شعر :: خالد شوملي
لَقَدْ هَرِمَتْ قَصائِدُنا
وَأَصْبَحْنا نَلوكُ كَلامَنا
لا شَيْءَ نُبْدِعُ فيهِ
حَتّى الْحُبُّ صارَ كَلامُهُ مُسْتَنْسَخًا
لا روحَ فيهِ وَلا حَياةَ
نَعيشُ كَالْمَوْتى فَلا حِسٌّ لَنا
نَرْنو إِلى التِّلْفازِ كَالْحَمْقى
نَرى بَلَدًا بِكامِلِها تُدَمَّرُ
ثُمَّ نُكْمِلُ شُرْبَنَا وَعَشاءَنا
وَكَأَنَّ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ
ماذا جَرى لِلنّاسِ هَلْ جُنّوا
أَلا خَجَلٌ يَحُطُّ عَلى الْخُدودِ
وَلا ضَميرٌ عِنْدَهُمْ حَتّى يُؤَنِّبَهُمْ؟
وَكَيْفَ كَبيرُهُمْ صَبَّ النُّعاسَ بِكَأْسِهِمْ
فَغَفَوْا قُرونًا لا حِراكِ وَلا عِراكَ لَهُمْ
فَما هَمَسوا وَما رَمَشوا وَما انْقَبَضوا
وَما وَقَفوا وَما احْتَجّوا وَما اعْتَرَضوا
عَلى الْبَطْشِ الْمُخَيِّمِ في الْبِلادِ
وَفَضَّلوا النَّوْمَ الْعَميقَ عَلى النُّهوضِ
بِلادُنا مُحْتَلَّةٌ وَالْبَعْضُ كَالشّاءِ الَّتي تَمْشي مَعَ التَّيّارِ نَحْوَ الْجَزْرِ
آهٍ أَيُّها الْمَنْسِيُّ بَيْنَ سَحابَتَيْنِ تُراقِبُ الْأَرْضَ الْبَعيدَةَ عَنْكَ
يَتَّضِحُ الدَّمارُ بِكُلِّ أَبْعادِ الْمَكانِ وَيَخْتَفي نورُ الْمَسارِ
تَسيلُ مِنْ عَيْنَيْكَ دَمْعاتٌ عَلى الشَّعْبِ الْمُشَتَّتِ في بِقاعِ الْأَرْضِ
تَبْكي … حَسْرَةٌ في الْقَلْبِ
آهٍ أَيُّها الْمَنْسِيُّ في الْخَيْماتِ في الْيَرْموكِ في الْوِحْداتِ في صَبْرا وَشاتيلا
وَبَيْنَ الثَّلْجِ والْإعْصارِ وَالْأَمْطارِ
تَرْنو لِلْبِلادِ تَعيشُ في الذِّكْرى وَتَحْلُمُ بِالْغَدِ الْآتي
يُحيطُكَ واقِعٌ عَفِنٌ
وَيَبْقى في فُؤادِكَ مُشْرِقًا وَطَنٌ
يُحيطُكَ إِخْوَةٌ في الْبُؤْسِ
بَعْدَ الْبُؤْسِ بُؤْسٌ مُخْجِلٌ
مَوْتٌ عَلى طولِ الطَّريقِ
تَسيلُ مِنْ عَيْنَيْكَ دَمْعاتٌ وَلا يَدْري بِها أَحَدٌ
لَقَدْ هَرِمَتْ قَصائِدُنا فَهذا واقِعٌ فَوْقَ الْقَصائِدِ وَالْخَيالِ
وَكُلُّ شِعْرٍ قَدْ يُقالُ مَصيرُهُ الإِهْمالُ وَالنِّسْيانُ
آهٍ أَيُّها الْمَسْكونُ في الْعَيْنَيْنِ
طالَتْ رِحْلَةٌ لَمْ نَبْتَدِئْها راغِبينَ وَواقِفينَ
يَقودُنا التَّيّارُ مِنْ مَنْفًى إِلى مَنْفًى
وَمِنْ قَبْرٍ إِلى قَبْرٍ
وَتَرْنو أَيُّها الْمَسْكونُ في الْعَيْنَيْنِ لِلْحُلْمِ الَّذي نَحْيا لَهُ
مِنْ قَبْرِكِ الْمُمْتَدِّ في عَرْضِ الْبِلادِ وَطولِها
تَرْنو لَهُ … آهٍ وَآهاتٍ
فَأَنّى ما نَظَرْتَ رَأَيْتَ مَأساةً وَوَيْلاتِ