- كتب / سفيان قصيبات
(مِنْ دَاخِلِ الْحَيَاةِ الْجَامِعِيّة)
ليست اعترافات قديس من القرون الوسطى وليست اعترافات سرية من حرب استخباراتية نسج خيوطها صالح مرسي في زمن مضى اعترافات لا يخجل المرء منها اعترافات تجعلك تفهم معنى أن يمارس الأستاذ الجامعي التجهيل داخل هذه المنظومة البيروقراطية المتخلفة. تبدو هذه المنظومة متماشية مع مخرجات تعليمنا لأنها تنصب في مصلحته وتتماشى مع قولبته لفهم الأشياء. لنعترف أن التدريس الجامعي في معظمه يمارس التجهيل بدلا من التعليم الحديث المتطور الذي يتماشى مع سوق العمل من جميع نواحيه الفكرية والاقتصادية والتطبيقية تبدأ هذه العملية التجهيلية من دخولك لبوابة الكلية ولغاية دخولك لقاعة المحاضرة أو حضور الاجتماعات ومجالس التحقيق ومقهى الموظفين والجلوس على مكاتب البيروقراطيين. كلها مظاهر مستفزة متخلفة. الأستاذ الجامعي يحضر كل يوم خمس اجتماعات في الأسبوع وكحد أقصى اجتماعا واحدا في اليوم يستمر لأكثر من ساعة ويقوم الأستاذ بإعداد رزمة كبيرة من أوراق أعدها مسبقا من كتاب أو من الإنترنت ويضعها في القرطاسية تحت اسم شيت الأستاذ الفلاني ويكتب عليها بكل وقاحة إعداد الأستاذ فلان والدكتور فلان ويبدأ الطلاب في تصويرها والبحث عن أين أجد شيت فلان وشيت فلان. الأستاذ الجامعي في كلياتنا موظف ينسحق بتصوير الورق وكتابة الرسائل … رسائل ليست علمية طبعا إنما رسائل في إطار سعينا وفي إطار كذا وكذا وكذا هذا الإطار الذي لم نخرج منه بعد. وكل يوم تجدهم يجادلون على كيفية صياغة الرسالة والتأشير عليها بطريقة مستفزة. يمارس الأستاذ الجامعي التجهيل في محاضراته يجلس على كرسيه يرتدي جوربا أبيض اللون يقرأ من (شيته) بلغة عربية ليبية تحت مبرر أن ينزل لمستوى الطلبة طبعا… وهو أساسا لا يجيد التحدث باللغة العربية. يقوم بأمر طلابه بالقراءة من سطر كذا لغاية سطر كذا ولو أن أحدا منهم دخل المحاضرة بدون شيت يطرده مباشرة لأن هذا الشيء يثير رعبه فهو لا يمتلك أية مرجعية فكرية أو معلوماتية لكي يتحدث بها أمامهم لا يمتلك أي مهارة من مهارات الاتصال أقلها النظر إلى طلابه فهو يمتلك من العقد النفسية ما يكفي لكي لا يستطيع مواجهة جمع من الناس فما بالك والباب مغلق عليه أمام الطلاب الذين يستطيعون التمييز جيدا بين الفارغ والمليان ولو أن الطالب الجامعي يسهم في كل هذه المشكلات بقدر كبير سنكتب عنها لاحقا في سلسلة مشاريع من ورق.