- سليمة محمد بن حمادي
نعم قررت أن تزور سيادة الدكتور رئيس مجلس إدارة تلك المؤسسة المزعومة ، من بعد التواصل مع( القيم) على تربية تلك الطفلة ذات يوم ، وهو مسؤول في الخدمة الاجتماعية و شخصية محبة للخير، واختار أسرته و منزله مأوى لها عندما رفضت هي الابتعاد عن مجتمع ترعرعت بين حناياه، حينما قال القانون كلمته بانتهاء مدة إقامتها بذلك الدور ونقلها لدور آخر خاص بالفتيات خارج المدينة التي جاءتها طفلة، أشار عليها ذلك القيم بمحاولة جس نبض والد الفتاة ومحاولة إقناعه بإجراء تحليل (إثبات النسب) للتأكيد على بنوته لها جبرآ لخاطرها أمام زوج المستقبل وتأكيد نسبها ،فالقانون يتحين كل الفرص من أجل إثبات النسب لما له من مردود نفسي إيجابي على صاحب القضية ،الذي لا حول له ولا قوه وذنبه في رقبة ( أب مستهتر كان سببآ في تعاسته ولا يود الاعتراف خوفآ من المجتمع ولا يخاف من الله عز وجل)، انطلقت صباحآ لمقر مكتبه تسمع صوت خطوات قدميها في حديقة المؤسسة ، ذلك المبنى المهيب المحاط بعناية بأنواع الزهور الجميلة و الأشجار الباسقة ورذاذ صنابير المياه المخصص للري وصوت زقزقة العصافير تملأ المكان أضفت على الصباح وهوائه العليل جوا آخر ، تكاد في كل خطوة دعوة من القلب كي يستجيب لسبب زيارتها . نعم بناء على لوحة استرشدت إلى مكان مكتبه..سألت إحدى الموظفات للتأكد من العنوان بإيجاب أجابتها من بعد تحيتها بتحية الصباح.. لم تجد سكرتيرته على مكتبها وقفت أمام مكتبه المفتوح بابه على مصراعيه فوجدته قبالها يملي تعليماته على السكرتيرة..تأكدت من شخصيته عندما ألقت السلام وطلبت مقابلة تلك الشخصية، و من محاسن الصدف أن هناك معرفة مسبقة بالسكرتيرة التي اختصرت عليها الأمر بترحيبها واستقبالها الطيب و عندما أفصحت عن رغبتها بمقابلة تلك الشخصية دعاها للدخول بابتسامة واسعة ،لم تطاوعها نفسها بمد يدها بالمصافحة واكتفت بإيماءة برأسها وابتسامة هادئة ردآ على تحيته المرحبة..جلست على كرسي يسار مكتبه استجابة لإشارة يده إليه ..ودعاها لفنجان من القهوة أو الشاي ولكنها رفضت بأدب مكتفية بكوب من الماء الذي قدمته السكرتيرة على عجل ،فلستأذنتها صاحبتنا بأخذ الباب وغلقه خلفها ..و استرقت النظر إلى سيادة الدكتور لرؤية ردة فعله على طلبها و بدهشة استجاب لطلبها عندما وجد نفسه مجبرا بناء على إلحاح واثق في عينيها، يبدو أن سيادته لمس فيه شيئا من الخطر على سمعته وهو المدير الذي يجب أن لا تلامس شخصيته شيئا من النقيصة أمام العامة.. استهلت حديثها بالسؤال على زوجته التي تعرفها من بعيد وعدد أبنائه، فأجابها أن لديه ثلاثا من البنات وولدا واحدا..دعت لهم بالخير وأردفت قائلة..قال المصطفى عليه السلام كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون) وقالو هلنا /عقل هالعام يضحك على عقل العام اللي فات./ واصلت حديثها وهو يرمقها بعينين تملؤهما الحيرة والتساؤل وقالوا أخرى( نص الطريق ولا كمالها) (والذرية اترد الدين) (واللي اديرها في الرخيص تلقاها في الغالي)..اكتفت بذلك القدر من الأمثال الشعبية عندما وجدت شيئا من الخوف بدأ يزور ملامحه.. واستطردت قائلة.. باختصار شديد زيارتي لك بخصوص قضية(….. معك)..أو بالأحرى بخصوص ( ابنتك)…بمجرد أن لامس الاسم أذنه..ارتجفت ملامحه رفقة صوته الذي قبل قليل كان يدعي الرزانة و الثقة.. بس هنا مكان عمل …واصلت حديثها دون اكتراث لملامحه ابنتك هذه سنة التخرج لديها وهي مخطوبة لرجل جدير بها من المجتمع…وهي لا تريد منك شيئا فالمجتمع أشرف على رعايتها من خلال دور الرعاية زيارتي هذه ستكون بسرية تامة بيني وبينك..و كذلك كل ما يتعلق بهذا الأمر.. اصفر وجهه بعد أن زارته كل الألوان أثناء حديثها إليه وتصبب عرقآ حينما أخذ راحته على وجهه ورقبته،..ربما ضميرك أسهرك ذات ليلة وأحسست بالذنب وشعرت بمقدار الألم الذي كنت سببآ في تجرعه لغيرك.. ألم يساورك لقاء ربك ومحاكمته إياك ..لديك بنات والله على كرسي العدل.. صوته بالكاد يلامس أذنها وعينه على الباب مخافة رؤية غيره إياه.. أنا لا يوجد لدي علاقة بالموضوع ( موش مني موش مني موش مني) حاولت أن تطيل بالها على هذا الموقف الذي وضع فيه سيادة الدكتور.. واصلت حديثها بدفع كرتها إليه ..هذه أرقام هواتفي حاول أن تراجع نفسك و تواصل معي .. فيدي ممدوده إليك لنشل نفسك من هذا الجرم..اقطع الشك باليقين بتحليل من قصاصة من شعرك أو أظافرك هذا ليس بالأمر الصعب.. وإن ثبت عليك الأمر اطلب العفو والمغفرة فربنا غفار.. ردد بطريقة هستيرية بصوت مخنوق وعيناه تتراقصان بين وجهها بتوسل وباب المكتب (موش مني موش مني موش مني) إذا لماذا أنت خائف يا دكتور؟ انسحبت من مكتبه تاركة وراءها شبه رجل ينتظر مقابلته الكثير من البدل وربطات العنق والكثير الكثير من الورق الذي ينتظر توقيعه الميمون.. وإلى هذه اللحظة منذ قرابة العاميْن لم يرن عليها رقم هاتفه ..وابنته تخرجت وتم زفافها دون أن يقترن اسمها باسم والدها ( سيادة الدكتور رئيس مجلس الإدارة بتلك المؤسسة الموقرة) سليمة محمد بن حمادي.