الدكتور خليفة الأسود
لماذا العقل الليبي ليس مبدعاً ولا مبتكراً؟! وهو سؤال مؤدب ورائع، وكان يمكن أن يكون بصياغة أشدّ إيلاما. والذي أراه…أن عقول البشر واحدة، وقدراتهم الذهنية متقاربة جداً، وهناك أسباب عديدة تجعل هذه العقول تتمايز لاحقاً، فيصبح العقل الألماني مبدعا، والعقل الليبي أو العربي مستهلكا وأقل إبداعا. -فالعقلُ نشاط وليس اسما لعضو… ولكي ينشط العقل لابد من بيئة تحتمل وتشجع النشاط الحر. -والإنسان بطبعه كائنٌ مقلّد، فمن عاش في بيئة ترسّخ التقليد وتنكر الإبداع (فكل بدعة ضلالة)، فالراجح أن مصير عقله الضمور. -الأنساق الثقافية للمجتمعات تتباين، وهي المسؤولة عن البناء الذهني في السنوات الأولى من العمر. يقول المفكر السعودي إبراهيم البليهي (إن العقل يحتله من يسبق إليه) فإن كان السبْق للعقل البكر ثقافةٌ لا تحض على الإبداع، فكيف له أن يبدع؟ -المبدعون قلة، وتاريخنا العربي والإسلامي حافل بالتضييق على هؤلاء النفر، والذين بالمناسبة نباهي بهم الغرب اليوم. جابر بن حيان (مؤسس علم الكيمياء وأول من أنشأ فكرة (المختبر)، مات مسجوناً، عبدالله بن المقفع قتل، وابن رشد تم عزله ونفيه وحرقّت كتبه.…! -البيئة الطاردة: كم من المهندسين الليبيين قاموا بأطروحات قمة في الإبداع في مجال استغلال الطاقة الشمسية…فأين ذهبت جهودهم؟! وأين البيئة الحاضنة؟ وأين المؤسسة الراعية؟ وأين الدولة الداعمة لتمويل وتنفيذ هذه المشاريع؟! -دولنا العربية تفتقد للعمل المؤسسي الجاد. العمل المؤسسي المُنَظَم أكبر إنجاز للحضارة الغربية. -وأخيراً، إنّ اكتشاف كوبرنيكوس الحقيقي لم يكن أن (الأرض هي التي تدور حول الشمس)، بل (القطيعة) التي أحدثها هذا الاكتشاف بين الإرث الثقافي المنغلق عن الآباء والأجداد كابرًا عن كابر، وبين ما أثبته العقل بالتجربة العلمية.