- فسانيا – وكالات
يبدو أن موسم الهجرة إلى الجنوب قد بدأ عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إذ استطاع جمع قادة الدول الإفريقية في قمة لم تفض لتوقيع أية اتفاقات ولكنها تشكل عودة قوية لروسيا إلى القارة السمراء التي أصبحت هدفا للمنافسة بين العديد من الدول. وشاركت في القمة كل الدول الأفريقية الـ 54، تمثلت 43 منها برؤسائها أو رؤساء حكوماتها. وتلعب روسيا دورا هاما في القارة الأفريقية والتي تتحكم بتغيير موازين القوى أحيانا، خاصة فيما يتعلق بتزويد القوى فيها بالأسلحة أو مدهم بالميليشيات المرتزقة، ولكنها سعت دائما إلى إنشاء بنية تحتية من النفوذ السياسي يمكن أن تستخدمها حتى مع أوروبا أو الولايات المتحدة وفق مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز. ويشير المقال إلى أن روسيا تستخدم أذرعها الخاصة بالدعاية الإعلامية “البروبغندا” والتي تضم وسائل إعلام تلفزيونية ومنصات رقمية من أجل إيصال رسائلها في أفريقيا، فيما تحافظ الولايات المتحدة والدولة الأوروبية على التعامل مع أفريقيا بالطرق التقليدية فقط. ورغم الطموح الصيني في أفريقيا، إلا أن روسيا وجدت في نفسها بديلا للباحثين عن الدول التي ترغب في تقليل اعتمادها على بكين، مع احتفاظ روسيا على مسافة آمنة من عدم استفزاز المصالح الصينية. ويوضح المقال أن أذرع موسكو أصبحت موجودة ضمن الجغرافيا الأفريقية، إذ لديها مرتزقة في ليبيا وأفريقيا الوسطى، ولكنها تسعى حاليا إلى اختراقات في الرأي العام والنخبة السياسية في جميع أنحاء القارة السمراء. وباشرت روسيا عودتها إلى الساحة الإفريقية في مطلع 2018 مع إرسالها أسلحة وعشرات “المستشارين العسكريين” إلى إفريقيا الوسطى، الدولة التي كانت في ذلك الحين تحت النفوذ الفرنسي. ووقع الكرملين منذ ذلك الحين عدة اتفاقات تعاون عسكري وأُفيد عن وجود عناصر من مجموعة “فاغنر”، وهي شركة متهمة بإرسال مرتزقة ويقال أنها ممولة من إيفغيني بريغوجين المقرب من بوتين، في دول أخرى مثل ليبيا والموزمبيق، وكذلك في السودان ومدغشقر. وضرب المقال مثالا على الحراك الإعلامي الروسي في أفريقيا، بلقاء عقده سفير روسيا في غانا مع رئيس وكالة الأنباء الرئيسة في البلاد وناقش معها منحهم حق استخدام خدمة الأخبار الخاصة المقدمة من وكالة “تاس” الروسية، ومنح هذه الخدمة لجميع الصحف والمواقع ومحطات التلفزة في غرب أفريقيا. وخلال القمة أعلن مسؤولون روس في “سبوتنيك” و”RT” التي يتحكم بها الكرملين عن رغبتهم باستضافة صحافيين أفارقة لتدريبهم في موسكو، والتي أعلن على إثرها أليكسي فولين، وكيل وزارة الاتصالات الروسية أن مثل هذه الدورات يمكن أن تكون مجانية حتى بما يشمل السفر إلى موسكو الذي قد يكون مكلفا على وسائل الإعلام في الدول الأفريقية. وذكر المقال أن الزعماء الأفارقة يرون أن نفوذ روسيا في الشرق الأوسط يعني أنها أصبحت لاعبة جيوسياسية هائلة، الأمر الذي ترى فيه بعض الدول الأفريقية أن عليها تجربة نهج جديد من التعاملات الدولية. وكانت قد اقتصرت المبادلات التجارية بين روسيا والقارة الأفريقية عام 2018 على 20 مليار دولار، أي أقل من نصف حجم المبادلات الأفريقية مع فرنسا وعشر مرات أقل منها مع الصين، وتشكل الأسلحة القسم الأكبر من الصادرات الروسية إلى إفريقيا، وهو من المجالات النادرة التي تتفوق فيها موسكو على سواها في هذه القارة، وفق تقرير لوكالة فرانس برس.