- محمد بعيو
التقيت اليوم الأستاذ المستشار الصديق الصور، في المقر الجديد لمكتب النائب العام، في جنة العريف بقلب طرابلس، وهو مبنى أعرفه جيداً فقد أن كان منذ التسعينيات مقراً للمركز العام للإذاعات الموجهة {صوت أفريقيا}، أيام مديره العام السابق الزميل الإعلامي الكبير {امحمد الغول القايدي}، ثم أصبح بعد فبراير مقراً لما يسمى راديو لــيـبـيــا، بعد أن ضاعت أفريقيا مِن لــيـبـيــا، بعدما ضاعت لــيـبـيــا هي ذاتها من ذاتها.
ولأنني أعرف المبنى وما كان عليه حاله البائس، لم أعرفه هذه المرة، دخلته مذهولاً وخرجت منه وأنا أكثر ذهولاً، حتى أن دهشتي الممزوجة بالفخر والإعجاب مما رأيت من روعة وجمال المكان، سيطرت على تفكيري طيلة لقاء الساعة مع المستشار الصديق الصور، فكيف للعقل مهما صفا أن لا يُسلم جزءً من عِقاله لكل هذا البهاء.
قبل عامين وفي صيف 2021 حينما كنت رئيساً للمؤسسة الليبية للإعلام، في إنشائها الأول، قمت بتسليم المبنى الإعلامي المتهالك إلى مكتب النائب العام، تنفيذاً لقرار تخصيص سابق صادر عن حكومة الوفاق الوطني، ولأن المبنى يحتوى إرشيفاً كبيراً من الكتب والمنشورات والمجلدات والوثائق، فقد أمر النائب العام بصيانة مخازن قناة ليبيا الوطنية في منطقة السراج، لتكون مكاناً مناسباً يضمن المحافظة على هذا الكنز الوثائقي التاريخي.
خلال أقل من سنتين، وأكثر من توقعات أكثر المتفائلين، تحول ذلك المبنى الضخم المتهالك إلى أجمل وأفخم المباني العامة في العاصمة طرابلس، لتليق فخامة المكان بقيمة من يشغله، رجل القانون ورجل الدولة المستشار النائب العام، ورفاقه رجال النيابة الكرام ونسائها الكريمات، وليدخله كل من لديه مظلمة وليس فقط كل من عليه تهمة أو استدعاء، فقد فتح المستشار الصديق الصور مكتبه لاستقبال المواطنات والمواطنين، يرفعون شكاواهم ويقدمون مظالمهم، فيمد إليهم وزملاؤه أيديهم الحانية بالدعم والمساندة ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، ليس تدخلاً في ما لا يعنيهم من شأن الإدارة العامة للدولة الغائبة، بل حرصاً على إعانة من أمر الله بمد يد العون إليهم من المحتاجين والمظلومين، رغم أن خرق الظلم والفساد في هذي البلاد قد اتّسع على الراتق، لكن من اختصه الله بقضاء حوائج الناس لا يخشى اتساع الفتق بل يعمل على الرتق، معتمداً على الله الذي عليه الإتكال، ومنه وحده الكمال، وإليه يصعد الكلم الطيّب وتدون الأعمال.
مهما أسهبت ومهما أطنبت، ومهما نقشت عباءة البلاغة من حروف الأبجدية، لن أستطيع وصف شعوري الذي هو مزيج جميل من الإعجاب بهذا الإنجاز، والتفاؤل بمستقبل لــيـبـيــا المشرق بإذن الله، يولد حلالاً وليس سِفاحاً من رحم حاضرها القاسي، واليقين في أن الله سيُقيّض لهذه البلاد الحبيبة المظلومة رجالاً بنّائين من أمثال الأستاذ الصديق الصور، ينقذونها مما هي فيه ويخدمونها ولا يستخدمونها، لتكون لــيـبـيــا كما يجب أن تكون، وكما يريد لها المحبون المخلصون أن تكون.
ويا سيادة النائب العام الموقّر / هذا ليس دفعاً في مقام اتهام قد يجول في أذهان البعض بمجاملتك لصلة قُربى أو موجبات صداقة، بل هو الحق الأبلج نطقتُ به دون خوف ولا طمع ودون حاجةً ولا لِجاجة، وما شهِدت إلاّ بما رأيت، ولن أكتم الشهادة فيأثم قلبي، والله على ما أقول شهيد.