مغترب في وطني

مغترب في وطني

  • ملاك محمد التباوي

ها هنـا كنت أسير حافي القدمين و هناك كان بيت جـدي و مزرعة عمي ، كنت طفلا لم أبلغ العاشرة من العمر أسير باحثا عن شيء يحتويني أصوات القذائف و رائحة البارود و شظايا تزين حوائط شارعنا أصبح كل شيء مخيف يبعث باليأس أجد نفسي غريباً عن وطني كل يوم. ما زلت أمشي على نفس الأرصفة التي مشيتها عندما كنت طفلاً، و هذه الأزقة نفسها لم تتغير ولكن شمس النهار في هذه المدينة باتت مختلفة. في وطني أجد نفسي غريباً على أرضها على أرضٍ زرعتها بيدي، كل نسمة هواء تعبق ببكاء أطفالٍ مساكين، وصكصكة أسنان فقيرٍ ينام في العراء تحت المطر، وغصة أمٍ فقدت نصف روحها في حرب أهلية دون معنى، وتتحسر على نصف روحها الآخر الذي هاجر إلى ما وراء البحار بحثاً عن لقمة عيش كريمة. ‏ كلّما مشيت في هذا الوطن أكثر، رأيت أبنية وجدراناً وشوارعًا وطرقاتٍ وحيطاناً بعثرها الرصاص في وطني أخاف أن أصطحب أحلامي خارج المنزل كي لا يقتلها أحد ،في وطني أمسَى الحق عملة نادرة، واحترام المرء بات مرهوناً بمـاله و سلطتـه ، في وطني كل ما نهش القوي لحم الضعيف، صفّق له الثعالب والكلاب علّهم يحظون بقضمةٍ من جيف الفقراء. ‏ عندما كان الناس يتمنون الأموال والهدايا والأرزاق، لم أكن أتمنى أياً منهم. كل سنةٍ أطفئ شمعةً في عيد ميلادي، كنت أتمنى أن يكون لي وطن أعيش فيه، يحميني وأحميه، كل سنة تكثر الشموع و الخيبات.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :