ما تروم الجافي

ما تروم الجافي

محمود السالمي

القراء الكرام : حين تجولك في مجالات التراث الشعبي ؛ باحثا جادا عن كل معنى مفيد ؛ وطالبا للتجديد في المفهوم بعيدا الفهم الذي درج عليه الناس فاعتادوه ؛ ستلاقي في بحثك هذا ان وراء كل مفهوم عام ؛ مقصد خاص بعيد ؛ ادركه من ادركه ؛ وجهله من جهله .. وبحكم ان الامثال الشعبية هي مرآة الشعوب ؛ وواجهة لثقافتها ؛ كان الانسان اول ما اهتمت به .. وتطورت مع تطور حياته ؛ وقد جاء في ذلك قولهم :

وين تحط نفسك تلقاها : بمعنى انك انت وليس غيرك من يحدد مكانك ومكانتك لدى الاخرين ؛ فأما رفعة وعلوا ؛ واما انحدارا وهبوطا

 .. للنفس في المأثور الشعبي عديد الدلالات ؛ فهي احيانا تشير الى الانسان ؛ في حد ذاته ؛ وهي احيانا تشير الى الضمير ؛ وفي احايين اخرى هي ؛ العزة ؛ والكرم ؛ وهي كل ما يحرص الانسان الى حفظه وصونه .. فقالوا في النصيحة :

نفسك ورفع الشوف ما تنساهن شهيرات ويموت العدو من داهن

اي ان كرامتك ؛ التي هي نفسك ؛ والنظر دائما الى ما يرفع قدرك ؛ هي من الاشياء التي تغيظ كل عدو لك ؛ واضافوا :

لا تغفلهن .. مليحات ويجنك علي مفصلهن

 نكانهن سوايا من حبيب حملهن

ونكان من عدو عجل برد اكفاهن

فكأنهم بذلك ربط بين عزة النفس ؛ وعلو الهمة في طلب المكانة التي تليق .. وفي ما احتفظت لنا به كتب المأثور ؛ ان عزة النفس مطلب يجدر بنا طلبه كما يطلب كل غال ونفيس ؛ ولا ينبغي التفريط فيها بأي حال :

نفسي عزيزة ما ندلل بيها

وتهون عندي في غلا غاليها

هي الوفية وموش ساهلة

نفسي تهون عليا

وفي شان غاليها تكون هدية

وتصعب على غيره وهو يبغيها .

بل وصل بهم الحال ؛ الى الاشارة لصعوبة قيادة النفس ؛ في حال طلبها للوصول الى المكانة الاعلى فقالوا :

نفسي عزيزة ما تروم الجافي ..

وما تميل كانش للحبيب الصافي

 .. فهي نفس لا تقبل من لا يقبلها ؛ ولا تلين الا لمن اعطى لها القدر والمكانة التي تستحق . النفس عندي وحلة ..

والشين ما تبيه لا تشبح له

وتنزل على النوار زي النحلة

وكانت تحوم عليه غير تفافي ..

وقديما قيل : اذا كانت النفوس كبارا ؛ تعبت في مرادها الاجسام ..

وبرغم كل ما جاء في الموروث في هذا الموضوع ؛ الا انه احتفظ لنا في هذا الاطار بالنصح ؛ للنفس ؛ لأن ستصل في النهاية الى محطة اخيرة يجدر ان تكون في رضى من خلق النفس وسواها فقالوا : نفسا وراها الموت .. لو كان تعرف ما تعلى صوت ..

جعلنا الله ممن يغالب نفسه فيغلبها

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :