مآل

مآل

  • عاشور حمد عثمان

المسافة بين بين كُوخه أعْلى التَّل وحقل الشعير المُنبسط يحتاج إلى أقل من ساعة لقطعها..

يصحو فجرًا، يعد العدة لغياب يومٍ كامل

حرفته الجديدة هذه في الحصاد ليستْ سهلة ولكنها مُباركة وأخف وطأة من حمْل الأحجار الثقيلة لرصف الطريق الاسفلتي الطويل ..

يخرج بعد أن يضعَ في فمه ما يجده لتغيير طعم ريقه المُر..

يمدُّ الحمارُ أذُنيه إلى الأمام أثناء رؤيته لصاحبه..يحرك رأْسه حركات متتالية وكأنه يطلب فكاكًا من قيْده

وصلَ الحقل..كان وحيدًا منحنيًٍا معظم الوقت في قطْع سنابل الشعير الصفراء، ترافقه الشمسُ، ومنجلٌ، وصبرٌ مُضاعف، ولكن في رضا عمّا يفعل..

حملَ ذات يومٍ شاتٍ صُرته الخفيفة على كَتفه بعد أن انهار كوخه ونفق حماره..نزل الوادي واصل سيره حتى واراه الأفق..

بعد عشر سنوات رجع إلى نفس المكان..لم يعد ذلك الحقل حقلًا..أحجارٌ مُصنعة تنتصبُ في أرْجائه..

أخذ يبحثُ عن مِنْجله في بقايا من أطلال الكوخ، وجده وقد أحاطه الصدأ وتآكل مقبضه..وضعه في صُرته الصغيرة جدًا ..

واصل المسير..الطريق الاسفلتي أصبح جاهزًا ليقله لأبعد مكان..

بات المنجل معلقًا في معرض للمُقتنيات القديمة..

على مقربة حُفِر قبرٌ لجُثمان رجلٍ على هيئة مِنْجل.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :