المستشارة القانونية : فاطمة درباش
مبدأ الشرعية الجنائية، هو أحد ركائز التشريع الجنائي ،ويقصد به أن لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، مما يعني حصر الجرائم والعقوبات في القانون المكتوب وجعله دون غيره مصدراً للتجريم والعقاب، فلا يُجرم فعلاً لم يجرمه القانون، ولا يُقضى بعقوبة دون ما نص عليها القانون.
فيما يشير مبدأ الشرعية في القانون الجنائي وهو عماد مبدأ الشرعية في القانون،إلى أن القانون الجنائي لا يمكنه قمع السلوك أو تجريم فعل من الأفعال دون أن يكون القانون قد تم تحديده مسبقًا وبشكل واضح،بما معناه لا جريمة ولا عقاب دون نص، فأركان الجريمة تتمثل في الأركان العامة للجريمة والمتفق عليها في ركنين وهما الركن المادي والركن المعنوي.
الركن المادى: هو ماديات الجريمة، أي المظهر الذي تبرز به إلى العالم الخارجي. ويقوم الركن المادي عادة على عناصر ثلاثة: الفعل (السلوك الإجرامي) والنتيجة وعلاقة السببية.
إنّ القانون يعتمد في توصيف الجرائم على أسس معينة، وأهمها أنّ كل جريمة لها عناصر وأركان، وإذا لم تتوفر الأركان في الجريمة لا يُنظر إليها على أنها جريمة يعاقب عليها القانون؛ إنّ الجرائم التي تتحقق فيها هذه العناصر الثلاثة تُعرف باسم الجرائم المادية، لكن لابد من التنبيه إلى أمر مهم، ألا وهو أنّ الركن المادي قد يتحقق دون اشتماله على ثلاثة عناصر، فقد يتحقق فقط السلوك، فهذا الركن هو أحد أجزاء قانون العقوبات الذي يحدد العقوبة لكل جريمة ،وهي القانون، ويمكن العثور على هذه الجملة في جميع قوانين العقوبات. وفقًا للقاعدة ،لا توجد جريمة حيث لا يوجد قانون. العقوبة بدون نص.
وعملاً بمشروعية ودستورية مبدأ الشرعية الجنائية؛ قُيدت سلطة القاضي في حكمه، ولا يقرر عقوبتها وفقاً لاختياره، ومن ثم يحظر على القاضي تجريم واقعة لم يجرمها المشرع، أو أن يقرر عقوبة لم يضعها المشرع لفعل أو تدبير لفعل يعد جرماً. ومن ثم لا يجوز إعمال نصوص عقابية بما يسيء تطبيقها أو تفسيرها بما يخرجها عن معناها أو مقاصدها، ولا تجاوز نطاق التجريم لأفعال لم يؤثمها المشرع.
وينبغي في حالة الشك الأخذ بالتفسير الأصلح للمتهم؛ إذ أن الأصل في الأشياء الإباحة، والخروج عن هذا الأصل يُوجب النص المكتوب، أما العودة إليه بالإباحة فيوجب الاستناد إلى العرف كمصدر غير مكتوب، فالنصوص العقابية واضحة محددة لا خفاء فيها أو غموض أو لبس.
فوفقا لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات فإن المشرع يتوجب عليه ومن خلال نصوص واضحة ومحددة أن يحدد مسبقا ماهي الأفعال المجرمة والعقوبات المترتبة عليها، وذلك من جهة لفتح المجال أمام الأفراد ليقيموا تصرفاتهم مقدما بشكل كافٍ، وليعرفوا ما هي النتائج التي من الممكن أن تترتب على هذه التصرفات.
من أهم النتائج التي يرتبها مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات هي التزام المشرع الجنائي بقاعدة عدم رجعية نصوص قانون العقوبات. أي عدم جواز سريان نصوص التجريم والعقاب على الأفراد عن وقائع سابقة على صدور هذه النصوص بأثر يرتد إلى الماضي. فالقوانين الجنائية ليس لها – كقاعدة عامة – سوى أثر فوري مباشر على الوقائع اللاحقة على صدورها.
كذلك يفرض مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات على المشرع الجنائي أن يتولى بنفسه مهمة وضع نصوص القوانين الجنائية وتحديد الجرائم والعقوبات المقررة من أجلها، وهو اختصاص موكل إلى المشرع بمقتضى نصوص الدستور الذي خص السلطة التشريعية بهذه الوظيفة وحظرها – كقاعدة عامة – على السلطتين القضائية والتنفيذية.
ومن إيجابيات هذا المبدأ أنه يحدد الجرائم مسبقا بحيث يكون كافة أفراد المجتمع على علم بالأفعال التي تعد جريمة وتلك التي لا تعد جريمة.