محمد عثمونة :: البوانيس
اعتقد بان ما يتم تناوله عن جديد الخطوات نحو اسرائيل . فيه من التبسيط الكثير . فالأمر – فى تقديرى – اكثر تعقيدا . عن ما تقوله الاقلام على صفحات الجرائد والمجلات . وعن ما تبوح به الافواه فى الندوات واللقاءة المتلفزة وغير المتلفزة .
فهذا اللغط فى التناول . لا يخرج عن محاولة لشدْ وربط . هذه الفسيفساء بعضها الى بعض . اعنى هذه الفسيفساء التى تغطى الرقعة الجغرافية لشرق المتوسط وجنوبه . بمجموعة من الدول الوظيفية . التى ظهرت الى دنيا الوجود . مند زمن التأسيس . على يد عرّاب (سايس- بيكو) .
فهذه الفسيفساء الوظيفية لا تمثل فى مفرداتها . ليس غير (الماصدق) الموضوعى . الملموس والمحسوس لمسمى (سايس- بيكو) . اذا ما اضيف لها كل المنظمات الاقليمية وغير الاقليمية . سوى كانت هذه سياسية . فكرية . ثقافية . او حتى فنية . التى تغطى باهتماماتها . فضاء الرقعة الجغرافية لشرق المتوسط وجنوبه . وكل ملحقاتها من صحف ومجلات وإذاعات متلفزة وغير متلفزة . وما تروج له من تيارات . سياسية . فكرية . ثقافية . فنية .
ولكن فى تقديرى . بان الابداع الذى يتخطى المألوف فى كل هذا . جاء فى (الرابط) الذى اجّترحه عرّاب (سايس- بيكو) . والذى وبواسطة تفّعيله بالاشتغال عليه . يرّتفع منسوب اللحّمة فى ما بين هذه الفسيفساء الوظيفية . متى ارادت . وكيف ما شاءت .
فقد تمكن هذا العراب . من ابتداع وصُنع هذا (الرابط) . ليكون فى متناول الجميع داخل هذه الفسيفساء . وصاغة وشكّله . ليكون وفى حالة موائمة دائمة مع المزاج العام . لكل مفردة على حِده من مفردات هذه الفسيفساء الوظيفية . وعلى نحو تكون فيه . مجّمل مُخرجات التفاعل والتعاطى . معه فى داخل هذه الفسيفساء . تصب فى خدمة المشروع . بالمحافظة على ديمومة بقائه . واستمرار وظيفته الوظيفية .
ولكن المفارقة فى كل هذا . والتى قد ترتقى الى مستوى الصدمة . فى ان هذا (الرابط) المستخدم فى رفع منسوب اللحّمة . فى ما بين مفردات هذه الوظيفية . قد غٌزل وحِيك ونُسج من مادة فلسطين . التى جعل منها هذا العرّاب . المُحفز الوحيد والمُنشط الفعّال . داخل هذا الفضاء الفسيفسائى . لدفع مفردات مشروع (سايس- بيكو) . نحو الالتحام بعضها ببعض . حفاظا على ديمومة بقاء المشروع ووظيفته الوظيفية .
ففى تقديرى . بان هذا العرّاب . قد صاغ وشكّل مفردة فلسطين . فى داخل هذه الفسيفساء الوظيفية . على نحو يجعل منها . وكأنها وُجدت فى داخل هذا الفضاء الوظيفى . لتحافظ على تماسك هذا الواقع . ورفع وثيرة استمرار ديمومة وظيفيته . ليس غير .
فقد جاءت هذه المفردة (فلسطين) وبُرّمجة فى هذا الواقع الفسيفسائى . لاسّتنفِار ولاسّتنهِاض عامة الناس وسوادها الاعظم . التى تُشكل جل المفردة الديمغرافية داخل هذا الواقع الوظيفى . ودفعهم على الانتظام فى كتلة هائلة . من المشاعر العاطفية المتدفقة . مما يجعل من هذه المفرد (فلسطين) . عامل اساس للرفع فى منسوب اللحّمة . فى ما بين مفردات هذا الفضاء الجغرافى . ولزيادة الحميمية فى داخله .
وكل هذا سيُتيح لهذه النظم الوظيفية . والتى تضع يدها على دواليب كل شيئي . فى هذا الفضاء الجغرافى . من توظيف هذا الانتظام الواسع . فى المشاعر العاطفية المتدفقة . فى اتجاه المحافظة على بقاء وديمومة تماسك هذه الفسيفساء ووظيفيّتها . وتٌبّعده تماما . عن حاجة الجغرافية السكانية الفلسطينية . وفضاءها الاقليمى . فى الاستقرار والسلام والامن والنمو .
ليس هذا وحسب . بل لقد بُرمجة منظومة (سايس-بيكو) الوظيفية . على ان تكون حجر عثره . فى طريق كل محاولة للخروج عليها . من داخل فسيفسائها الوظيفية . اذا ما سعت مفردة من مفرداتها او اكثر . نحو توظيف هذا الرابط (فلسطين) . فى غير الهدف الذى وٌجدت من اجله بداخل هذا الواقع الفسيفسائى . وربما الشاهد الفاقع على ذلك . قد ظهر فى محاولة (مصر السادات) عندما ذهبت نحو هذا الرابط (فلسطين) . فى محاولة لافتكاكه من بين ايادى منظومة (سايس – بيكو) . وسعّيها نحو تسليمها لأيادي الفلسطينيين . مما دفع عرّاب (سايس- بيكو) للتدخل السريع . وعمل على رصْ كل هذه الرقعة . فى مواجهة (مصر السادات) .
فقد راء هذا العرّاب فى تلك الخطوة . ان اكتملت . ستنتهى بتصرّم وتفكّك منظومته الوظيفية . فبادر وعلى عجل . الى رتق هذا الفتق . الذى طال المنظومة . قبل اتساعه وانهيارها . من خلال ازاحة للسادات . ولا اذهب بعيدا ان قلت . بان اغتيال اسحاق رابين . يرجع الى ذات السبب . وان كان ذلك على المسرح المقابل .
ومن مجمل التناول السابق . كنت احاول ان اصل بالقول . بان ما استجد من خطوات اتجاه اسرائيل . لا تُحاكى بأي وجه من الوجوه . خطوة (مصر السادات) . فثمت – فى تقديرى – فرق كبير فى ما بين الخطوتين . ففى ما استجد من خطوات . مُحاكة لما خًطّه عرّاب(سايس- بيكو) لفسيفسائه الوظيفية . فى حين كانت خطوة (مصر السادات) خُروج وتمرد على منظومة (سايس – بيكو) الوظيفية . ومحاولة لابتداع نهج جديد . فى التعاطى مع الشأن الفلسطينى . فى خطوة نحو إرجاع فلسطين الى ما بين ايادى الفلسطينيين . وقد دفع السادات . حياته ثمنا مقابل هذا الفعل الجًسُور .
واستطيع القول بعد هذه الاطالة . بان هذا الذى يعصف وفى وقتنا هذا . بفضاء شرق المتوسط وجنوبه . لا يتخطى فى وجهه البعيد . عن محاولة للتملص والتمرد والخُروج على هذه المنظومة الوظيفية . وهو يمثل ايضا . علامة ساطعة على رفض . وضع يد وصايتها على هذا الفضاء الحيوى . وعدم قبول سعيها واجتهادها فى استنزافها . لموارده البشرية والطبيعية . سوى كانت مادية او معنوية . وتوظيفها بعيدا عن جغرافياته البائسة المُفقّرة .
وما تدافع وتراص باقى الفسيفساء الوظيفية سرا وعلانية . للوقوف فى وجه . هذا الخروج والتمرد والانتفاض . لاحتوائه ومن ثم السعي نحو هذا الفتق لرتقه . قبل استفحاله داخل نسيج منظومة (سايس- بيكو) الوظيفية . الا شاهد ساطع . يٌدعم ما ذهنا اليه فى هذا التناول .
وفى النهاية استطيع القول . باننى لا اتجاوز الحقيقة . عندما اقول . بان منظومة (سايس-بيكو) الوظيفية وعرّابها . هما الخطر الوحيد لا غيرهما . على هذا الفضاء الجغرافى . وهما لا غيرهما . من دفع بهذا الفضاء الحيوى الى مهاوى التخلف . لتتلقفه فى الحضيض . ايادى الجهل والفقر و المرض . وهما لا غيرهما . من جعل من فضاء شرق المتوسط وجنوبه . حمل ثقيل على كاهل الحياة . عندما اجتهدت هذه الوظيفية . فى رسّمه واظّهاره للعالم . فى هيئة إرهابي . يتمنّطق ّجزام ناسف . قد يتحول الى اشلاء وشظاي . زارعا الموت والخوف فى محيطه الاقليمى والدولى . بدل ان يكون . وبما يخّتزن من قدر هائل من الموارد الطبيعية . مع موقع جغرافى جيد . سند وداعما فى الدفع بعجلة الحياة . نحو الامام نحو الامن نحو النمو والتقدم والازدهار .