مجلس النواب الاستحقاق التاريخي ” إنهاء المراحل الانتقالية “

مجلس النواب الاستحقاق التاريخي ” إنهاء المراحل الانتقالية “

كتب :: د.عارف التير

إن الذين يحاولون التشكيك والطعن في مسودة الدستور كمثل الذي بيته يحترق، والنيران تلتهمه، وهم يفكر في أعمال الديكور والصيانة وطريقة تصميم الحديقة الأمامية والطلاء وغيرها، وكان الأولى به أن يفكر في كيفية إطفاء الحريق وإخماده وإنقاذ ما يمكن إنقاده ثم التفكير في عملية الترميم وإعادة البناء .

ليس هناك شك إن السنة اللهب التي تنبعث من هنا وهناك، والتي حتى ألان يزداد سعيرها وامتدادها أفقياً ورئاسيا، مناطقياً وقبلياً وجهوياً، وسياسياً واقتصاديا وماليا وعسكريا، ترجع في مجملها إلى الانسداد السياسي وتشبث الأطراف بمواقفها ، وعدم إدراكها لحجم الخطر في المستقبل .

إن هذا الانسداد ينبع من حقيقة واحدة ومسلمة وحيدة وهي إن العقل الجمعي لجميع الليبيين مازال في طور التكوين حول القيم المتعلقة بالثقافة والتنمية السياسية، وان ميراث هذه الثقافة غير قادر على مواجهة هذه التغييرات  التي هزت كيان الدولة وأنهت النسق القيمي التراتبي الذي كان سائداً قبل 2011.

إن الأمر لن يكون بالسهولة التي نتصورها ، فالميراث السياسي لهذه القيم لا يسمح بالعديد من الإطارات المتعارف عليها لممارسة الديمقراطية، والتي أهمها كيفية إدارة الاختلاف بطريقة سلمية بعيدة عن الاستخدام المفرط للقوة وخاصة القوة في جانبها المسلح، وتقبل الأخر مهما كانت درجة التباين في الأفكار، وإعطاء مساحة كافية للحوار العقلاني بعيد عن الشحنات القبلية والجهوية والأيديولوجية، والاهم القبول بنتائج الانتخابات مهما كانت مؤلمة لبعض الأطراف.

إن التاريخ السياسي للجماعات البشرية وعلم الاجتماع السياسي يقول إن الصراع حول السلطة والحكم والثروة حقيقة من حقائق الوجود البشري، وان هذا الصراع يتنوع ويتغير ويتبدل ويتحول ويأخذ عدة أوجه، فقد يكون الصراع ديني أو إيديولوجي أو مصلحي أو قبلي، وأياً كان نوعه فهو في حقيقته وجوهره بحث عن السيطرة والحكم والسلطة والجاه والنفوذ والمكانة .

إن إيجاد وثيقة دستورية أو قواعد قانونية تنظم هذا الصراع تعتبر الركيزة الأساسية التي يجب أن يتجه إليها العقل الجمعي الليبي، والنقطة المفصلية والعامل الحاسم في وضع قاعدة للمسار الدستوري يمكن البناء عليها ، والانطلاق منها نحو إيجاد ضوء في هذا النفق.

تعتبر مسودة الدستور الذي توصلت إليها لجنة الستين قادرة على السيطرة على السنة اللهب التي تنبعث من هنا وهناك، وتستطيع وقف تمدد النيران إلى مسافات ابعد، وإعادة الدولة إلى ما قبل حرب 2014 بمؤسسات واحدة وسلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية ورقابية ومالية واحدة.

إن ليبيا ليست استثناء من تجارب الشعوب التي مرت بما تمر به ، وان اغلب الشعوب إن لم نقل جميعها التي خرجت من مرحلة ما بعد النازعات توصلت إلى صياغة قواعد قانونية تحتكم إليها ، وتنهي حالات الاضطراب والنزاع المسلح والاحتكام لصوت العقل .

على الليبيين أن لا يستمعوا للدعوات التي تنطلق من هنا وهناك والتي تحال إيجاد تبريرات مصلحيه واهية لمسودة الدستور ولقانون الاستفتاء وللانتخابات بصفة عامة، وان إنهاء المراحل الانتقالية والتأسيس لمرحلة تعتمد على مسودة الدستور يعتبر الخيار الوحيد المتاح أمام الشعب الليبي.

وعلى المعارضين لهذه المسودة والذين يتصدرون المشهد من كافة الأطراف والمؤسسات والتوجهات، أن يعوا أن الشعب هو مصدر السلطات، وهو صاحب السيادة، وبالتالي الهيئة التأسيسية اجتهدت وقدمت اجتهادها، وعلى الشعب إن يقول كلمته فهو صاحب الاختصاص الأصيل في أ إقرارها أو رفضها.

مجلسي النواب والدولة عليها استحقاق تاريخي بان يدعما التوجه نحو إنهاء المراحل الانتقالية التي أكلت الزرع والضرع، واتت على الأخضر واليابس ، وجعلت الفاقة والفقر عنوان في كل مدينة وكل بيت.

 

 

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :