كامبل بنرمان ” و ولادة الشرق الأوسط المشوَّه  القصة بدأت من هنا “

كامبل بنرمان ” و ولادة الشرق الأوسط المشوَّه  القصة بدأت من هنا “

  • مالك المانع

هل سبق و أن تباذر إلى مسامعكم في يومٍ من الأيام  أو قرأتكم شيئاً عن اجتماعٍ سريٍ و خطير و غير معلن أعْقبَهُ  اتفاق مشبوه جرى في ظلال السرية الكاملة عرف فيما بعد باتفاق ” كامبل بنرمان ” ..؟

أراهن بأن جُلنا لم يسمع أو يقرأ شيئاً عن اجتماع 1907 ببريطانيا حين رُسم مصيرنا خلف الأبواب المغلقة – إليكم التفاصيل ..

في عام 1907، كانت أوروبا العجوز تنظر بقلق نحو المشرق العربي ، حيث كانت ما تزال الدولة العثمانية، رغم ضعفها، تمسك بخيوط الجغرافيا الإسلامية و العربية الكبرى . وفي لندن، بعيدًا عن عيون الشعوب و العالم ، اجتمع زعماء أكبر القوى الاستعمارية في مؤتمر سري دعا إليه رئيس الوزراء البريطاني آنذاك، هنري كامبل بنرمان و بحضور ست دول أوروبية كبرى و كلها تشترك في أمر واحد: الخوف من يقظة محتملة في الشرق، قد تعيد تشكيل العالم من جديد . يقظة ليست على مقاسهم، بل على مقاس تاريخه العريق.

لم يكن ذلك المؤتمر عادياً، بل كان محطةً فارقة في التاريخ، وإن ظلت فصوله غامضةً في الوثائق الرسمية، إلا أن مضمونه تسرب إلى صفحات الفكر العربي من خلال مفكرين ومؤرخين استقرؤوا وقائع ما جرى بعدها. حيث توصّل المؤتمر، كما تُنقل مضامينه، إلى أن هذه الأمة – الممتدة من المحيط إلى الخليج – تملك مقومات نهوض حضاري خطير، إذا ما أُتيحت لها الفرصة لتتحد من جديد. [ دينٌ جامع، لغة موحدة، تاريخ مشترك، وثروات طبيعية هائلة ]… كل ذلك يجعل من العرب عنصر تهديدٍ طويل المدى للهيمنة الأوروبية.

هكذا خرج المؤتمر بتوصيات لم تُدوّن في محاضر رسمية منشورة، لكنها وُضعت موضع التنفيذ خطوة بخطوة، بدءًا بتفتيت المشرق العربي، وصولاً إلى زرع “جسم غريب” يفصل شرقه عن غربه. و بعد أقل من عقدٍ من الزمن ، أطلت اتفاقية سايكس بيكو عام 1916 لتقسيم تركة “الرجل المريض” كما كانوا يسمّون الدولة العثمانية. ثم في 1917، أعلن بلفور وعده الشهير بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، وهي الأرض التي اختيرت بعناية لتنفيذ خطة العزل الاستراتيجي بين مصر وبلاد الشام، وبين شمال أفريقيا والشرق العربي.

القرن العشرون كان تنفيذًا متدرجًا لما خلص إليه مؤتمر 1907. أنظمة سياسية هشة، تغذّيها التبعية، وتُحاصر كل فكرة للوحدة أو النهوض. وفوق ذلك، دعم دائم لقيام الكيان الإسرائيلي وتعزيز تفوقه العسكري والاقتصادي، ليكون حجر الزاوية في مشروع السيطرة. حرب 1948، نكسة 1967، كامب ديفيد، أوسلو، غزو العراق، تقسيم السودان، الفوضى التي أعقبت الربيع العربي… كل ذلك لم يكن مجرد أحداث منفصلة، بل فصول من خطة طويلة المدى، جذورها تعود إلى ما قبل قرن ونيف.

واليوم، ونحن نشهد حرب إبادةٍ في غزة و توسع إسرائيلي ممنهج في الضفة، و مشروع التطبيع العلني مع الدول العربية، وحالة الانقسام الداخلي المتسارع في الجسد العربي، تكاد تكتمل الحلقة و تتجلى المؤامرة التي بدأت يوم اجتمع أولئك المتأمرون في لندن ورسموا مستقبل أمة بأسرها. صحيح أننا قد لا نجد في أرشيف بريطانيا نسخةً موثقةً من محاضر ذلك الاجتماع، لكن دماءنا، وخرائطنا الممزقة، وصوت الأقصى المكبوت، كلّها تشهد أن ما قيل في تلك الغرفة المظلمة، لم يكن مجرد أفكار عابرة… بل كان مخططًا يُنفّذ، ولا يزال

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :