ملاعب

ملاعب

بقلم :: إبراهيم عثمونة
“لن أحتفي بأعمالي ، لالا ، فليحتفي بها مَن يأتي بعدي ، وإذا كانت غير جيدة فعلى الأقل لا أظلمها باحتفاء لا تستحقه – ثم أدار وجهه لي وقال – الآن عليَّ أن أعمل وحسب فالزمن المتبقي قد لا يكون كافياً” هذا ما قاله بالحرف الواحد / خال لي وهو يختم حديثة بالزمن الغير كاف كما لو أنه يلعب في الشوط الثاني لمباراة كرة القدم . قلتُ في نفسي لا بد أن الحَكم يقف في مكان من الملعب ولا بد أنه يضع الصفارة في فمه وقد يُصفر في أي لحظة على أي خطاء ، وأيضاً قد لا يمضي زمن طويل حتى يُعلن هذا الحكم نهاية المباراة.
هكذا بدا لي المشهد رغم علمي مسبقاً أن الرجل لا يتحدث عن نهاية لمباراة كرة القدم بل عن نهاية لمباراة أخرى . فتصورته في ملعب ترابي كملاعب أندية فزان ، ولا توجد مدرجات ولا جمهور ولا صحافة ولا تلفزيون لكنه يلعب بجد . مستمتع بعلبه ، يراوغ ، يسدد ، يسجل هدفاً ، يركل بقدمه وبرأسه ركلات في منتهى الروعة ، وهناك على عمود الكهرباء توجد عدسة تصوير صغيرة ووحيدة تُسجل له ركلاته وتسديداته وأهدافه . والمتعة ، نعم المتعة التي تتوالد في داخله لا تقل عن تلك التي توالدت يوماً بين أقدام “مارادونا” . إذ ما الحياة ما لم تكن متعة كمتعة مارادونا حتى وإن لم تكن أنت مارادونا ، بل حتى لو كنت محارباً في جبهة أو كاتب رواية أو عامل مقهى ، فالمتعة هي المتعة وإن تباينت ملاعب متعتها.
تركني في مكاني ونهض . وحين ناديتُ خلفه ، أشار لي بظهر يده وقال أن الزمن المتبقي قد لا يكون كافياً . عاودتُ وناديتُ عليه وصحتُ خلفه بأن العدسة المعلقة فوق عمود الكهرباء قيل أنها لا تعمل ، فوقف وأدار وجهه لي وسألني عن أي عدسة أتكلم ؟

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :