مابين جيمين …..!

مابين جيمين …..!

  • ناجية الصغير عبدالله

لقد اصبحنا في وقتنا الراهن نرى كيف تطبق مقولة أن العالم يصبح كقرية واحدة بفضل التطور التكنولوجي الذي يقرب المسافات اكثر من الطائرات والقطارات ….اصبحنا مطلعين على مختلف الثقافات العربية والغربية أو الأجنبية و بات هناك تداخل ثقافي رهيب يجعلنا لا ندرك ما لنا و ما علينا ….!

الأسرة التى هي ملاذنا من ضغوطات الحياة و وسيلتنا للتنفيس عن قلوبنا صارت ايضاً في مهب الريح تتلاعب بها امواج التقنية جيئة و ذهاب ، تفقدها الكثير و تمنحها القليل والحجة ضريبة الحضارة ….

فهل حقاً للحضارة ضريبة أم هي شماعة نعلق عليها سقوطنا التربوي المتراكم كي لا تحاسبنا أنفسنا ولا ينعتنا الجيل القادم بالتفريط ؟

ثم لماذا دون ضوابط سلم الأهل انفسهم لها بطواعية مطلقة و تركوها تدخل حتى أدق التفاصيل الحياتية ؟

ماذا تعني كلمة الخصوصية الأسرية ….ولماذا هكذا وبكل بساطة فقدت وصارت البيوت ملاعب مفتوحة رغم كثرة الأبواب و الأقفال ؟

في لغتنا العربية تشترك الكلمات بالحروف التي تبتدىء بها لكنها لا تتفق في دلالاتها و معانيها فرب كلمة تجعلك في غاية الإنسجام و التسامح مع نفسك و رب كلمة ترديك فريسة الأمراض النفسية و الاجتماعية و احياناً الجسدية .

بيوتنا بيت الداء والدواء قد تكون جنتنا و قد تكون جحيمنا وما بين الجيمين شتان شتان …..البيوت التى يتميز الأهل فيها بمرونة التعامل مع مجريات الأحداث مهما كانت صعوبتها ، من حالة مادية إلى نفسية إلى ثقافية هي بيوت لها القدرة على التجذيف حتى بوحل الحروب والوصول بأولادها لبر الأمان حتى  ثمانين بالمائة….أما تلك التي تترك بابها مفتوحاً لكل ريح تهب و لا تعرف معنى التكيف و التعامل مع مستجدات الحياة هي في الغالب اسرة مضطربة مرتبكة بها خلل من ألفها إلى الياء خاصة وإن كان ولي الأمر من الشخصيات السريعة الإنفعال و التي تغرق بشبر ماء …..

الحياة بوتيرة متسارعة بلا رحمة ولا شفقة سريعة لا تتنظر و الغالبية العظمى من العوائل يعيش بنظام السلاحف الفكرية التى تمر عليها الأعوام و العقود ولا تتبدل في منهجية تربيتها ولا اسلوبها …..فكل شيء قابل للتبديل والتطوير فيها حتى طعامها و لباسها و هيئتها ولكن فكرها …يبقى متخلف بلا نهابة ، تريد دوماً التطور الخارجي في حين تطبق الجمود الداخلي فيبقى الأولاد بين الممنوع والمرغوب عرضة لكل شيء، و يبقى الممنوع غاية و هدف حتى يتمكنوا من ملامسته والتعرف عليه حتى ولو كان الممنوع يعرفون سلفاً أنه مؤذي ….

الشباب بوقتنا الراهن كسر حاجز الممنوع رغماً عن الأهل و صاروا يفرضون الثقافة المستوردة التي تسد فراغهم و عجزهم الفكري بأي طريقة كانت فنتج عن ذاك إفرازات مجتمعية مهلكة ، فنجد المدمن والمتاجر و السارق و صاحب العصابة و المتعدي و القاتل و من يتطرف و يتعمق حتى يكون هذا الولد الذي فرحوا بقدومه هو ذاته الذي ساهم بقتلهم و إرهابهم و ترويعهم ، هو ذاته الذي جعلهم لاجئين و مشردين ، فهل نلوم أنفسنا على التقصير و تركهم للجحيم أم نلوم العالم المتسارع بتقنيته ، أم نقف هكذا متفرجين دون حراك.

بيتك جنتك ….أنت من تملكه و لك أن تعمل له الصيانة الدورية التي تلزمه ، بشكل يومي أو أسبوعي أو شهري أو سنوي …حتى لا يتآكل بصدأ الروتين والجمود وحتى لا تأتي عليك الدنيا راغماً و تسرق منك أمانتك التي اوصاك الله بها وأنت غافل غير مهتم ، العصر محشو بالرذائل كما هو محشو بالجمال فأختر الجمال لجنتك و أبعد الجهل بجحيمه لأن من تفعل ذلك لأجلهم يستحقون حتى تكون الثمرة ناضخة مكتملة جميلة المنظر و لذيذة المذاق بجوهرها ….حتى لا يزيد الألم للأرض بتعداد الجهلة و المستهثرين الذين لا يردعهم شيء ولا يحسبون حساباً لشيء و لا يعني لهم الخراب والدمار شيء ؛ جميع افعالهم بحجة الحضارة و الإرتهان الثقافي الذي يعيشون .

لا عدو للإنسان كالجهل فهو وباء إن حل اصابنا الإنحلال  وإن إبتعد ملكنا السلام …السلام الداخلي الذي نفتقده في أنفسنا و بيوتنا بسبب جهلنا كيفية التعامل مع الأزمات و العثرات والنوائب.

مابين جيم و جيم القرار متروك لمن يلدون الجيل و يقررون بمحض إرادتهم تكوين أسرة ، فهل يعقلون أي جيم يسعون اليها أم هي عقول خاوية تمضي وهم لا يدركون !

للحديث بقية .

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :