بقلم :: ابوبكر عبد الرحمن
كانت جميع أسماء البشر قديماً وحديثاً تعني شيئاً ما في الواقع سواءً في لغاتهم أو في رموزهم، فهي ليست مجرد ألقاب في الغالب وكانت تعني شيئاً ما في ذلك الزمن الذي أطلقت فيه على الشخصية المعنية بها عبر تاريخ طويل كان ينتج في مسيرته مفردات ومعانِ مختلفة و حديثة هذا اليوم، حتى صار في بعضها أن اختيار أسماء المواليد الجدد للعوائل، إما من أجل الفخر والتباهي، أو من أجل الارتزاق وطلب المودة من المسمىٌ عليهم كملُوك وسلاطيِن ورجال حرب ومال ونفوذ، ويكون ذلك لكسب مال أو رضا ذلك الشخص المهم، أو طلباً لرحمته، وغالبا ماكان الطفل يسمى على اسم ذلك الشخص من أجل محبة أوصلة قرابة أو رابطة اجتماعية.
فخير الأسماء مثلاُ- كما أوصى الرسول(صلى الله عليه وسلم)، ماحُمِد وعُبِد، فنرى الكثير من الآباء اليوم، وهم أيضاً تجد أسماءهم وألقابهم مكنٌاة بالتعبيد أو بالتحميد، يتهافتون على هذه الأسماء لمواليدهم، مثل عبدالله.. أحمد.. وعبدالحكيم أيضاً، وأكثرها شيوعاً اليوم هو اسم الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم)، ذلك لطب البركة والشفاعة والرحمة المرتجاة في يوم القنوط..وكذا أبوبكر وعمر وباقي الصحابة، الأجلاء، لإجلالهم.
في أوروبا وقبل سبع سنوات حقق اسم فورنسا رواجا بين أسماء الفتيات، بعد ولادة ابنة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون. وكذا حقق أوليفيا وأوليفرللأولاد في نفس العام،
وقد كان في بعض الأحيان أن يسمى طفل باسم مدينة ما، أو العكس، تسمى بلدان، مدن، وقرى باسم شخص ما، كالعراٌفتين ليبيا و أفريقيا كما تسمى القارة والدولة اليوم، ومدينة غات كذلك والتي سميت على ولِيٌ صالح اسمه غوث- والبعض يقول إن الاسم مشتق من الغيث؛ لأنها كانت محطة تغيث المسافر وتوفر له ما يحتاج للراحة. منطقة الزنتان أيضاً، والتي سميت على رجل حكمها قديماً ذا سحنة وأفعال حسنتين، وقد خلفه سلفه الذي كان على نهجه، وعندما توفي أطلق عليه اسم “زين ثاني، ولأن القبائل كانت تنطق الثاء المثلثة، تاء، أصبح اﻻسم ينطق ب”زين تاني” فدمجت الصفتين، ليصبح “الزنتاني” كما نطلقه عليها اليوم.
عام 69 أيام انقلاب العسكر، حكم السبتمبريون لحظتئذ، وكانت أسماء أبرز شخصيات النظام كمعمر والجلود والخويلدي، حتى أنه تفرعت أسماء أخرى كثيرة كالبغدادي وأبوزيد دورده والتي راجت إبان حكمهم وكانت لها دلالة بالانقلاب، فكان مشبوهاً في ذلك الوقت أن يسمي الشخص طفله كاسم سيف النصر أو السنوسي أو السويحلي أوحتى عبد الجليل ،نسبة للشاعر الليبي المعارض والذي هز أركان الحكم السبتمبري بقوافيه الشعبيٌة
في بداية فبراير، كان اسم مصطفى عبدالجليل من أبرز الأسماء، والتي أسماها اﻵباء لأولادهم لاحقا إبان انتصارها، فقد الاسم ذا دلالة على الانتفاضة التي قادها هو آنذاك في المجلس الانتقالي على نظام سبتمبر، فقد كانت هنالك علاقة بين الأسماء والأحداث أيضاً
ولم تكن الأسماء وحدها من يرتع فالقبائل كانت في أوج قسمتها والمناطق تلعب على أوتار الجهوية، ودائما من كان في مستوى الأحذية، من يعتلي رأس السلطة، وكذا يعتلي اسمه في رأس قائمة الفساد المالي و الإجرام، وفي أسوأ الأحوال القتل والتنكيل، وعلى العكس من ذلك، كان من هم في مستوى القدر والاحترام، دائما ما كانوا ضحايا ذلك الفساد والعبث والقتل والتنكيل في أسوأ الأحوال، حتى أن بعض الأسماء أصبحت تمثل لعنة بالنسبة لليبيين، ومن يسمون بهذه الأسماء كانوا في الغالب يعانون من سوء الطالع.
لقد صار الشعب الليبي اليوم يهلوس بأسماء كثيرة في منامه ويقظته قبل ذلك، مرة بعبدالحكيم بلحاج و خليفة بلقاسم حفتر، ومرة بالثني والغويل، حتى أنه احتار في أن يجد اسما ثابتا لوليده من كثرة الأسماء والشخصيات والأفندية.
ما يثير الاهتمام أن كل اسم كان يعني شيئاً ما في الواقع في لغة و مكانة كل شعب خاصين به، وهي لم تكن مجرد ألقاب فحسب، ففي احتفالات العصور القديمة كانت المحادثة التي تبدأ بتعريف الشخص لاسمه بما معناه علي النحو التالي: “مرحباً.. أنا ربة قوس القزح”.. سعدت بلقائك، اسمي العملة المتداولة الذهبية”. ولم نكن سنسمع شيئاً من قبيل :”مرحباً.. أنا إيريس”.. سعدتُ بلقائك، اسمي ديناريوس”.
مابعد فبراير اليوم كما نرى، صارت المحادثة بين شخصين على النحو التالي: أهلاً.. أنا السويحلي”.. سعدت بلقائك، اسمي عقيلة صالح”. ولن تسمع شيئاً من قبيل:” أهلاً.. أنا رب الانتخابات والسلطة”.. سعدت بلقائك، اسمي الزيادة في المرتبات والتمديد” كمعنى يستمد طابعه من الواقع.