شعر :: المهدي الحمروني
كل ما في الأمر
أن عزلتكِ تؤثِرُ قطعَ الطاقة للكتابة
حين توقِعُني في مرحلةٍ قصوى من الإظلام التام
أشرقي ببصيصٍ مترددٍ
كطرح أحمالٍ في ترنّح أيامنا
على صيفها الطويل
ها أنتِ تتعالين بمركزية التحكم في مغذيات الروح
لانزول لك عند رغبة مريدك البائس
في أدغال العتمة وحلق الظمأ
بومضة مغيثة
لربما كنتِ على حق
حين ترين احتجابك أحفظُ لأمن اللغة وخلقها الهمج
فتجتنبين ماسيتناسخ في شروقك من كائنات الشعراء وأتباعهم
دعيها في ليل بياتها كطحالبٍ في شرانق عذراواتها
تحاشيًا لنشوب الصراع على مايفجّره طلوعك من ثرواتٍ في باطن إيحائك
أما أنا؛
فكنتُ أنقِّبُ في مفازتي
لأحفر ابتهالي كآخر نصٍّ
على أبعد حجر
متمهلاً على غير عادتي
لعبور العوام إلى مهاوي آخرة السكينة
لأظفر بهدأة فجرٍ قديم
يليق بجلاء نور وجهك الساحر
لأبشِّر فقط بكِ أجيالاً أخرى
أنقى سريرةً
أكرميني كليماً لناركِ من خلف طودكِ العظيم
لينفض جفافي غبار انتظاره
بقبسٍ كجذوة آلهة
تُغيّر وجه الارض وملامح السماء
نصٌ واحدٌ وحسب
معجزٌ لصدق نبوتي
مؤيَدٌ بروح قدسكِ
يجبُّ ماقبله من إشاراتٍ في تلعثم أميّتي
أعلّقه على ستار كعبة أمهج العاشقين
وأحفظه في صدرِ صوتِ توبةِ كل حجيجِ مايعقب من عصور
وأكتبه في وثيقة نزاهة كل تأريخٍ ملهم
هكذا أؤدي الأمانة
ثم ارفعي أقلامي
وجفّفي صحفي
وادعِ لي
بضريحٍ وديع
زاهدٍ في المزار
فانٍ في التصوف