أن المياه لاتزال تتدفق بغزارة وتحتاج إلى إمكانيات خاصة للصيانة.

 وعن خطورة الوضع الحالي ، أضاف : أن توسع تمدد المياه يهدد حيا سكنيا بالكامل به قرابة 500 منزل ، إضافة إلى مباني مخازن الأدوية وصومعة الحبوب وعشرات مزارع النخيل.

وأشار إلى إمكانية تسرب المياه إلى أعماق مختلفة قد تتسبب في انجرافات خطيرة وقطع الطريق العام الرابط بين الجفرة ومناطق الغرب والشرق،  إضافة إلى ما قد تسببه من تكاثر الحشرات الضارة الحاملة للملاريا وغيرها من الأوبئة.

وهناك جهات تقوم بمحاولات لوضع حلول ، لكنها مؤقتة في الغالب ، وغير مجدية ، منها  فريق العمل التطوعي بودان الذي يعمل على فترات على بناء سدود ترابية لإمكانية حجز المياه التي مازالت تتدفق  منذ عدة أسابيع.

وانحصرت المشكلة حاليا في بئر فوار

انهيار في حوض فوار السباخ بمدينة ودان  مع وجود كسر في الأنبواب مما أدى إلى  كسر في الأبواب والمياة تتدفق خارج الحوض.

وجدد بناء على هذه التطورات الأهالي النداء  إلى وزارة الزراعة لإنقاذ المزارعين بشكل عاجل  وتوجهوا إلى مخاطبة عدد  من مراسلي القنوات الفضائية للقيام بالتغطية الإعلامية لإيصال صوت المزارعين إلى الجهات المختصة.

وفي متابعة تطور تسرب فوار السباخ ، التقينا ، د. إسماعيل الشريف ، عضو مجلس النواب ، وابن مدينة ودان ، أفادنا ، بأن مواطني وأهالي المدينة ، تواصلوا معه ،بشكوى للبحث في إيجاد حل سريع ودائم للمشكلة و تطلب الأمر  منا ضرورة التواصل مع الجهات المختصة ذات العلاقة بهذه الحادثة لمعالجة الموقف بشكل عاجل وأن هناك عددا من الإجراءات التي اتخذت بالخصوص ، تمثلت في التواصل مع رئاسة الحكومة الليبية وإطلاعها على الموقف، وكذلك التواصل مع وزير الموارد المائية وهي الوزارة المختصة بهذا الشأن ، أصدر الوزير تعليماته للشركة العامة للمياه والصرف الصحي بمعاينة الموقع وإعداد تقرير فني بشكل عاجل ، يستمر التواصل مع الجهات التنفيذية ذات العلاقة خطوة بخطوة إلى حين إيجاد حل جذري وإزالة هذه المخاطر البيئية عن السكان والمباني والمنشآت المحيطة.

وقد أثمرت كل هذه الجهود عن عدد من  الإجراءات  للبدء في معالجة بئر فوار السباخ بمدينة ودان، بتدخل مباشر من عدة جهات رسمية لحل إشكالية المياه المتدفقة من هذا الفوار بأسرع وقت ممكن ، حيث تم تشكيل فريق متخصص لمعاينة الموقع وأعداد  تقرير تفصيلي عن الحالة  وصدرت تعليمات بالإذن للبدء في صيانة هذا البئر وإنهاء العمل لعودة البئر لحالته الطبيعية ودفع الضرر عن السكان والمؤسسات والمنشآت الاقتصادية والتعليمية وغيرها.