لعله آخر رمضان في أعمارنا …!!

لعله آخر رمضان في أعمارنا …!!

خديجة حسن

أريد أن أطرح تساؤلا فيما يخص رمضان  كيف لو كان هذا آخر رمضان يمر علينا في دورة الحياة الخاصة بنا ؟!

كيف سيكون تعاملنا مع استقباله وأيامه وليله ونهاره ؟ كيف سيكون شعورنا بينما تنقضي ساعاته ؟ كيف سيكون هدفنا طوال ثلاثين يوما هي عمره بيننا ؟ّ!

إن الحياة في نظر كثير من الناس حلوة خضرة  , يتشبثون بها ويتعلقون بمكاسبها ونعمها , فلا يتصورون الرحيل عنها , ولا يريدون مجرد التفكير في الرحيل ..  

لكن الحكماء ينظرون بنظرة مختلفة , والصالحون الذين رزقهم الله نعمة البصيرة يرون الأيام برؤية أخرى , فقد شاركنا في رمضان الماضي وما قبله أحبابٌ لنا واراهم الثرى، وهم الآن في عالم البرزخ يتمنون لو رُدوّا إلى الدنيا وعاشوا معنا تلك النفحات المباركة التي تتضاعف فيها الأجور؛ وما أحوجهم وأحوجنا للتعرُّض لتلك النفحات.

 فهل قدّرنا هذه النعمة وهي الاصطفاء للتعرُّض لنفحات الله وإمهالنا للتزوُّد ليوم الرحيل؟

إنها لحياة قصيرة مهما طالت , ونعمة قليلة مهما كثرت , وسعادة راحلة مهما تصورنا بقاءها , فالأعمار زائلة والموت ينادي على الناس كبيرهم وصغيرهم ولا يستثني أحدا … 
إذن فمن الممكن على أي حال لكل أحد منا أن يكون رمضانه هذا هو الأخير, ومن الممكن أن يكون وداعه لأيامه هو وداع الراحلين أبدا فكيف ينبغي أن نتصرف؟

ما أرشحه لنفسي ولقارئي الكريم  ثلاثة أمور أساسية نستطيع بها أن نبتدئ هذه الأيام.
أولها نظرة للوراء , تجمع سيرتنا مع الله العظيم جل شأنه , ندقق فيها لما نظنه قد كتبه الكرام الكاتبين من ذنوب وآثام علينا في مشوار حياتنا الفائتة , نجمعها ونبذل جهدنا ما استطعنا لإحصاء ما استطعنا منها , ونضعها بين أيدينا بينما نحن نتمثل أنفسنا في موقف الحساب أمام رب الأرض والسماء , نستحضر الندم المحرق عليها ونستشعر الحزن المؤلم على أفعالنا ومعاصينا , نستثقل المسؤولية إذا نحن لقينا ربنا بهذا الحمل الثقيل , نستدعي الدمعات ونسكب الحسرات , نسجد لله طلبا للغفران , يا ربنا نحن الضعفاء العصاة المذنبون , جئناك بما يثقل كاهلنا ويعيق فلاحنا , نرجوك الغفران لها جميعها فأنت أهل التقوى وأهل المغفرة.

وثانيها نظرة للحقوق المادية , فنراجع كل شيء قد حصلنا عليه بباطل أو بغصب أو بعدم رضا ونراجع كل شيء قد أخذناه بغير حقه فنرده ونتخلص منه. 

كذلك فنحصي الأمانات التي لدينا مهما كانت قليلة , مال ائتمننا عليه الناس , أو حفيظة مودعة , أو كتاب منسي أو حتى عود سواك تركه بعضهم أمانة عندنا.

كذلك نحصي الديون التي علينا فنردها لأصحابها , أو نستسمح أصحابها فيها حتى وقت الأداء أو نوصي بها في وصيتنا التي ننام وهي تحت رؤوسنا ..

وثالثها نظرة للحقوق المعنوية , فنرد غيبة من اغتبناه , نذكره في المجالس بما يحب , وندعو له أن يغفر الله له , ونستسمح من كنا قد أخطانا في حقه بسباب أو غضب أو حتى صراخ وتأنيب بغير حق .

إنها أيها الصائمون نصائح الراحلين , الذين لا يلوون على شيء من الدنيا , ولا يأملون في أيامها غير طاعة الله سبحانه , لعلنا أن يأتينا رمضان ويرحل عنا فيشفعه الله فينا ويشهد معنا لا علينا ..

، وقد تكون فيه نجاتُنا وفلاحُك وسعادتك، تذكَّر قد يكون آخر رمضان ، فماذا أنت فاعلٌ فيه؟

ما خُططك لما تبقَّى من أيام الشهر، وكأنك لن تراه مرةً أخرى، واطْرَح عنك الغَفلة وطولَ الأمل، فما يُدريك لعله آخر رمضان!                 اللهم ارزُقنا من الطاعات والقُربات في هذا الشهر المبارك ما يُبلغنا رضاك والجنة .

اللهم وفِّقنا لكل عملٍ يُرضيك عنا.  

اللهم اجعَلنا ممن وفَّقته لطاعتك ففاز، ولا تَجعلنا ممن غرَّه طولُ الأمل فسوَّف وندِم.                                                       اللهم اجعَلنا مِن عُتقائك في هذا الشهر المبارك.                          يا رب إن مدَدتَ في أعمارنا فثبِّتنا على الطاعات، وإن كان آخر رمضان في أعمارنا، فاختِمه لنا بالقبول والخيرات.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :