لواء الدم: اعترافات صادمة تكشف فظائع مجزرة سجن القضائية في ترهونة

لواء الدم: اعترافات صادمة تكشف فظائع مجزرة سجن القضائية في ترهونة

إعداد: سلمى مسعود.

جريمة في ظلام السجون.. والاعترافات تخرج للنور

بعد سنوات من الصمت والمأساة، تكشف اعترافات جديدة حقيقة مرعبة عن واحدة من أفظع المجازر التي عرفتها ليبيا. مجزرة سجن القضائية، التي نفذتها مليشيا الكانيات التابعة لما كان يُعرف بـاللواء السابع في ترهونة، لم تكن مجرد حادثة قتل جماعي، بل كانت مذبحة مدروسة بدم بارد، حيث تم إعدام العشرات من الأبرياء داخل زنازينهم دون أي رحمة.

محمد الكاني

اليوم، جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة ينشر شهادات القتلة أنفسهم، الذين رووا بتفاصيل تقشعر لها الأبدان كيف تمت عمليات التصفية، وكيف تحولت زنازين سجن القضائية إلى مقصلة للمدنيين الأبرياء، وسط تعليمات صارمة بعدم ترك أي أثر.

التحقيقات التي استمرت لشهور طويلة كشفت عن ملابسات الجريمة، وقادت إلى تقديم بعض منفذي المجزرة إلى العدالة، بينما لا يزال آخرون فارين من وجه القانون.

هذا التقرير ليس مجرد سرد لأحداث تاريخية، بل هو إعادة فتح لملفٍ دموي لم يُغلق بعد، حيث لا تزال عائلات الضحايا تبحث عن العدالة، ولا تزال المقابر الجماعية تفضح حجم الجريمة.

شهادات حديثة من قلب المجزرة

اعترافات سجان الكانيات: أصوات الصراخ كانت مدوية والمصير كان محسوماً ، “كان الضحايا يُساقون معًا بأعداد غفيرة، لم تكن هناك استثناءات، الجميع كان يعلم مصيره.

أكثر من 40 ضحية تم تنفيذ تصفيتهم أمامي، وكان الصراخ يملأ المكان. لم تكن هناك فرصة للنجاة، الأوامر كانت واضحة، ولا أحد يستطيع مخالفتها.”

محفوظ اللبو: “لم يكن هناك تمييز، الجميع يُقتل بأوامر مباشرة”

في اعترافات صادمة، قال محفوظ اللبو، أحد السجانين السابقين في سجون الكانيات: “لم تكن هناك استثناءات، سواء شيخًا أو شابًا.. كانت الأوامر واضحة: لا أحد يخرج من هنا حيًا. القتل كان يتم في مجموعات، وكان الضحايا يُجبرون على الحفر بأنفسهم قبل تنفيذ الإعدام فيهم.”

عبد الناصر الشياني: “كل يوم كانت هناك تصفية، كانوا يدفنون بعض الضحايا وهم لا يزالون أحياء”.

اعترف عبد الناصر الشياني، أحد منفذي عمليات القتل، بتفاصيل بشعة حول المجزرة قائلاً: “كنا ننفذ أوامر القادة مباشرة، كل يوم، كان هناك تصفية لعدد من المعتقلين، بعضهم كنا نطلق عليه النار مباشرة، بينما تم دفن آخرين أحياءً في مقابر جماعية. لم تكن هناك رحمة، ولم يكن هناك تردد.”

تصريح أحد الناجين من المجزرة:”كان المشهد أشبه بكابوس لا ينتهي، كل شيء بدا وكأنه جزء من فيلم رعب، لكننا كنا نعيش الرعب الحقيقي. عمليات القتل لم تكن مجرد تنفيذ للأوامر، بل كانت انتقامًا تحت ذريعة الخيانة. رأيت بأم عيني الضحايا يُجرّون إلى حتفهم، البعض لم يكن قد مات بعد، بل كان يُدفن وهو لا يزال يتنفس. كنت أسمع أصواتهم، وأشعر بعجزهم، كنت أعلم أنني قد أكون التالي.

وتابع: ” كنت أرى القتلى يُلقون في البطانيات ويُكدّسون في السيارات، ثم يخرجون بهم في الليل إلى وجهة مجهولة.

 كانوا ينفذون تصفيات جماعية في ساحة السجن بلا رحمة، وكأنهم يتلذذون بإزهاق الأرواح.

الموقف كان أشبه بالأفلام، لكن هذه لم تكن سينما، بل واقع قاسٍ لم أكن أظن أنني سأنجو منه.

لقد كنت أرى أهوالًا تفوق الوصف، وأشم رائحة الموت في كل زاوية، حتى أصبح الهواء نفسه مشبعًا بالخوف واليأس.”

اكتشافات جديدة: المقابر الجماعية تفضح حجم الجريمة.

أعلنت الهيئة العامة للبحث والتعرف على المفقودين عن اكتشاف مقابر جماعية جديدة في محيط مدينة ترهونة، حيث تم استخراج عشرات الجثت التي وُجدت مكبلة الأيدي ومعصوبة الأعين.

كشفت تقارير الطب الشرعي أن العديد من الضحايا تم دفنهم أحياءً، بينما قتل آخرون برصاص مباشر في الرأس.

أكد أحد المحققين في الجهاز الأمني أن التحقيقات أظهرت أوامر مباشرة بتنفيذ عمليات القتل الجماعي، حيث تم استخدام أساليب وحشية للقضاء على المعتقلين دون أي محاكمة.

الجدير بالذكر أن مجزرة سجن القضائية وقعت في مدينة ترهونة خلال سبتمبر 2019، بعد مقتل محسن الكاني، قائد مليشيا الكانيات، خلال مواجهات مسلحة. جاءت المجزرة كجزء من رد فعل انتقامي دموي من قبل الميليشيا، التي كانت تسيطر على المدينة بقبضة حديدية، حيث قامت بتصفية عشرات السجناء والمعتقلين دون محاكمة.

خلال فترة سيطرتها، ارتكبت ميليشيا الكانيات انتهاكات جسيمة، شملت الإعدامات الميدانية، التعذيب، والإخفاء القسري، مما جعلها واحدة من أكثر الجماعات المسلحة رعبًا في ليبيا.

مع انهيار سلطتها عام 2020، تم اكتشاف مقابر جماعية تحتوي على مئات الجثت، مما أكد حجم الجرائم التي ارتُكبت خلال سنوات حكمها.

رغم مرور السنوات، لا تزال آثار هذه المجازر ماثلة في ذاكرة أهالي الضحايا، الذين يواصلون المطالبة بمحاسبة جميع المتورطين في هذه الجريمة المروعة.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :